الشارع المصري في قبضة الخوف

بعد تصاعد أعمال السطو والبلطجة في البلاد

TT

فرضت حالة من الخوف نفسها بقوة على الشارع المصري، وانتشر الحديث عن قصص السطو وأعمال البلطجة بين الأسر المصرية بكل طوائفها، خاصة بعد موجة من الجرائم المتلاحقة التي شهدتها البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، ويرى متابعون أنها ستزداد في الأيام المقبلة، وأن بعضها، خاصة عمليات السطو على البنوك، يرقى إلى مستوى الجريمة المنظمة، ويمثل تحديا للجهود الأمنية التي تبذل حاليا لعودة الاستقرار للبلاد، لكنهم يرهنون هذه العودة باستقرار الأوضاع السياسية التي تشهد اضطرابا بين شتى القوى والتيارات السياسية.

بعين رجل الشارع المخضرم يلخص «العم فتحي»، بائع فاكهة متجول بحي المهندسين بالجيزة حالة الخوف هذه متسائلا «إيه اللي جرى في البلد؟»، مجيبا على نفسه: «البلطجية مش محترمين حد، والوضع متسيب، وكل ساعة حادثة جديدة». يقطن العم فتحي في قرية على أطراف القاهرة، ويقول: لازم أنهي عملي بدري قبل الليل.. أنا بخاف من البلطجية يستولوا على رزقي».

ويعقب أحمد حامد، مندوب مبيعات، بغضب على ما أكده وزير الداخلية المصري من أن أولوياته استعادة الأمن بالبلاد، متسائلا «أين هذا الأمن؟ السطو المسلح انتشر بعد إلغاء قانون الطوارئ، نعيش حالة فوضى، ولا نعرف إلى أين ستسير الأمور بنا».

وحرّمت فتوى دينية أطلقها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بالأمس، قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس ووقف القطارات والسفن وتعطيل عمل المؤسسات؛ واعتبرتها «مخالفات شرعية جسيمة لا يرضاها الله ولا رسوله ولا المؤمنون».

وهي الفتوى التي استقبلها الستيني الحاج حمدي، بقوله: «ربنا يستر على مصر.. المخربون يجب أن يطبق عليهم حد الشريعة».. ولا يخفي ما يعتريه من خوف هو وزوجته المسنة من تعرضهما للسرقة مع وجودهما بمفردهما في منزلهما.

وتعرضت دار مسنين بمنطقة حلوان أمس لسطو مسلح، بعد أن اقتحم مجهولون الدار واستولوا على ما بها من مبالغ مالية.

يعود بائع الفاكهة للحديث، مشيرا إلى أن حل الانفلات بأن «يكون فيه حكومة من حديد.. ما خربش الدنيا إلا هبوط (تراجع) الداخلية». لكن حاتم عبد الله، طالب جامعي، قال وهو يمسك بكلب حراسة: «تعرضت سيارتي للسرقة، هناك انفلات أمني سببه المعتصمون بميدان التحرير، ما جعل مصر في حالة عدم استقرار».. لافتا إلى أنه اشترى كلبه لتأمين نفسه ومنزله.

فيما اكتفى نادر، البائع المتجول، بالتعليق على ما يحدث من جرائم بترديده كلمات إحدى الأغنيات الشعبية الشهيرة «الدنيا خربانة.. يا عم خربانة».

الخبير النفسي الدكتور عمرو أبو خليل، يرى أن «ما يشهده الشارع المصري حاليا هو إعلاء وإعادة لمسلسل التخويف الذي شهدته مصر في نفس التوقيت العام الماضي»، ويتابع: «ليس لدينا على أرض الواقع إحصائيات عن هذه الجرائم تؤكد أو تنفي عودتها كظاهرة، وما يحدث هو تخويف الناس بنفس السياسة القديمة».

ويشير إلى أنه لم يتم الإعلان عن حالة عنف واحدة مع انتخابات مجلس الشورى على مدار يومين في 13 محافظة، متابعا: «الأمن استطاع أن يؤمن سير الانتخابات، لكنه في الوقت نفسه عجز عن وضع تأمين للمؤسسات المالية، مما يضع أمامنا الكثير من علامات الاستفهام».

ويشير الدكتور سمير نعيم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى أن الانفلات الأمني والفوضى الحالية هي حالة غير مسبوقة، لكنه يستبعد أن تكون هذه الجرائم تدخل تحت نطاق الجريمة المنظمة، فهي لا تتم على سبيل المثال على غرار عصابات المافيا، مبينا أن هذه الجرائم يمكن أن نطلق عليها «الجريمة المدبرة، أي التي يتم تدبيرها سياسيا».