تضارب حول رسائل من زعيم طالبان إلى أوباما

الحركة الأفغانية تنفي.. والخارجية الأميركية: لم تكن رسائل بالمعنى الدبلوماسي المعروف

TT

وسط تضارب أنباء عن إقدام زعيم حركة طالبان الأفغانية على توجيه رسالة إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر في الخارجية الأميركية أن زعيم طالبان، الملا عمر، كان قد أرسل بالفعل أكثر من رسالة إلى المسؤولين الأميركيين، لكنها لم تكن رسائل بالمعنى الدبلوماسي المتعارف عليه، إنما عبارة عن آراء أو أوراق كتبها مستشارون للملا عمر ونقلوها إلى المسؤولين الأميركيين.

وجاء هذا في حين فندت حركة طالبان أمس على لسان المتحدث باسمها، ذبيح الله مجاهد، «مزاعم لا أساس لها»، أوردتها تقارير تفيد بأن الملا عمر كان قد أرسل رسالة تشير إلى اهتمام الحركة بإنهاء الحرب في أفغانستان. ووجه ذبيح الله هذا التوضيح عبر رسالة إلكترونية لوسائل إعلام أمس، بعد ساعات على نشر وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء الأميركية تقريرا نقلت فيه عن «مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين»، قولهم إن الملا عمر أرسل رسالة إلى الرئيس أوباما ذكر فيها أن الحل الوحيد لمشكلة أفغانستان هو الرحيل العاجل والكامل للقوات الأجنبية. وقال مصدر الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الأنباء الخاصة بالرسالة «قديمة لكنها لم تكشف إلا مؤخرا». وأضاف المصدر أن الاتصالات بين الأميركيين وطالبان بدأت منذ سنوات. وتابع أن الاتصالات «ربما لم تتوقف أبدا منذ سقوط حكومة طالبان» سنة 2001.

وفي تقريرها ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أمس أن الرسالة غير موقعة وأرسلت عن طريق وسيط إلى البيت الأبيض. وتابعت نقلا عن مسؤولين اشترطوا عدم ذكر أسمائهم أو وظائفهم، يرون أن الرسالة «جزء من الدبلوماسية الحساسة مع قوة مقاتلة (طالبان) لا تزال تستهدف القوات الأميركية». وأضافت الوكالة أن الرئيس أوباما لم يرد على الرسالة، لكن المسؤولين في البيت الأبيض يرون أنها «وسعت نطاق الاتصالات مع مبعوثين يمثلون الملا عمر، بطريقة أو بأخرى». وأفادت الأنباء أن الرسالة تضمنت تعبيرا عن نفاد الصبر لعدم قيام البيت الأبيض حتى الآن بنقل خمسة من كبار مسؤولي طالبان السابقين من معتقل غوانتانامو. وقال مسؤول إن البيت الأبيض نفسه «تشكك» في أن الرسالة من الملا عمر، في حين أن آخرين في الإدارة الأميركية رأوا أنها أصلية. وقال مسؤول شاهد الرسالة، منتقدا الرئيس أوباما، إنه «لم يفعل ما يكفي لإثبات حسن النية في المفاوضات مع طالبان». وأشار إلى إجراءات مثل الإفراج عن سجناء طالبان في سجن غوانتانامو بكوبا. وأضاف المسؤول أن «الرسالة تمثل آراء متسقة مع ما قاله مبعوثون يمثلون طالبان للمسؤولين الأميركيين خلال الاجتماعات السرية» التي جرت، بصورة غير منتظمة، خلال الشهور القليلة الماضية، وأن «رسالة مباشرة من الملا عمر تدل على أن حركة طالبان مهتمة بالتفاوض على أعلى المستويات». وقالت مصادر إخبارية أميركية إن إدارة أوباما تفكر في إطلاق سراح خمسة من كبار قادة طالبان من غوانتانامو، كنقطة انطلاق للمفاوضات، وإن الخمسة سوف يرسلون إلى قطر، حيث تخطط طالبان لإنشاء مكتب، وحيث يعتقد أن المفاوضات بين الأميركيين وطالبان تجري في الخفاء.

وفي سياق متصل، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان أمس عن تسجيل عدد قياسي من القتلى المدنيين في أفغانستان عام 2011 مع ارتفاع كبير في عدد الضحايا الذين سقطوا في هجمات انتحارية في النزاع.

وقالت البعثة إن 3021 مدنيا قتلوا في أعمال العنف في أفغانستان في 2011، بارتفاع نسبته 8 في المائة خلال سنة، فيما كانت سنة 2010 سجلت رقما قياسيا أيضا مع سقوط 2790 قتيلا. ويسجل عدد الخسائر البشرية من المدنيين ارتفاعا للسنة الخامسة على التوالي. ومنذ عام 2007 قتل 11864 مدنيا في النزاع. وقال المسؤول الجديد للبعثة يان كوبيس إن «الأطفال والنساء والرجال الأفغان ما زالوا يقتلون في هذه الحرب بمعدلات عالية»، داعيا «أطراف النزاع» إلى «تعزيز جهودها بشكل كبير» لحماية المدنيين. وأوضحت البعثة أن المتمردين بما فيهم حركة طالبان ومجموعة صغيرة أخرى، مسؤولون عن 77 في المائة من هذه الخسائر بينما تتحمل القوات الموالية للحكومة (من قوات أفغانية وأجنبية) مسؤولية مقتل 14 في المائة. وتابع أن 9 في المائة من الضحايا سقطوا في حوادث لا يمكن أن تنسب إلى أي طرف.

وأدت العبوات اليدوية الصنع التي تزرع على طول الطرق وتفجر عن بعد، وهي السلاح الأكثر استخداما من قبل حركة طالبان، إلى مقتل حوالي ألف شخص. وسقط 15 في المائة من المدنيين في هجمات انتحارية. وقالت البعثة إن عدد هذه الهجمات لم يرتفع لكنها أصبحت أعنف مقارنة بالسابق.