«إسلاميو» مصر يقررون انتخاب مرشح «إسلامي» لرئاسة الجمهورية

رفضوا «مواءمة» الإخوان ودعوا لاقتناص الفرصة التاريخية

نواب التيارات الإسلامية أصبحوا يشكلون مجتمعين الأغلبية المطلقة تحت قبة البرلمان رغم اختلاف الرؤى والتوجهات (أ.ب)
TT

يبحث إسلاميو مصر، من غير قادة جماعة الإخوان المسلمين، عن مرشح إسلامي توافقي لانتخابه رئيسا للجمهورية، في أول انتخابات بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، الذي جلس على كرسي الحكم ثلاثين عاما، حتى أجبر على التنحي في 11 فبراير (شباط) الماضي.

ويفاضل أنصار التيار الإسلامي بين ثلاثة مرشحين محتملين أعلنوا عزمهم خوض الانتخابات حتى الآن، وهم الإخواني السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والشيخ السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل، والمفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا، وتجري عدة اتصالات ومفاوضات حاليا بين عدد من قادة الإسلاميين للاتفاق على مرشح رئاسي إسلامي واحد منهم.

وكانت جماعة الإخوان، التي يحوز حزبها، الحرية والعدالة، على 47% من مقاعد البرلمان، قد أعلنت رفضها المطلق تقديم مرشح رئاسي من بين أفرادها، كما رفضت دعم أي مرشح محسوب على التيار الإسلامي، وقال مرشدها العام الدكتور محمد بديع في حوار سابق: «إن الجماعة ستدعم مرشحا توافقيا غير محسوب على تيار بعينه، لم تستقر عليه حتى الآن». باعتبار أن أي رئيس محسوب على التيار الإسلامي لن يناسب مصر حاليا في ظل المخاوف من صعود الإسلاميين واحتكارهم للسلطة.

لكن الكثير من التيارات الإسلامية، وعلى رأسهم السلفيون، أصحاب المركز الثاني من حيث الأغلبية في البرلمان، إضافة إلى قطاع عريض داخل الإخوان في المستويات غير القيادية، رفضت هذا التوجه. وأكدت تلك التيارات أن تقديم مرشح إسلامي للرئاسة هو فرصة يجب اقتناصها بعد أن حرموا من تولي أي مناصب خلال العقود السابقة، معتبرين أن «مواءمة الإخوان السياسية» في غير محلها ولا تعبر عن توجه الشارع المتدين الذي انتخب الإسلاميين في البرلمان.

ودشنت مجموعة من شباب الإخوان صفحة على موقع «فيس بوك» تحت عنوان «أنا إخوان وهانتخب مرشح إسلامي»، وقالوا فيها: «نحترم فضيلة المرشد، لكن سننتخب رئيسا إسلاميا»، بينما أكد آخرون، ينتمون إلى الجماعة أيضا، أنهم يعتزمون التصويت لأبو الفتوح رغم قرار الجماعة، لأنهم يرون أنه الأجدر لرئاسة مصر.

يقول الدكتور إبراهيم الزعفراني، وكيل مؤسسي حزب النهضة، أحد قياديي الإخوان السابقين: «أرفض استبعاد أي أحد.. كفانا إقصاء، علينا أن نترك الجماهير هي التي تختار الأصلح لبلدها». ورفض كلام المرشد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كلامه يتوافق مع عصر ما قبل الثورة.. اتركوا الوصاية، نحن نريد رئيسا كفؤا بصرف النظر عن توجهه، هذا الفكر نتاج خلفية غير ثورية».

وتوقع الزعفراني أن ينسحب مرشحان من الثلاثة المطروحين حاليا، وأن تكون فرصة أبو الفتوح ليمثل التيار الإسلامي الأكبر، كما أنه توقع أن يصوت له عدد كبير من جماعة الإخوان.

كما أعلن الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دعمه لأبو الفتوح وقال: «هو الأقرب والأنسب للرئاسة عن باقي المرشحين».

أما رئيس حزب العمل (الإسلامي)، مجدي حسين، ففسر الوضع قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «موقف الإخوان يعبر عن اتفاق مع المجلس العسكري من أجل تطمينهم بأنهم لا يريدون الاستئثار بالسلطة»، لكنه رفض ذلك الموقف قائلا: «نحن في ثورة، والثورة لا بد فيها من حسم قضية السلطة بشكل سريع»، وتوقع أن تكون فرص المرشحين الإسلاميين سانحة «حال اتفاق باقي التيارات الإسلامية على مرشح واحد». من جهتها تتجه «الدعوة السلفية» إلى الإعلان عن دعم الشيخ صلاح أبو إسماعيل، وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» داخل ما يسمى «مجلس شورى العلماء»، وهي هيئة من كبار مشايخ السلف: «إن دعم الهيئة لمرشح إسلامي أمر غير قابل للمساومة، وإن الأقرب سيكون أبو إسماعيل».

ويقول القيادي السلفي الدكتور راغب السرجاني في إحدى خطبه الدينية: «هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية.. يمكن للأمة أن تتغير تماما إذا استطاعت أن تلتقط هذه الفرصة الذهبية». وأوضح السرجاني: «بعض الناس يرون أن حكم البلاد إسلاميا سيكون بالتدرج.. وأنا أقول إننا نحاول أن ندخل الانتخابات بقوة لنحصل على الحكم الآن، فالتدرج ينفع في أمور كثيرة لكن ليس في هذا الأمر». وتابع: «التدرج في اقتناص فرصة حكم للإسلاميين أمر خطير للغاية.. لأنها تأتي فرص سريعة خاطفة إن لم تلتقف ضاعت ولا تعوض».

وتصدر أبو إسماعيل استفتاء أعدته صفحة «كلنا خالد سعيد» على فيس بوك، بحصوله على أكثر من 51 ألف صوت، بينما حل أبو الفتوح ثانيا بأكثر من 36 ألف، وجاء عمرو موسى ثالثا بـ7 آلاف صوت.

وأطلق شباب إسلاميون حملة على الإنترنت تحت اسم «توحيد الصف - للاتفاق على مرشح رئاسي إسلامي واحد»، مناشدين المرشحين الثلاثة الاتفاق في ما بينهم على مرشح واحد ذي برنامج انتخابي يكون أساسه الشريعة الإسلامية حتى لا تتفتت الأصوات.

لكن الدكتور رشاد بيومي نائب مرشد الإخوان، فرّق بين مرشح ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي، ومرشح تكون مرجعيته إسلامية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أن تكون مرجعيته إسلامية هذا ما نرحب به، لكن أن لا يكون منتقيا من الإخوان أو السلفيين حتى نبدد بعض المخاوف التي بدأ بعض الناس في ترديدها داخليا وخارجيا». وقال بيومي: «حتى الآن الجماعة لم تناقش اسم أي مرشح، لكن من كان من الجماعة ولم يلتزم بقرارها بعدم ترشيح رئيس لن ندعمه»، في إشارة لأبو الفتوح. وختم قائلا: «لو خالفت الجماهير وجهة النظر فأهلا وسهلا.. اختيارات الناس ليس لنا فيها شيء، ونرجو أن يظهر مرشح جديد أفضل».