قوات الأمن تحاصر المساجد في دمشق «بعتاد كامل» منعا لخروج المظاهرات

ناشطون: الدبابات تقتحم حرستا وسط إطلاق نار وسماع دوي انفجارات

مظاهرات المسيرة ضد النظام السوري في جمعة «عذرا حماه» أمس (أوغاريت)
TT

لم يمنع ارتفاع وتيرة العنف في سوريا، بالتزامن مع دخول النظام السوري مرحلة الحسم العسكري لقمع حركة المتظاهرين، آلاف السوريين من الخروج أمس في مظاهرات دعت إليها المعارضة السورية في جمعة «عذرا حماه سامحينا»، في إطار إحياء ذكرى مجزرة حماه بعد ثلاثين عاما من التزام الصمت «المخزي»، على حد وصف ناشطين سوريين.

وفي محاولة لمنع خروج المظاهرات، حاصرت قوات الأمن السوري الجوامع والمساجد منذ ساعات الصباح، في ظل انتشار أمني غير مسبوق وحملات مداهمة واعتقالات عشوائية، كما فتحت النار على المتظاهرين في عدد من المناطق السورية في محاولة لتفريق المتظاهرين.

وأحصت لجان المعارضة السورية عصر أمس مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا برصاص الأمن، لا سيما في حلب وريف دمشق. وذكرت لجان التنسيق السورية أن مظاهرات خرجت في القامشلي وحمص وإدلب وريف دمشق وريف حماه ودير الزور. أما في العاصمة دمشق، وعلى الرغم من الاستنفار الأمني الكثيف منذ أيام في شوارعها وساحاتها العامة وأحيائها، فقد خرجت مظاهرات عقب صلاة الجمعة أمس في عدد من أحياء المدينة. ففي حي القدم، ردد المتظاهرون صباحا شعارات تندد بمواقف روسيا والصين في مجلس الأمن، وبدعمهما لنظام الرئيس السوي بشار الأسد، في وقت أفادت فيه «لجان التنسيق المحلية» بأن «قوات أمن بعتاد كامل حاصرت جامع القدم الكبير بعد صلاة الجمعة لمنع خروج أي مظاهرة منه».

وشهد حي السيدة زينب انتشارا كثيفا لقوات الأمن، التي نفذت حملة اعتقال واسعة طالت عددا كبيرا من المارة. أما في حي المزة، فقد انطلقت مظاهرة بعد صلاة يوم الجمعة، هتفت لحماه وشهدائها، قبل أن تهاجمها القوى الأمنية بأعداد كبيرة وتشن حملة اعتقالات في صفوف المتظاهرين. وأفاد ناشطون بأن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين في حي نهر عيشة.

وقال ناشطون إن قوى المخابرات الجوية التي تتولى تنفيذ العمليات الأمنية في ريف دمشق، اقتحمت يوم أمس مدينة داريا، وحاصرت غالبية المساجد، وذلك بعد أسبوع خرجت فيه العديد من المظاهرات في المدينة لا سيما يوم الخميس الذي خرجت فيه ثلاث مظاهرات كبيرة طلابية ونسائية ومسائية. وقال الناشطون إنه وقبل خروج المصلين من المساجد يوم أمس بدأت قوات الأمن بإطلاق عشوائي للرصاص طال بعض الأبنية، مما أدى لسقوط ستة أشخاص على الفور وإصابة أكثر من ثلاثين شخصا بينهم إصابات بليغة. كما تم اعتقال أكثر من خمسين شخصا، وذلك بعد أن قام الشبيحة بشتم المصلين في أحد المساجد واحتجازهم لأكثر من ساعة في الشارع.

ولا تزال مناطق ريف دمشق أشبه بالمناطق المنكوبة، وقال ناشطون إن دبابات اقتحمت مدينة حرستا وسط إطلاق نار وسماع دوي انفجارات. وقالت مصادر محلية إن قوات الأمن وبشكل مبكر حاصرت مساجد حرستا والمعضمية والقابون لمنع التظاهر، بينما خرجت مظاهرات في أحياء كفر سوسة والمزة وركن الدين والقدم والميدان والعسالي وبرزة، وسمع دوي قنبلة صوتية على الأوتوستراد في حي نهر عيشة، وجرى تفريق المظاهرات بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع. وقالت مصادر محلية إن العديد من الدبابات تمركزت في الشوارع الرئيسية في المدينة، وفي سقبا تمت محاصرة كل المساجد، مع تحليق للطيران الحربي في أجواء البلدة، لفرض حالة من الهدوء الحذر. وقال ناشطون إن أهالي سقبا رغم الحصار وشح المواد الغذائية والطبية رفضوا معونات قدمها المحافظ للأهالي للظهور على شاشات الإعلام الرسمي والقول إن الوضع طبيعي، وإن أهالي سقبا يطالبون الرئيس بالحسم العسكري. وأكد الناشطون أن من ظهروا في سقبا على شاشات إعلام النظام هم من الموالين للنظام ولا يمثلون أهل سقبا. وفي بلدة رنكوس، أعلن عن مقتل شخصين برصاص القوات النظامية الموجودة هناك.

