استمرار الانفلات الأمني بسيناء يدفع المصريين للمطالبة بتعديل «كامب ديفيد»

السلطات وعدت «الموحدين» بالإفراج عن ذويهم نظير إطلاق صينيين مختطفين

TT

قالت مصادر أمنية مصرية إن السلطات وعدت خاطفي 25 صينيا ومرافقيهم في سيناء بإعادة محاكمة ذويهم المسجونين منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك، نظير إنهاء عملية الاختطاف التي انتهت بالفعل فجر أمس (الأربعاء). وأشارت هذه المصادر إلى أن الحادث يأتي ضمن سلسلة من حوادث الانفلات الأمني التي تعرضت لها سيناء في السنوات الأخيرة، ما يؤشر على هشاشة الأمن في شبه الجزيرة الفاصلة بين مصر وإسرائيل، ويدعو لتعديل اتفاقية كامب ديفيد. ويقول النظام الجديد في مصر إنه حان الوقت لإعادة النظر في بنود اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، الموقعة بعد حرب تحرير سيناء في سبعينات القرن الماضي، حيث تقيد بنود في الاتفاقية وجود الجيش المصري في سيناء، ما يعيق عمل السلطات المصرية في فرض السيطرة والأمن على الجزيرة الصحراوية الجبلية مترامية الأطراف.. وازدادت المخاوف من هشاشة الوجود الأمني المصري في سيناء بعد سيطرة حركة حماس، ذات التوجه الإسلامي المتشدد، على قطاع غزة المجاور لجانب من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية.

وأعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم «الموحدين من أبناء سيناء»، ذات علاقة بتنظيم «التوحيد والجهاد» الإسلامي المتشدد، مسؤوليتها عن العملية التي قالت إنها نفذتها للمطالبة بإطلاق سراح معتقلين ومدانين من أبناء سيناء في قضايا استهداف منشآت سياحية تعود لعامي 2004 و2006. وأمضى الصينيون المختطفون - إضافة إلى مترجمين مصريين وسائق حافلة - ساعات من الرعب والخوف، بعد أن تم اختطافهم. وكان الصينيون ومرافقوهم في طريقهم للعمل داخل أحد مصانع الإسمنت في القطاع الأوسط من شبه جزيرة سيناء.. وبعد نحو 20 ساعة تقريبا انتهت عملية الاختطاف بإطلاق سراح الصينيين فجر أمس. ويقول شهود عيان إن المنطقة التي جرى فيها احتجاز المختطفين كان يحيط بها العشرات من البدو الملثمين المسلحين بأسلحة رشاشة خفيفة وثقيلة مثبتة فوق شاحنات صغيرة، بالإضافة إلى مدافع «آر بي جي». ويقول مراقبون إن هذا المشهد يدلل على قدرة عناصر مسلحة على التحرك بحرية في سيناء، وقال مسؤول أمني في سيناء إن اتفاقية السلام مع إسرائيل لا بد أن تعدل حتى تتمكن السلطات المصرية من العمل من دون قيود على بسط سلطة الدولة هناك. وأعلن الخاطفون أن قيامهم بالعملية يأتي بسبب تجاهل أجهزة الأمن لمطالب بدو سيناء، والخاصة بالإفراج عن خمسة من الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية في قضية تفجيرات لمنشآت سياحية في طابا ونويبع عام 2004، والتي قتل وأصيب فيها العشرات من المصريين والإسرائيليين والأجانب، وأيضا للمطالبة بوقف تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل وفتح معبر رفح بشكل كامل بين مصر وقطاع غزة الذي تهيمن عليه حركة حماس.

وقام الخاطفون باحتجاز الصينيين ومرافقيهم كرهائن داخل خيمة بدوية في صحراء «لحفن» جنوب غربي العريش. وتم إطلاق سراحهم بعد مفاوضات تمت بين المجموعة المسلحة وبين قيادات أمنية كبيرة بشمال سيناء، حيث تم الاتفاق على إطلاق سراح سجناء البدو الخمسة خلال 15 يوما. وأوضح مصدر أمني أنه «يجري دراسة إعادة محاكمه المسجونين البدو المحكوم عليهم من أبناء سيناء». وتسلم مسؤول كبير بالسفارة الصينية بالقاهرة الرهائن الصينيين بعد أن وصلوا إلى مدينة العريش عاصمة سيناء الشمالية. وأكد مايا جيان سو، مستشار سفارة الصين بالقاهرة، أن ما حدث من احتجاز للصينيين هو مجرد حادث عارض لن يؤثر على العلاقات الصينية - المصرية المميزة في مختلف المجالات، وأعلن أثناء لقائه مع اللواء عبد الوهاب مبروك، محافظ شمال سيناء، أن ما حدث لن يؤثر أيضا على انتظام الجانب الصيني في العمل في مصنع الإسمنت بسيناء.

وقال أحد أفراد المجموعة البدوية (الخاطفة): «نحن أبناء سيناء من الموحدين نطالب بإخراج جميع المعتقلين من أبناء سيناء، وعلى رأسهم الشيخ محمد جايز وأسامة النخلاوي ويونس أبو جريط وبسام الحريري والشيخ محمد أبو رباع وجميع أبناء سيناء».

و«الموحدين» هي جماعة أسست من قبل تنظيم التوحيد والجهاد في سيناء الذي قالت عنه السلطات المصرية إنه وراء تفجيرات وقعت على منشآت سياحية في سيناء بين عامي 2004 و2006؛ إلا أن الجماعة تقول إن «القضية كانت ملفقة من جانب السلطات المصرية في النظام السابق». وبعد سقوط نظام حسني مبارك، نفذ متشددون إسلاميون عمليات كان من بينها تفجير خط الغاز المصري المتجه إلى الأردن وإسرائيل، ما لا يقل عن تسع مرات.