الحمويون يحيون ذكرى مجزرة بلدتهم رغم الحصار

وصية كبار السن للشباب: «أكملوا ثورتكم كي لا تعيشوا حياة الذل التي عانيناها 30 عاما»

TT

بعد ثلاثين عاما من الصمت، أطلق الحمويون يوم أمس العنان لـ«ذاكرتهم»، مستعيدين الأحداث الدامية والمجزرة التي أودت بحياة نحو 40 ألفا من أفراد عائلاتهم. وإذا كانت مظاهرات يوم الجمعة التي عمت مناطق سورية عدة وذهب ضحيتها 6 قتلى، مهداة إلى حماه وللاعتذار من أبنائها، فإن أبناءها صغارا وكبارا، كانوا أول من حمل هذا اللواء، متوعدين بإكمال مسيرة الثورة وعدم السكوت على غرار ما فعل آباؤهم وأجدادهم. مع العلم أن أبرز المشاركين في إحياء هذه الذكرى الذين تولوا استذكار مآسيها، كانوا كبار السن والذين شارك عدد كبير منهم ولأول مرة في المظاهرات منذ بدء الثورة السورية في 15 مارس (آذار) الماضي، وقتل منهم رجل يبلغ من السن 50 عاما في حي الكرامة. وكانت التحضيرات لإحياء هذه الذكرى قد بدأت في مناطق حماه وأحيائها منذ مساء يوم الخميس، بحسب جوزيف الحموي، عضو مجلس قيادة الثورة في حماه، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة الأمنية التي كانت قد بدأتها قوات الأمن الأسبوع الماضي في حماه لم تنته، وما حصل فقط هو تراجع للدبابات والآليات العسكرية التي لا تزال تحاصر المدينة. وقد أدت عمليات التفتيش والبحث عن الشباب المطلوبين إلى هروب عدد كبير منهم إلى الريف والحقول والجبال خوفا من اعتقالهم.

ويلفت الحموي إلى أن تحليق المروحيات والطائرات العسكرية استمر طوال ليل الجمعة، كما اخترقت الطائرات جدار الصوت، بينما انتشرت قوات الأمن في جميع المناطق ولا سيما الشعبية منها، مثل حي جنوب الملعب وحي غرب المشتل والحميدية ودباغة وشارع 8 آذار وفي حي الحاضر، وحاصرت كل جوامع الأحياء، في محاولة منهم للحد من المشاركة في مظاهرات يوم الجمعة.

لكن محاولات الترهيب، لم تحل دون اجتماع أهالي الأحياء في مجالس مسائية للصلاة، كما استذكروا خلالها تفاصيل معارك حماه ولا سيما المجزرة. ويلفت الحموي هنا إلى أن وصية كبار السن الذين عايشوا هذه الأحداث الدامية لشباب مدينتهم، كانت «عدم التراجع عما وصلوا إليه اليوم وإكمال مسيرتهم الثورية للوصول إلى هدفهم، كي لا يعيشوا حياة مأساوية كتلك التي عانوها طوال ثلاثين عاما». ويضيف «قبل بدء الثورة السورية كنا نعيش في حالة خوف وذعر دائمة، حتى إننا كنا نخاف الذهاب إلى المسجد أو الكنيسة أكثر من مرة في الأسبوع خوفا من اتهامنا بأننا مشاركون في حركات دينية أو ما شابه ذلك»، لافتا إلى أن هذا الواقع أدى إلى تهجير أكثر من 150 ألف حموي، تاركين منازلهم ومنتشرين في العاصمة دمشق أو في لبنان والأردن.

وفي حين يشير الحموي إلى أن إحياء ذكرى الثورة لن يقتصر على يوم واحد، بل سيمتد طوال أسبوع كامل، لفت إلى أن الانتقال بين الأحياء لم يكن سهلا بالنسبة إلى أبناء حماه الذين شاركوا في إحياء الذكرى، ويؤكد أن كل شاب تزيد سنه على 13 عاما كان يتم اعتقاله لساعتين أو ثلاث، ويطلق سراحه بعد إخضاعه للتحقيق، ومن كان اسمه مسجلا في لائحة المطلوبين الذين وصل عددهم إلى 100 ألف، فسيكون مصيره الحتمي القتل وإعادة جثة هامدة إلى ذويه. كذلك الوضع، بحسب الحموي، ليس أفضل بالنسبة إلى النساء اللاتي يتعرضن إلى تفتيش دقيق وإلى تحرش في بعض الأحيان على أيدي قوات الأمن.

وقد أكد ناشطون سوريون أنه وعلى الرغم من كل الإجراءات الأمنية التي قام بها النظام، خرجت المظاهرات في كل الأحياء، وقد عمد رجال الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، ووقعت مواجهات بين الطرفين في «حي الكرامة» المعروف بـ«حي البعث» سابقا وتم اعتقال امرأة وزوجها أمام أعين أطفالهما في «حي الفراية» بعد خروجهما لشراء الخبز.