تقرير لحلف الأطلسي يتهم باكستان بدعم طالبان

باكستان تنفي ووزيرة خارجيتها: كابل بالنسبة لبلادنا أهم عاصمة في العالم

وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني بمعية نظيرها الأفغاني زلماي رسول أثناء استقباله لها في كابول أمس (إ.ب.أ)
TT

أثار تقرير يصدره حلف شمال الأطلسي وسربت الصحافة بعضا منه مخاوف غربية وأفغانية وردود أفعال غاضبة في باكستان، واتهم التقرير الاستخبارات الباكستانية بدعم حركة طالبان أفغانستان، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومتان الباكستانية والأفغانية إلى المصالحة في كابل. وحيال غضب إسلام آباد قللت قوة الحلف الأطلسي في أفغانستان (ايساف) من شأن التقرير، مؤكدة أنها تجمع شهادات لطالبان وأنها لن تستنتج أي شيء منه. وجاء في التقرير أن ضباط الاستخبارات الباكستانية «يؤكدون ضرورة مواصلة الجهاد وطرد الغزاة الأجانب من أفغانستان»، ما قد يحرج نشره من قبل وسائل الإعلام البريطانية وزيرة الخارجية الباكستانية خلال زيارتها لأفغانستان. وبحسب التقرير تعلم باكستان واستخباراتها مكان وجود أكثر من ثمانية من قادة طالبان، والذي هو بحسب «بي بي سي» ثمرة 27 ألف عملية استجواب لأكثر من أربعة آلاف سجين من طالبان و«القاعدة» ومقاتلين ومدنيين أجانب. وردّت إسلام آباد بغضب على هذه المعلومات، ووصف عبد البسيط المتحدث باسم الخارجية الباكستانية هذه الاتهامات بأنها «تافهة».

وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية: «ننتهج سياسة عدم التدخل في أفغانستان». وأضاف أن باكستان «التي عانت كثيرا من النزاع الأفغاني» تدعم «عملية المصالحة في أفغانستان التي يقودها أفغان» لأنه «من مصلحة باكستان أن يعم الاستقرار والسلام أفغانستان». وحيال استياء إسلام آباد حاولت قوة «إيساف»، التي تضم أساسا جنودا أميركيين، تهدئة الموقف. وصرح المتحدث باسم «إيساف» اللفتنانت-كولونيل جيمي كامينغز للصحافة الفرنسية بأن «التقرير جمع آراء وأفكار سجناء من طالبان وعلينا أن لا نستخلص النتائج استنادا إلى تعليقات طالبان». وأضاف: «من الواضح أنه يجب عدم استعماله كتفسير لتقدم الحملة» العسكرية. وأضاف التقرير أن «قوة» و«تصميم» و«تمويل» و«قدرة» طالبان «لم تتأثر» رغم «توجيه ضربات قاسية في 2011» إلى هذه الحركة. ويستعد «الكثير من الأفغان» بمن فيهم أعضاء في الحكومة إلى «عودة محتملة لطالبان» إلى الحكم.

ويتوقع أن تلتقي وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني الرئيس الأفغاني حميد كرزاي. وأفادت الخارجية الأفغانية بأن هذه الزيارة يتوقع أن «تفتح صفحة جديدة في علاقات التعاون بين البلدين». وتعلن كابل صراحة اشتباهها في دعم باكستان لحركة طالبان الأفغانية التي تملك قواعد خلفية في المناطق القبلية الحدودية، التي يشاع أن قيادتها العليا برئاسة الملا عمر موجودة في منطقة كويتا في جنوب شرقي باكستان.

