بوتين يكثر من كتابة مقالات الرأي قبل الانتخابات الرئاسية

اعترف بـ«الفساد الممنهج» وغياب الرقابة والشفافية في عمل القضاء والأمن

TT

في إطار حملته الإعلامية استعدادا للانتخابات الرئاسية، كتب رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين مقال رأي جديدا نشرته أمس صحيفة «فيدومستي» الاقتصادية الروسية، طرح فيه أهمية مكافحة الفساد التي وضعها في صدر أولويات برنامجه السياسي. واستعدادا لانتخابات الرئاسة المرتقبة في 4 مارس (آذار) المقبل، يسعى بوتين إلى وضع خططه المستقبلية في وقت تزداد فيه الاحتجاجات ضده وضد النظام الذي يعتبر المتظاهرون أن عليه أن يواجه الفساد.

واعتبر بوتين أن روسيا بحاجة إلى اقتصاد جديد يقوم على أسس اقتصاد المعرفة، الذي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وأهمية تحسين المناخ اللازم لرجال الأعمال والاستثمارات، معتبرا أن ما طرحه الرئيس الحالي ديمتري ميدفيديف من مبادرات في هذا الشأن لم يحقق النتائج المرجوة.

وأشار بوتين في هذا الصدد إلى أن «الإصلاحات التي بدأتها روسيا في الأعوام الأخيرة بمبادرة من جانب الرئيس ميدفيديف، لتحسين المناخ الاستثماري لم تؤد إلى تقدم ملموس»، وهي التي كانت مدعوة إلى تشجيع أصحاب المال الروس على استثمار أموالهم في روسيا وجذب المزيد من الاستثمارات من الخارج. وانتقد بوتين عملية الخصخصة في روسيا في تسعينات القرن الماضي، فيما وصفها بـ«غير النزيهة»؛ وإن أشار إلى أنه يستبعد احتمالات إعادة النظر في نتائجها. وحذر رئيس الحكومة الروسية من مغبة مصادرة ما تم تمليكه من خلال عملية الخصخصة لأن ذلك قد يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد وشلل مؤسساته وارتفاع نسبة البطالة، على حد تعبيره.

وفي معرض البحث عن الحلول الناجعة لتوفير مثل هذا المناخ، قال بوتين إن هناك ضرورة لـ«تسمية الأشياء بأسمائها»، مشيرا إلى أن ما وصفه بـ«الفساد الممنهج» بما يعني ذلك من غياب للشفافية وعدم وجود الرقابة المجتمعية على عمل وأنشطة رجال الدولة بداية من مؤسسات الضرائب والجمارك ونهاية بمنظومة القضاء وأجهزة الأمن، هو العقبة الرئيسية التي تحول دون خلق مثل هذا المناخ الملائم للاستثمارات والعمل في روسيا. وقال بوتين إن هناك حاجة لإجراء تغييرات جذرية في جهاز الدولة بما في ذلك في قوام السلطتين التنفيذية والقضائية، مشيرا إلى وجوب «فك الارتباط» بين النيابة العامة وأجهزة الأمن والتحقيقات والنيابة والهيئات القضائية.

أما عن الحلول المثلى لمشكلات روسيا الاقتصادية في الفترة المقبلة، فقد وجدها بوتين في الاستثمارات الخاصة التي قال إنها مدعوة إلى إنشاء صناعات جديدة وتأمين فرص العمل الإضافية، معترفا بأن بلاده لا تزال بعيدة عن فرص الفوز في «معركة اجتذاب الاستثمارات»، على حد تعبيره.

وينشط بوتين من مقابلاته وتصريحاته الإعلامية خلال هذه الفترة. وكان بوتين قد نشر مقالين للرأي خلال الأسابيع الماضية؛ الأول حول «التحديات التي يجب أن تواجهها روسيا في المرحلة المقبلة» في صحيفة «إزفيستيا»، والثاني حول المسألة القومية التي اعتبرها المشكلة الرئيسية التي تهدد وحدة الدولة الروسية في صحيفة «نيزافسيمايا غازيتا» المستقلة.

وقد اعتبر المراقبون كثيرا مما ورد في هذا المقال، ومنه الذي يتعلق بالفشل في مكافحة الفساد وبناء الدولة العصرية، اتهاما مباشرا بالقصور من جانب خلفه ميدفيديف الذي كان وضع هاتين المشكلتين في صدارة المهام الرئيسية لولايته التي تشارف على الانتهاء، وإن كان بوتين سبق أن اعترف بنفسه قبيل رحيله عن منصبه في الكرملين عام 2008 بأن مشكلة الفساد كانت الوحيدة التي استعصت على الحل ولم يستطع إيجاد الحلول اللازمة لها خلال فترتي ولايتيه السابقتين.

وكانت صحيفة «فيدومستي» قد أشارت في معرض تعليقها على هذا المقال الذي اعتبرته برنامجا اقتصاديا للمرشح الرئاسي، وأضافت أنه بدا وكأنه تقرير من مساعد الرئيس يرفعه إلى رئيسه المسؤول؛ حيث تضمن كثيرا من الكلمات التي تشير إلى ذلك؛ ومنها كلمة «يجب»، التي وردت في المقال 32 مرة، إلى جانب كلمة «ضرورة» التي وردت 17 مرة. وتساءلت الصحيفة في ختام تعليقها عما كان يفعله بوتين خلال السنوات الماضية، وتبلغ في مجملها 12 عاما؛ قضى ثمانية منها في منصب الرجل الأول المسؤول عن إدارة البلاد.