مشفى كنيسة قصر الدوبارة بالتحرير.. يجبر شرخ الفتنة الطائفية في مصر

TT

تقاوم كنيسة قصر الدوبارة (الإنجيلية) سنوات من شعور الأقلية المسيحية في مصر بالعزلة والإحباط، فالكنيسة التي تقع خلف مجمع التحرير (الإداري) على بعد أمتار من ميدان التحرير غدت واحدة من أهم المستشفيات الميدانية، وعبرت بالتسامح مساحات التناقض وارتباك المشاعر، لتصبح رمزا مصريا بامتياز، بحيث لم يكن مدهشا أن يقيم كهنتها أول صلاة كنسية خارج أسوارها وفي قلب ميدان التحرير مطلع العام الحالي.

يصف المتظاهرون الكنيسة بـ«خلية النحل»، حيث يعمل بها 90 طبيبا بشريا و300 متطوع من الشباب أغلبهم مسلمون يستقبلون مصابين تنقلهم عربات الإسعاف بين لحظة وأخرى من مواقع الاشتباكات في محيط وزارة الداخلية.. فعلى أبواب الكنيسة التي شيدت عام 1944، يقف مجموعة من الشباب في انتظار حالات حرجة جديدة قادمة من خط النار.

وتضم الكنيسة غرفة عمليات أقيمت على عجل، و5 سيارات إسعاف و9 أسرة خلف كل سرير مسعف وبجانبه منضدة صغيرة عليها أكياس قطن ومطهرات وأدوية، وفي الجانب الآخر من الغرفة توجد اسطوانات الأكسجين.

المشهد في غرفة عمليات الكنيسة مختلف تماما عن الأوضاع في مصر، حيث يقف الجميع في انتظار تعليمات «قائدة الغرفة أو المشفى» التي تقف في منتصف الساحة المفتوحة.. تتحدث إلى المسعفين والأطباء عبر مكبر صوتي موصل بسماعات كبيرة في ساحة الغرفة، للتحرك سريعا فور وصول سيارات الإسعاف التي تحمل الحالات الحرجة.

وتقول ايفا بطرس المنسق العام للمستشفى الميداني: «نفتح أبوابنا لمن يريد أن ينضم إلى غرفة العمليات لخدمة المصابين فقط».. ونرفض انضمام أي شخص تحت اسم تيار أو توجه أو دين معين»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» وهي في وسط غرفة العمليات مشغولة بتنظيم دخول وخروج المرضي: «غرفة العمليات لا تنظر إلى دين المصاب أو توجهه، نعالج الجميع دون تمييز بين شخص وآخر، بدليل أن معظم أفراد الغرفة من المسلمين».

وتابعت بطرس: «نعتمد على 90 طبيبا من كبار الاستشاريين وأساتذة الجامعات و300 مسعف، وعملنا يستمر طوال اليوم»، لافتة إلى أن الحالات التي تحتاج إلى إجراء فحوص أكثر دقة خاصة الحالات المصابة بطلقات في المخ، لا يمكن إسعافها بالكنيسة ويتم نقلها على الفور إلى أقرب مستشفى.

وتضيف بطرس أن غرفة العمليات داخل كنيسة قصر الدوبارة أعادت الدور الحقيقي للكنائس والمتمثل في خدمة المجتمع في علاج المرضى وإطعام الفقراء وتقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية للمصريين مسلمين ومسيحيين، وليس فقط الوعظ والترانيم. إيفا (قائدة المشفى).. تركتنا دقائق عندما دخل أحد المصابين إلى الغرفة، وعادت لتقول: «فور وصول المصاب نضعه على أحد الأسرة ويقوم عدد من المتطوعين بمحاولة السيطرة على المصاب الذي غالبا ما يصاب بتشنجات عصبية نتيجة استنشاق الغاز، حتى يتم تقديم العلاج المناسب له». واستقبلت غرفة عمليات «كنيسة قصر الدوبارة» خلال أمس وأول من أمس (عقب أحداث استاد بورسعيد وتصاعد الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة في محيط وزارة الداخلية) ما يزيد على 150 مصابا، بينهم قتيل أصيب بطلق خرطوش في منطقة الصدر.