وزير الداخلية المصري ينفي استقالته ويدير «المعركة» من مقر الوزارة «تحت الحصار»

غياب كامل للأمن.. وضابط شرطة لـ «الشرق الأوسط»: كيف تعمل ورئيسك يتم «غسله» في البرلمان؟

الأدخنة المتصاعدة من القنابل المسيلة للدموع غطت وجه العاصمة المصرية طيلة يوم أمس وأسفرت عن مئات من حالات الاختناق (رويترز)
TT

علم منكس على رأس مبنى يبدو عليه الانكسار، هكذا تبدو الصورة في مديريتي أمن القاهرة والجيزة وعدد من أقسام الشرطة وسط وجنوب العاصمة المصرية القاهرة أمس. وبينما غابت مظاهر التأمين الشرطي عن شوارع العاصمة، احتضنت أسوار أقسام الشرطة ومديريات الأمن أمس الضباط والمجندين خلف أبواب موصدة وتأمين لعربات مدرعة من الجيش موجودة داخل هذه الأسوار، التي لم تفتح أبوابها إلا لإخراج بعض الجنود لتغيير نوبة حراستهم أو لأداء أفراد الأمن والمجندين الصلاة في المساجد الملحقة بهذه المباني.

على المستوى الرسمي، نفى مصدر أمني مطلع ما تردد أمس بشأن قيام اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية المصري، بتقديم استقالته إلى الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء، وقيام الأخير برفضها. وقال المصدر إن وزير الداخلية يتابع الأحداث من غرفة عمليات بمكتبه بمقر الوزارة ويصدر التعليمات للقوات بطبيعة التعامل مع المتظاهرين، الذين حاصروا مقرها القريب من ميدان التحرير على مدار اليومين الماضيين.

لكن بعيدا عن غرفة عمليات الوزير، لا تعكس المواقع الشرطية في العاصمة المصرية «حرب الشوارع» بين المحتجين وقوات الأمن في وسط القاهرة، وخلت إشارات المرور - حتى القريبة من الوزارات السيادية وعدد من الأماكن الهامة - من أفراد الأمن المكلفين بالوجود فيها. ولوحظ بالأمس قلة أعداد أفراد الأمن المسؤولين عن تأمين السفارات الأجنبية، والتي كان يخصص لها في الغالب عدد كبير من الجنود يوجدون خارج مقار هذه السفارات، وهو المشهد الذي غاب أمس عن الشارع المصري ولم يوجد إلا فرد أو اثنان أمام مقار بعض هذه السفارات.

وبأحد المواقع الشرطية تحدثت «الشرق الأوسط» مع النقيب المسؤول عن نقطة الشرطة.. وهو شاب ثلاثيني غير مخول له التصريح باسمه، حيث قال: «نحن مظلومون، نعمل 16 ساعة يوميا ونتقاضى قروشا قليلة.. وفي النهاية نتساوى مع نزلاء سجن طرة (في إشارة لقيادات نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك)».

ووسط حالة الهدوء التي تسود الموقع تخلى النقيب حتى عن بدلته العسكرية، وارتدى زيا مدنيا، كما تخلى عن لهجته المحبطة.. «ماذا نفعل؟ لقد تركت أولادي أيام الثورة وبقيت هنا أنظم مع أبناء الحي اللجان الشعبية».. ومن أوراق على مكتبه التقط ثلاثة أوراق «هذه خطة تأمين قمت بوضعها أثناء الثورة بالتعاون مع الشباب في الحي».

«أنتم لا تعلمون الظرف الذي نعمل به.. ربنا يخلي أبويا (في إشارة للدعم المادي الذي تقدمه أسرته)». وأضاف: «لا أنكر الأخطاء ولا فساد بعض القيادات.. بالمناسبة نحن كضباط شرطة أكثر من يكره حبيب العادلي (وزير الداخلية الأسبق المتهم في قضية قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة.. والمحكوم قي قضايا فساد مالي) لكن عليكم أن تفرقوا بين رجال الأمن الجنائي ورجال الأمن السياسي».

وتابع: «هل رأيت وزير الداخلية في جلسة مجلس الشعب الأخيرة.. كيف تعمل ورئيسك يتم غسله (تعبير يستخدم للدلالة على توجيه إهانات لشخص، دون أن يستطيع الدفاع عن نفسه).. أنا أجمع رجالي من وقت لآخر وأحاول رفع روحهم المعنوية لكن إلى متى؟!».

وزير الداخلية، من جهته، شدد على أنه ملتزم بكافة مسؤولياته تجاه جهاز الشرطة ودوره في تأمين المجتمع المصري، وأنه اتخذ كافة الإجراءات اللازمة حيال أحداث الشغب التي شهدتها مدينة بورسعيد عقب مباراة الأهلي والمصري.

بينما استمرت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن بمحيط مقر وزارة الداخلية، وسط أنباء عن سقوط عشرات الجرحى من بين أفراد الأمن المركزي.

على الجانب الآخر، قال محمد خوليو، أحد كبار مشجعي ألتراس أهلاوي المشارك في مسيرة من مسجد الاستقامة بميدان الجيزة إلى ميدان التحرير: «الشرطة قامت بهذا لأنها تريد معاقبة ألتراس أهلاوي على دوره الهام في الثورة المصرية؛ خاصة دوره المهم في تأمين المتظاهرين إبان موقعة الجمل التي وقعت في الثاني من فبراير (شباط) من العام الماضي خلال ثورة 25 يناير».

وتابع خوليو: «أعتقد أن الشرطة المصرية خاصة قياداتها التي كانت مسؤولة عن تأمين اللقاء حاولت أن ترد الصاع للجماهير التي وقفت ضدها منذ بداية الثورة وحتى في هتافاتهم الحماسية داخل مدرجات كرة القدم».

ويقول مراقبون إن الثقة المفقودة بين أطراف الأزمة، مع شعور الجميع في مصر بالظلم، تحتاج لحل سياسي عاجل قبل أن تدخل البلاد في نفق مظلم يلوح في الأفق.