أوروبا تئن تحت وطأة البرد القارس.. والثلوج تمتد إلى الجزائر

ارتفاع الوفيات إلى أكثر من 200.. ودول تعلن الطوارئ.. وإيطاليا تغلق معالمها الأثرية

قوارب صيد سمك علقت في المياه بعد أن تجمدت في ميناء ببولندا أمس (رويترز)
TT

زادت أمس حدة موجة البرد السيبيرية التي اجتاحت شرق أوروبا الأسبوع الماضي لتمتد أكثر تجاه الغرب، حيث ارتفع عدد الوفيات إلى أكثر من 200 شخص. وألقى البرد القارس بظلاله على مناحي الحياة في القارة العجوز، حيث توقفت حركة النقل في العديد من الدول وانقطع التيار الكهرباء وأغلقت المدارس.

وتوفي نحو 220 شخصا خلال أسبوع في أوروبا بسبب موجة الصقيع التي تحاصر وسط القارة، في حصيلة يمكن أن ترتفع، خصوصا في الشرق، حيث تبدو أوكرانيا وبولندا الأكثر تضررا.

وقالت وزارة الطوارئ الروسية، أمس، إن 21 حالة وفاة أخرى جراء موجة البرد سجلت في أوكرانيا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية ليرتفع عدد الضحايا إلى 122 شخصا.

وتشهد أوكرانيا أكثر فصول الشتاء برودة منذ 6 سنوات مع انخفاض درجات الحرارة أثناء الليل لما يصل إلى 33 درجة مئوية تحت الصفر.

وذكرت الوزارة أن 122 شخصا لقوا حتفهم خلال الأيام الـ8 الماضية حيث عثر على 78 حالة وفاة في الشوارع، بينما توفي 32 في منازلهم، و12 خلال تلقيهم العلاج.

وأضافت الوزارة أن هناك الكثير من الضحايا من المشردين، وعولج مئات آخرون في المستشفيات بسبب إصابتهم بـ«عضة الصقيع» أو أمراض أخرى مرتبطة بالبرد.

وهبطت درجات الحرارة إلى 37 درجة مئوية تحت الصفر في شمال سلوفاكيا، وحفر رجال الإنقاذ في الثلوج التي غطت طرقا جبلية لإنقاذ ركاب حافلات تقطعت بها السبل في البلقان.

وفي رومانيا تجمد 80 في المائة من مياه نهر الدانوب لتجبر سفنا كانت مبحرة إلى البحر الأسود على التوقف.

وقال الاتحاد الأوروبي إن إمدادات الغاز الروسي هبطت بشكل أكبر لبعض دول أوروبا الشرقية بالإضافة إلى إيطاليا واليونان والنمسا، ولكنه قال إنه لا يواجه حالة طوارئ بعد. وحصلت كل دول الاتحاد الأوروبي على غاز إضافي من موارد أخرى.

ومن جانبها أعلنت الحكومة الصربية حتى الآن حالة الطوارئ في 19 منطقة في جنوب البلاد وشرقها حيث قضى 6 أشخاص من البرد.

وتوفي 6 أشخاص آخرين في البوسنة نتيجة البرد، من بينهم 4 ماتوا في شوارع العاصمة سراييفو. وفي منطقة سفرليج الجنوبية عمل رجال الإطفاء لساعات لإخلاء ركاب من حافلة تقطعت بها السبل في طريق جبلي، في حين حاصر انهيار أرضي حافلة في شرق البوسنة. ولم ترد أنباء عن وقوع ضحايا.

وسجلت ألبانيا أولى ضحايا؛ رجل يبلغ من العمر 63 عاما يعتقد أنه مات من البرد وهو في طريقه إلى منزله من شمال البلاد.

وقالت هيئة الأرصاد الجوية الألمانية إنها تتوقع استمرار هذا البرد الشديد في وسط وشرق أوروبا خلال الأيام الـ4 المقبلة، ولكنها توقعت عودة ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق نقطة التجمد في معظم أنحاء فرنسا وبريطانيا. وغطى الجليد ساحل كرواتيا المطل على البحر الأدرياتيكي ومعظم جزرها.

