تأمين وقود المولدات يرهق جيوب الغزيين

رئيس سلطة الطاقة في القطاع يرى أن حل الأزمة هو الربط بالشبكات العربية

TT

انتظر السائق بصبر لأكثر من عشرين دقيقة حتى فرغ العامل من تعبئة الغالونات التي كانت بحوزة الصبية الذين تقاطروا أمام محطة الوقود عند الطرف الشمالي لمخيم المغازي للاجئين، وسط القطاع. ورغم أن السائق كان قد وجد في المحطة قبل وصول الصبية، فإنه أبدى تفهما لتدافعهم قبله، حيث إن الشمس كادت أن تغرب، والتيار الكهربائي قد تم قطعه في المخيم، ويسارع هؤلاء الصبية إلى بيوتهم لملء المولدات بالبنزين وتشغيلها لتوفير الكهرباء لعوائلهم في ليالي الشتاء الباردة في القطاع.

تستخدم نسبة كبيرة من البنزين المصري الذي يتم تهريبه عبر الأنفاق إلى قطاع غزة، في تشغيل مولدات الكهرباء، ويزيد الطلب بشكل ملحوظ، على وجه الخصوص في الشتاء.

وأصبح شراء البنزين سببا لإرهاق جيوب الغزيين، بعد أن أصبح معظم العوائل الغزية يخصص مبالغ شهرية كبيرة لهذا الغرض لتشغيل المولدات ومن ثم المواقد الكهربائية في فصل الشتاء الذي تميز بالبرد غير المعتاد هذا العام. وقال غسان، المدرس في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيم المغازي لـ«الشرق الأوسط» إنه قرر تقنين تشغيل المولد، لتقليص كمية البنزين التي يشتريها شهريا، مشيرا إلى أنه يدفع مائتي شيقل (أي نحو 60 دولارا) لشراء هذه السلعة فقط.

وما يثير غضب الغزيين على نحو خاص أنهم يضطرون لشراء البنزين في الوقت الذي تقوم فيه حكومتا رام الله وغزة باقتطاع مبلغ من مرتبات الموظفين شهريا لتغطية شراء الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.

لهذا تجد أن القاسم المشترك بين البرامج المفتوحة التي تبثها محطات الإذاعة المحلية في قطاع غزة وتسمح فيها للناس للتعبير عن أنفسهم ورفع شكاويهم، هو التركيز على طرح مشكلة انقطاع التيار الكهربائي. ويصب المواطنون الغاضبون الذين يشاركون في هذه البرامج، جام غضبهم على الحكومتين في غزة ورام الله، ويطالبونهما بحل هذه الأزمة التي باتت تؤثر على كل مناحي الحياة في القطاع وتنذر بتداعيات كارثية على الجمهور الغزي. وما يثير استفزاز هؤلاء المواطنين حقيقة أن الحكومتين تقومان باقتطاع مبلغ 170 شيقلا (43 دولارا) من راتب كل موظف لتسديد فواتير الكهرباء.

وتساءل أحد المشاركين قائلا: «إذا كان هناك 80 ألف موظف يعملون لدى حكومتي رام الله وغزة، ويتم اقتطاع مبلغ 43 دولارا كل شهر، فهذا يعني ثلاثة ملايين وأربعمائة ألف دولار في الشهر.. ألا يكفي هذا لشراء الوقود اللازم لإنتاج الطاقة في محطة توليد الكهرباء. لكن المسؤولين عن قطاع الطاقة في قطاع غزة يشيرون إلى أن محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة تنتج فقط 35 في المائة من حاجة الغزيين للطاقة الكهربائية فقط، في حين أن أكثر من 50 في المائة تصل من قطاع غزة، وتسهم مصر بنسبة ضئيلة فقط».

ويرى كنعان عبيد نائب رئيس سلطة الطاقة في غزة أن حل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي يتمثل بربط قطاع غزة بشبكات الكهرباء العربية، مشيرا إلى أن الجامعة العربية وافقت بالفعل على ربط قطاع غزة بمنظومة الربط الإقليمي، كما أن هناك خيارا يتمثل بربط القطاع بالشبكة المصرية. ويتهم عبيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بإحباط إمكانية حل مشكلة الكهرباء في القطاع لأن الدول العربية تشترط ربط القطاع بالشبكات الإقليمية بموافقة عباس.

وفي ظل تبادل الاتهامات بين حكومتي غزة ورام الله، يظل الغزيون يدفعون ثمن تبعات تواصل الانقسام الداخلي.