وفي خطوة جديدة من نوعها، دعت قوات الجيش في إنخل قرب درعا، كل من هم دون الـ50 عاما، إلى عدم التوجه لأداء صلاة الجمعة، وفق ما نقلته «لجان التنسيق المحلية» في سوريا، التي أفادت عن حصار قوات الأمن السوري للمساجد في درعا بهدف منع خروج المظاهرات.

وفي بلدة جاسم المجاورة، خرج المتظاهرون مطالبين بإسقاط النظام، متحدين عناصر الأمن الذين باشروا بحملات مداهمات واعتقالات عشوائية منذ ساعات الصباح الأولى.

وفي منطقة حوران، شهدت بلدة نوى إطلاق رصاص كثيف، في الأحياء الشمالية منها، طال بيوت الأهالي العزل، بهدف منع التجول ومنع الناس من الذهاب لصلاة الجمعة، كما أكد ناشطون في البلدة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «ثمانية عناصر في الجيش النظامي السوري قتلوا أمس في اشتباكات مع مجموعة جنود منشقة في بلدتي كفر شمس ونوى».

وفي داريا، فتحت قوات الأمن النار على إحدى المظاهرات التي انطلقت في المدينة، في موازاة انتشار كبير لعناصر الجيش والأمن في محيط المسجد الكبير ومسجد الحسن وحصار مسجد الشيخ جابر مع انتشار للقناصة على أسطح الأبنية في القابون. وفي دوما، فرقت قوات الأمن بالرصاص المتظاهرين الذي تجمعوا في ساحة الحرية، أمام الجامع الكبير. وفي داريا، ذكرت «لجان التنسيق» أن «ثلاثة جنود منشقين قتلوا برصاص الأمن السوري أمس». وفي حين انتشرت الدبابات في شوارع سقبا وساحاتها أمس، شهدت مدينة قطنا انتشارا أمنيا كثيفا، حيث أقيمت حواجز أمنية في أماكن عدة في المدينة قامت بتفتيش المارة وإغلاق بعض الشوارع.

وفي حمص، أحصت صفحة «الثورة السورية» قرابة ثلاثين نقطة تظاهر أمس، وذكرت أن قوات الأمن أطلقت النار بكثافة لتفريق مظاهرة حاشدة خرجت في مدينة تلكلخ. أما في اللاذقية، فقد شارك أهالي حي العوينة في مظاهرة كبرى، وصدحت حناجرهم مطالبة بالحرية، بالتزامن مع مظاهرة أخرى خرجت من جامع عبادة، في محاولة لجذب عناصر الأمن بعد أن فرضوا حصارا خانقا على المصلين في جامع الصوفان.

وفي الصليبة، ذكر ناشطون أن «عناصر من الأمن والشبيحة انتشروا بكامل أسلحتهم في الصليبة قبل الأذان، حيث تمت محاصرة جامع الفتاحي قبل توافد المصلين إليه، في ظل انتشار مماثل أمام عند جامع بيرقدار. ولفتوا إلى أن عددا من سيارات الأمن وباصا مليئا بالشبيحة انتشر في ساحة الرمل الجنوبي، في موازاة وجود أمني كثيف عند جامع المهاجرين وفي الأزقة».

وفي إدلب، أدى قصف قوات جيش النظام عشوائيا لقرية أورم الجوز واستهدافهم لمدرسة وصيدلية طبية في القرية إلى إصابة عدد من المواطنين بجروح، إصابات بعضها خطيرة جدا. وفي الريف الجنوبي في إدلب، انطلقت مظاهرات في خان شيخون والهبيط ومدايا والركايا وكفر سجنة وموقا وحيش ومعرزيتا وجبالا ومعرتماتر ومعرة حرمة والشيخ مصطفى والنقير وترملا وكرسعة وكفرعين. وأظهر شريط فيديو، بثه ناشطون على موقع «يوتيوب»، مظاهرة في بلدة إسقاط، أقدم عدد من المشاركين فيها على إحراق العلم الروسي، احتجاجا على الموقف الروسي في مجلس الأمن الدولي.