الأسير المضرب يتحول إلى رمز لمناهضة الاعتقال الإداري

يواصل أطول إضراب فردي منذ 50 يوما.. ويرفض السوائل

TT

فتح الإضراب الطويل الذي يخوضه الأسير خضر عدنان في السجون الإسرائيلية منذ 49 يوما، الحرب ضد قانون الاعتقال الإداري الإسرائيلي، الذي طالما اعتقلت إسرائيل بموجبه فلسطينيين وزجت بهم في السجن من دون محاكمة. وهذه أول مرة يضرب فيها أسرى فلسطينيون ضد القانون نفسه، وأول مرة يخوض فيها أسير بمفرده إضرابا طويلا إلى هذا الحد.

وطالبت وزارة شؤون الأسرى، بفتح وإثارة ملف الاعتقال الإداري غير القانوني، الذي ينتهك كل المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، وبإطلاق حملة لمقاطعة محاكم الاعتقال الإداري.

والقانون الإداري هو قانون الطوارئ البريطاني لعام 1945 ويعني اعتقال فلسطينيين وزجهم بالسجن من دون محاكمات أو إبداء الأسباب، لفترات مختلفة قابلة للتجديد تلقائيا. ويعتمد السجن الإداري على ملف تتذرع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأنه سري، ولا يجوز للمحكمة الاطلاع عليه، وهذا ما تم في حالة خضر عدنان من حركة الجهاد الإسلامي. غير أن محاميه جواد بولس أكد أن القاضية تعهدت أخيرا بالاطلاع على الملف السري الخاص بالأسير، على أن يصدر خلال أيام قرار جديد إما بالإفراج عنه أو تثبيت الحكم.

واستخدمت إسرائيل الاعتقال الإداري 20 ألف مرة ضد فلسطينيين منذ عام 2000، ويقبع حاليا في السجون الإسرائيلية 280 معتقلا إداريا فيهم نواب بالمجلس التشريعي.

وتحولت معركة عدنان إلى معركة كل الفلسطينيين تقريبا، بعدما صار الرجل رمزا لمناهضة قانون السجن الإداري، وانضم أسرى آخرون لإضراب عدنان، ونظم الفلسطينيون وقفات كبيرة تضامنا معه في الضفة الغربية وغزة، بينما تحول منزل والده في بلدة عرابة في جنين شمال الضفة، إلى محج للمتضامنين.

وبدأت أمس، مجموعة من الناشطين في غزة إضرابا عن الطعام تضامنا، في خيمة نصبت أمام مقر الصليب الأحمر، وحظيت باهتمام إعلامي وسياسي. ودخل هؤلاء في إضراب، بينما يواصل أسرى من الجهاد في سجون عوفر والنقب وايشل ونفحة إضرابا منذ يوم الخميس، وينتظر أن يتوسع الإضراب في الداخل والخارج.

وكان رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض، التقى في مكتبه، قبل يومين، عدنان موسى والد عدنان، مؤكدا تضامن الشعب الفلسطيني معه. ودعا فياض المؤسسات الحقوقية للتدخل الفوري لإنقاذ حياته وإلزام إسرائيل بالإفراج عنه، وإلغاء سياسة الاعتقال الإداري، ووقف الانتهاكات بحق الأسرى.

ويرفض عدنان فك الإضراب على الرغم من التلويح الإسرائيلي بإرغامه على أخذ السوائل بالقوة. وقالت زوجته رندة للصحافيين إن المعركة التي يسطرها زوجها بأمعائه الخاوية منذ 50 يوما أربكت الاحتلال وكشفت زيف ديمقراطيته وقوانينه العنصرية وسياساته القمعية. وأكدت أن إسرائيل جربت مع زوجها كل الطرق الممكنة لحمله على فك الإضراب، بما فيها نقل رسائل كاذبة من أسرى فلسطينيين يطالبونه بذلك.

وناشدت مؤسسة مهجة القدس كل المؤسسات الدولية والإنسانية والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها لتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية للتدخل الفوري والعاجل لدى الاحتلال الإسرائيلي للعمل على إطلاق سراح الأسير عدنان وإنقاذ حياته. وتبنت السلطة ملف عدنان وسلمت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بخصوصه والأسرى الآخرين. وسلم وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، الرسالة لمون بحضور فياض، باسم عائلات الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال.

وجاء في الرسالة: «تأتي زيارتك والأسير الفلسطيني خضر عدنان يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 45 يوما احتجاجا على اعتقاله إداريا بلا أي سبب قانوني ومنطقي، وأصبحت حياته الآن في خطر شديد، آملين منكم التدخل لإنقاذ حياته والإفراج الفوري عنه وإلغاء سياسة الاعتقال الإداري التعسفية بحقه وبحق أكثر من 280 أسيرا وفق هذا الإجراء المحرم دوليا».

وتطرقت الرسالة إلى عدم التزام إسرائيل بمئات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وطلبت من كي مون الحماية للأسرى، وختمت الرسالة تقول: «إن السلام في المنطقة يبدأ بالإقرار بحقوق الإنسان وإغلاق المعسكرات والسجون وسياسة الاعتقالات والممارسات التعسفية بحق أسرانا في السجون وإنهاء معاناة أهاليهم وأطفالهم، فالسلام والعدالة لا يلتقيان مع استمرار وجود السجانين والعذابات المتفاقمة خلف قضبان السجون».