وتساقطت الثلوج على الطرف الشمالي من أفريقيا لتغطي أشجار النخيل في العاصمة الجزائرية. وقال سكان محليون إن أول مرة يتذكرون فيها تساقط الثلوج في مدينة الجزائر كان منذ 8 أعوام. وهبطت درجات الحرارة إلى نحو درجة مئوية واحدة تحت الصفر، وهو مستوى منخفض غير معتاد في تلك المدينة الساحلية المطلة على البحر المتوسط.

وفي إيطاليا شهدت روما أعنف تساقط للثلوج منذ الثمانينات وهو الأمر الذي أدى إلى إغلاق مزارات سياحية منها المدرج الروماني (الكولوسيوم) ومنطقة الآثار القديمة المحيطة بساحة «رومان فورم»، بالإضافة إلى تل بالاتين.

وقال روسيلا ريا المشرف على الآثار: «يمكن أن يؤدي تكوين الثلوج على الأرض إلى تزحلق الزائرين». وفي مشهد نادر في العاصمة الإيطالية استقرت رقائق بيضاء على الكثير من مواقعها ومعالمها التاريخية من بينها نافورة تريفي وميدان سان بطرسبورغ. وبلغ سمك طبقة الثلوج نحو 40 سنتيمترا في بعض الضواحي الأكثر ارتفاعا في روما، حيث بدأت موجة من البرد القارس التي ضربت شمال إيطاليا في الامتداد إلى جهة الجنوب.

وأدى سوء الأحوال الجوية إلى إلغاء وتأجيل رحلات القطارات وإغلاق الطرق السريعة وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي في الكثير من الأجزاء بمنطقتي بيدمونت ولومباردي الشماليتين.

وأرجأ مسؤولو كرة القدم الإيطاليون إقامة مباراة فريقي روما وإنتر ميلان في إطار مسابقة دوري الدرجة الأولى الإيطالي المقررة اليوم، بسبب تساقط الثلوج الذي أعاق حركة السير في العاصمة الإيطالية، روما.

وكانت المباراة قد أرجئت في وقت سابق من بعد ظهر أمس إلى مساء، بينما تم إلغاء مباراة فريقي تشيزينا وكاتانيا. واجتاحت موجة برد شمال ووسط إيطاليا منذ مطلع الأسبوع الماضي، وألغيت 4 مباريات في دوري الدرجة الأولى لكرة القدم.

وتم تقديم موعد إقامة مباراة فريقي إيه سي ميلان ونابولي المقررة مساء اليوم إلى بعد ظهر نفس اليوم، حيث من المقرر إقامة 7 مباريات أخرى، وسط توقعات رجال الأرصاد باستمرار الطقس السيئ.

وأصبح رجل عمره 82 عاما أول ضحية في فرنسا بعد وفاته بسبب انخفاض درجة الحرارة، أول من أمس، كما علقت حركة مرور اللوريات في شتى أنحاء جنوب فرنسا.

وفي دول البلطيق هبطت درجات الحرارة في مناطق بشرق لاتفيا وليتوانيا إلى مستويات قياسية لأقل من 30 درجة تحت الصفر.

وفي موسكو، تحدى عشرات الآلاف من الروس البرد القارس للتظاهر ضد فلاديمير بوتين، المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الرابع من مارس (آذار).

وشكل البرد، في درجة حرارة تبلغ 16 تحت الصفر، التحدي الرئيسي في موسكو لتجمع استغرق نحو 3 ساعات، كما اعترف المنظمون الذين دعوا المحتجين إلى ارتداء ملابس دافئة بينها الأحذية التقليدية للمزارعين الروس.

وقال الكاتب بوريس باكونين لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هذه المسيرة ستسمح بالتحقق إلى أي درجة كرامتنا وتمسكنا بالحرية يقاومان البرد».