المتظاهرون السوريون يعتذرون لحماه ويتوعدون النظام: الجيش الحر قريبا جدا في دمشق

شكر لقطر وحرق العلم الروسي وسخرية من الجعفري والأسد

احتجاجات المسيفرة أمس في جمعة «عذرا حماه» (أوغاريت)
TT

الاعتذار لحماه واستنكار مواقف روسيا والصين الداعمة للنظام السوري، وانتقاد المجتمع الدولي ومجلس الأمن كانت الموضوعات الأبرز في الشعارات التي رفعها المتظاهرون في سوريا يوم أمس في جمعة «عذرا حماه سامحينا» بالإضافة إلى الموضوع الأهم والذي تم التأكيد عليه في المظاهرات وهو أنه لا تراجع عن الثورة حتى إسقاط النظام وذلك بحماية الجيش الحر، مع التوعد بأنه قريبا جدا سيكون الجيش الحر في العاصمة.

وكانت مظاهرات السوريين يوم أمس الجمعة مناسبة لتقديم اعتذار لمدينة حماه عن الصمت القسري عن المجزرة المروعة التي ارتكبها نظام الرئيس حافظ الأسد في الثاني من فبراير (شباط) من عام 1982، وردد المتظاهرون الذين خرجوا في أكثر من أربعمائة منطقة في مختلف أنحاء البلاد «يا حماه سامحينا ولله حقك علينا جيناك نحنا جينا والفزعة لبينا» وفي كفر نبل في محافظة إدلب التي تقاسمت مع حماه في الثمانينات الجزء الأكبر من المجازر هتفوا «يا حماه نحنا معاكي للموت ويا حمص نحنا معاكي للموت» وفي حمص حمل المتظاهرون المسؤولية الكاملة عن مجازر حماه 1982 لمقربين من الأسد وعائلته. وهذه المرة الأولى التي يصرخ فيها مواطنون سوريون وهم يتحدثون عن مجازر الثمانينات، إذ اعتادوا أن يتحدثوا عنها همسا، وذكر أسماء المسؤولين عنها كان أحد المحظورات السياسية السورية التي لا يمكن المجاهرة بها، لكنهم يوم أمس وفي مظاهرات حاشدة خرجت في أكثر من مكان كالوا اللعنات للمسؤولين عنها.

واستنفر المتظاهرون يوم أمس كل مخزون القهر والغضب ضد نظام الأسد، وأكدوا أن جرح الثمانينات لن يندمل ورفعوا لافتات كتب عليها «عذرا حماه كل يوم في سوريا مجزرة ولكن جرح الثمانينات لن يندمل» و«بالروح بالدم نفديك يا حماه»، أما المتظاهرون في حماه فردوا على اعتذار السوريين ورفعت لافتات في المظاهرات التي خرجت في مدينة حماه وريفها كتب عليها «حماه سامحتكم.. وهي معكم للموت حتى إسقاط النظام».

وردد المتظاهرون في أكثر من بلدة قسم الثورة، وتعهدوا بـ«الوفاء لدماء الشهداء والاستمرار بالثورة حتى النصر وإسقاط النظام». بغض النظر عن قرارات المجتمع الدولي، وكتبوا في حمص «لن نتراجع ولن نهون ولن ونعود.. بمجلس الأمن أو بغيره هدفنا ننتصر أو نموت». وتساءل المتظاهرون بحسرة «أين مجالس حقوق الإنسان من المجازر التي يرتكبها آل الأسد بحق الشعب السوري» وفي بلدة طيبة كتبوا باللغة الإنجليزية بخط عريض على الأرض «الأمم المتحدة.. ما هو الثمن الذي سندفعه لنيل حريتنا».

