تبدل مواقع القوى السياسية يفاقم معضلة انتخابات الرئاسة المصرية

«الاستشاري» رفع توصياته لـ «العسكري» ونواب البرلمان يقدمون مقترحات

TT

فاقم تبدل مواقع القوى السياسية معضلة انتخابات الرئاسة في مصر، والتي بدت أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية، منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس (آذار) الماضي.. ويدور الخلاف اليوم حول تبكير موعد تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب، وبعد أن عارضت قوى ليبرالية ويسارية انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل صلاحيات كبيرة تضمنها الإعلان الدستوري المعمول به حاليا، تراجعت هذه القوى الآن عن تحفظها مبررة موقفها بقولها إن «بقاء المجلس العسكري أكثر كلفة سياسية من وجود رئيس مدني واسع الصلاحيات». وتفجرت مظاهرات في ذكرى الثورة للمطالبة بانتقال فوري للسلطة، واستندت شعارات رفعتها المسيرات الحاشدة التي جابت شوارع العاصمة المصرية حتى أمس، إلى الاستفتاء الدستوري الذي جرى في 19 مارس الماضي، ونص على انتخاب الرئيس قبل وضع الدستور، وهو ما قابلته جماعة الإخوان المسلمين بالرفض، وأكدت الجماعة التي حازت أكثرية في البرلمان، تمسكها بتنفيذ خارطة الطريق التي أعلنها المجلس العسكري الحاكم في البلاد.

ويقول أكرم السيد وهو شاب يساري: «إن الإخوان المسلمين ظلوا يرددون نغمة احترام الإرادة الشعبية طوال الشهور الماضية ويتوعدون كل من يرغب في تصحيح مسار الثورة بهذه الحجة.. هم الآن أمام اختبار لمصداقيتهم.. الإرادة الشعبية المعبر عنها في الاستفتاء اختارت أن يتم اختيار الرئيس أولا.. فماذا هم فاعلون؟!».

ولفت السيد إلى أن تغيير مواقف القوى الليبرالية واليسارية جاء بعد شعور هذه القوى بأن المجلس يرغب في أن تكون له اليد العليا أثناء وضع الدستور، وتابع بقوله: «شهدنا أكثر من محاولة للدفع بمواد تحصن المجلس العسكري، وهذا أمر خطير».

من جهتها، تقول جماعة الإخوان التي أعلنت عزمها عدم الدفع بأي مرشح على المنصب الأرفع في البلاد، إنها لا تقف حائلا دون الإسراع في تسليم السلطة، لكنها تتحفظ على تجاوز الدستور والقانون. ودخل نواب البرلمان على خط الأزمة، وتقدم ثلاثة من نواب البرلمان، يمثلون توجهات مختلفة بمشاريع لقانون انتخابات الرئاسة، وبدا الخلاف واضحا بعد أن دعا النائب عمرو حمزاوي في مشروعه لتبكير الموعد المحدد ليصبح تسليم السلطة منتصف أبريل (نيسان)، فيما دعا نائب من التيار السلفي إلى تأخير موعدها حتى نهاية يوليو (تموز)، بعد موعدها المعلن بشهر.

ويقول مراقبون إن تركيبة البرلمان الحالية ربما تعرقل صدور القانون في الموعد الذي يسمح بتحقيق المستهدف من الدفع بهذه المشاريع وهو تبكير الموعد، لكن البرلماني السابق ممدوح قناوي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر ربما لا يتطلب أكثر من ثلاث جلسات لتمرير قانون جديد، ويمكن أن يصدر في منتصف الشهر الحالي.

وأعلن المجلس العسكري توقيتات الانتخابات الرئاسية بحيث يتم فتح باب الترشيح منتصف أبريل (نيسان) المقبل، على أن تجرى الانتخابات في يونيو (حزيران)، ويتم تسليم السلطة للرئيس المنتخب مطلع يوليو.

وكان المجلس العسكري قد أصدر على نحو مفاجئ مرسوما بقانون انتخابات رئيس الجمهورية قبل أربعة أيام من انعقاد أولى جلسات الغرفة الأولى في البرلمان (مجلس الشعب)، وهو ما اعتبره النواب «مخالفة للأعراف الديمقراطية». ووضع تمرير القانون القوى الإسلامية المهيمنة على مجلس الشعب الذي انتقلت إليه سلطة التشريع في حرج بالغ، وهو الأمر الذي عزز موقف المطالبين بسرعة انتقال السلطة للمدنيين، بحسب المراقبين.

ويقول مناوئون لاستمرار بقاء المجلس العسكري في السلطة حتى مطلع يوليو المقبل بحسب ما هو معلن، إن المجلس العسكري أدخل تعديلات على النصوص التي تم استفتاء الشعب عليها.

وكانت قيادات بالمجلس العسكري قد أعربت في وقت سابق عن اعتقادها بأن موافقة المصريين على التعديلات الدستورية بمثابة استفتاء على شرعية المجلس العسكري نفسه، كما لوحت في نهاية العام الماضي باللجوء إلى استفتاء جديد حول موقف المصريين من الإسراع في تسليم المجلس العسكري السلطة للمدنيين.

وفيما تتزايد شكوك القوى الثورية بشأن وجود إرادة سياسية لدى القادة العسكريين في تسليم سلطة ظلت حكرا عليهم طوال العقود الستة الماضية، تضاربت الأنباء حول توصية المجلس الاستشاري المعاون للمجلس العسكري بشأن إمكانية تبكير موعد الانتخابات الرئاسية.

من جهته، قال سامح عاشور نائب رئيس المجلس الاستشاري لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس (الاستشاري) رفع بالفعل مقترحه إلى المجلس العسكري، مشيرا إلى أن «أعضاء المجلس الاستشاري قرروا أن تظل فحوى المقترح بعيدة عن وسائل الإعلام».

وأضاف عاشور أن المقترح لا يتجاوز المنصوص عليه في الإعلان الدستوري، وهو ما يعني أن يتم تبكير موعد الانتخابات الرئاسية، مع الحفاظ على وضع دستور البلاد الجديد قبل تسليم السلطة للرئيس الجديد. ويعلق مراقبون بقولهم إن هذا المقترح ربما يدفع إلى تبكير موعد تسليم السلطة لشهر على الأكثر.. لكن من غير الممكن الانتهاء من انتخابات الشورى وتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور قبل شهر مايو (أيار) المقبل.