وتأتي زيارة الوزيرة الباكستانية بعد موافقة بلادها على استئناف المحادثات مع أفغانستان حول طالبان، التي انقطعت بعد اغتيال الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني، الذي عينه كرزاي لقيادة المفاوضات مع طالبان، في كابل في سبتمبر (أيلول). واتهمت كابل على الأثر إسلام آباد بالوقوف وراء اغتيال رباني. وباكستان التي لها حدود مشتركة مع أفغانستان تمتد على أكثر من 2500 كلم، اعترفت ودعمت نظام طالبان الحاكم بين 1996 و2001. واستعادت طالبان التي طردها من الحكم تحالف دولي بقيادة واشنطن خلال أسابيع في نهاية 2001، أنشطتها اعتبارا من 2005 ووسعت عملياتها لتشمل ثلثي الأراضي الأفغانية.

وقللت وزيرة الخارجية الباكستانية الأربعاء من قيمة تقرير مسرب منسوب إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) يتهم بلادها بدعم مسلحي حركة طالبان الأفغانية. وقالت هينا‏ ‏رباني للصحافيين خلال زيارتها التي تستمر يوما واحدا للعاصمة الأفغانية: «لا أعتقد أن هذه المزاعم جديدة، فقد تردد هذا الكلام لسنوات طويلة». وقالت: «أعتقد أن بإمكاني مجرد غض الطرف عن هذا على أساس احتمال أن يكون تسريبا استراتيجيا، أو غير ذلك». وأوضحت أن الهدف من الزيارة هو إرسال رسالة قوية إلى كابل والعالم بأسره مفادها أن باكستان ستظل تدعم أي مبادرة تتخذها أفغانستان في ما يتعلق بمحادثات السلام مع متمردي طالبان. وأضافت رباني في مؤتمر صحافي في كابل: «ليس لدينا أي أهداف خفية في أفغانستان».

وأضافت الوزيرة التي وصلت صباح اليوم إلى كابل للقاء نظيرها الأفغاني زلماي رسول والرئيس حميد كرزاي: «الطريق إلى الاستقرار في هذه المنطقة يمر بكابل. ونعتبر أن أي تهديد لاستقلال وسيادة أفغانستان هو تهديد لوجود باكستان».

وكانت الدبلوماسية الأفغانية اعتبرت الأحد أن زيارة رباني «ستفتح صفحة جديدة في علاقات التعاون بين البلدين». وقد اتهمت كابل كثيرا في الماضي جارها الباكستاني بدعم حركة طالبان الأفغانية، وخصوصا بتوفير الملاذ لها في المناطق القبلية الواقعة في الجانب الآخر من الحدود بين البلدين. وقالت الوزيرة الباكستانية: «ليس هناك أدنى شك في أن كابل تعتبر بالنسبة لباكستان أهم عاصمة في العالم. وعلى باكستان وأفغانستان النظر إلى الأمام لبناء علاقة تقوم على الثقة».

من جانبه قال رسول إن «باكستان تلعب دورا رئيسيا في عملية السلام الأفغانية. وآمل أن يستمر تعاونها وأن تكون هذه الزيارة (للوزيرة الباكستانية) فاتحة علاقات طيبة بين بلدينا»، مشددا على أنه «لا سلام في المنطقة دون تعاون إقليمي جاد».

ويشير تقرير حلف شمال الأطلسي عن طالبان الذي نشرته صباح الأربعاء الـ«بي بي سي» والـ«تايمز» البريطانيتان إلى أن ضباط أجهزة الاستخبارات الباكستانية «يؤيدون استمرار الجهاد (الذي تقوم به طالبان) وطرد الغزاة الأجانب من أفغانستان»، أي قوات حلف شمال الأطلسي الحليفة لحكومة كابل.

وفي السنوات الأخيرة اتهمت باكستان بانتظام من قبل كابل وشركائها في الحلف الأطلسي بأنها تلعب لعبة مزدوجة وتدعم قسما من المتمردين لاعتماد «استراتيجية» في أفغانستان والتصدي لنفوذ الهند.

ومطلع يناير (كانون الثاني) وافقت طالبان على فتح مكتب تمثيل في قطر للتفاوض مباشرة مع واشنطن. كما يتوقع فتح قناة تفاوض ثانية في السعودية بضغط من الحكومة الأفغانية التي ترى أنها استبعدت من مفاوضات قطر.