كما عبر السوريون عن استيائهم الشديد من الموقف الروسي بلافتات كتبت باللغتين العربية والروسية وفي حين رسم كاريكاتير رفع في ريف حماه يظهر «فلاديمير بوتين يربت على كتف الرئيس بشار الأسد والذي وضع رأسه على جسد كلب ويقول له بوتين: المافيا الروسية تحب السوريين القتلة»، أما في كفر زيتا في ريف حماه فأشاروا إلى قناعتهم بأن «روسيا خصم للشعب السوري ولا يمكن أن تكون وسيطا نزيها» وتساءلوا «كم ثمن دمائنا من الفيتو الروسي»، وجرى إحراق العلم الروسي والصيني في كافة المظاهرات وأكد المتظاهرون في دمشق بحي العسالي أنهم تجاوزوا مجلس الأمن وكتبوا «بتوفيق الله.. إننا في سوريا تجاوزنا مجلس الأمن فنحن ماضون حتى إسقاط النظام بكل رموزه». وفي حمص بعثوا رسالة إلى روسيا نصها «إلى روسيا الحكم بلا شفقة وسياسة الاضطهاد ولت.. وسيرحل معها بشار ونظامه». أما في بلدة التمانعة في ريف حماه فقالوا إن «التاريخ يخجل من روسيا والصين ويفخر بالشيخ حمد».

وبينما أعلن المتظاهرون سخطهم من الموقف الروسي، تقدموا بالشكر لقطر وللشيخ حمد بن جاسم ورفعت عبارات الشكر للشيخ حمد في أكثر من مظاهرة، منها «ارفع رأسك الشعب السوري معك» مع الإشارة إلى أن موقف قطر نابع من عروبتها وذلك في رد على المندوب السوري بشار الجعفري الذي غمز بكلمته من عروبة قطر. وكتبوا «شكرا للشيخ حمد وكل من وقف معنا.. وقفتكم معنا تعبر عن عروبتكم وقسما لن ننساها».

وقد شغل انتقاد بشار الجعفري المندوب السوري لدى الأمم المتحدة حيزا هاما من تهكمات الشارع المعارض، واستيائه من الكلمة التي ألقاها في مجلس الأمن الأربعاء الماضي، وكتبوا في حمص على لافتات ضخمة «أيها الجعفري الإيراني.. دنست يا سمين دمشق بذكرك لها والقباني بريء منك ومن نظامك السفاح»، وكان الجعفري بدأ كلمته بقصيدة للشاعر الدمشقي نزار قباني الذي أمضى عمره منفيا خارج البلاد، وفي إدلب قال المتظاهرون للجعفري ردا على منه على الخليجيين بتبرعات كانت تقتطع من مصروف أطفال سوريا لتحرير الخليج من الاحتلال الانجليزي: «الشعب السوري هو من دعم حركات التحرر أما انتم فلم تدعموا إلا حركات التشبيح» وفي حمص في مظاهرة تل الشور كتبوا «يا بشار الجعفري الغبي.. أنت لا تمثل إلا نفسك ونظامك البائس».

ومن الملاحظات اللافتة في مظاهرات يوم أمس عموما التأكيد على حق الدفاع عن النفس ودعم الجيش الحر، وفي لافتة حملت رسالة مطولة قال المتظاهرون في حي القصور في حمص «نحن شعب يحب السلام ويكره العنف لكن هذا لا يعني أن تداس كرامتنا وأن نقتل بدم بارد على مرأى من العالم لذلك سوف ندافع عن أنفسنا حتى ننال الحرية».

ومع أن الطرافة في اللافتات بدت أقل في مظاهرات يوم أمس عن السابق إلا أن كاريكاتيرا ساخرا رفع يوم أمس يظهر الرئيس بشار الأسد يقف على جثث ضحاياه الغارقين ببحر من الدماء ويغني «بعيد عنك حياتي عذاب» لكرسي الرئاسة الذي نبت له جناحان وطار مقتلعا المرساة المعلقة برجله من بحر الدماء. وكاريكاتيرا آخر لسلسلة السقوط: مبارك القذافي الأسد وهم يهوون كأحجار الشطرنج، أما الكاريكاتير الأشد قساوة فكان للرئيس الأسد طبيب العيون وإلى جانبه لوحة اختبار النظر وعليها رسوم مسدسات حربية بدل حرف c.