قيادات إسلامية: تحالف «المرشد والمشير» يزيد الاحتقان في مصر

مجدي حسين: منطق «الإخوان» يتعارض مع الثورة ومحمد حبيب: «العسكري» في حاجة للتيار الديني

TT

اتهمت قيادات إسلامية ما سمته بـ«التحالف» بين تيار الإسلام السياسي الذي أصبح يهيمن على الأغلبية في البرلمان بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، والمجلس العسكري الذي يدير مصر منذ تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن سلطاته في فبراير (شباط) من العام الماضي، بالتسبب في إثارة الفوضى والاحتقان في البلاد. وقال رئيس حزب العمل الإسلامي إن منطق جماعة الإخوان والتيار السلفي الذي يمثله حزب النور يتعارض مع الثورة، و«لديهم ثوابت بعدم الصدام مع السلطات»، بينما أوضح الدكتور محمد حبيب، النائب السابق لمرشد «الإخوان»، أن كلا من المجلس العسكري والتيار الإسلامي في حاجة لبعضهم البعض في المرحلة الحالية، إلا إن هذا يخصم من رصيد الإسلاميين في الشارع الغاضب والداعي لسرعة نقل السلطة للمدنيين، وحسم ملف محاكمة رموز النظام السابق.

وخرج عشرات ألوف المصريين في الميادين والشوارع بالعاصمة والمحافظات، ينددون طيلة أكثر من أسبوعين، بموقف التيار الإسلامي الذي حاز 74 في المائة من عدد مقاعد أول برلمان بعد مبارك، بسبب شبهات بتواطئه مع المجلس العسكري في إطالة أمد الفترة الانتقالية ونقل السلطة إلى رئيس منتخب أو حكومة توافق وطني تشكل من البرلمان. وهتف المتظاهرون الغاضبون «بيع الثورة يا بديع»، في إشارة إلى مرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، احتجاجا على موقف جماعته الملتبس من ثور الشباب المستمرة في الشارع منذ بدء إحياء ذكرى ثورة 25 يناير (كانون الثاني). ووسط تصاعد الأحداث في شوارع عدة محافظات وسقوط عشرات القتلى وألوف المصابين، طيلة الشهور الخمسة الأخيرة، من جانب المطالبين برحيل المجلس العسكري عن السلطة، تصاعدت اتهامات شباب الثورة للتيار الإسلامي باكتفائهم بما حصلوا عليه من مكاسب من الثورة كان أبرزها الهيمنة على البرلمان.

وقال مجدي أحمد حسين، رئيس حزب العمل الإسلامي: «الحقيقة ليس من مصلحة الثورة الحديث عن شرعية الميدان في مواجهة شرعية البرلمان». وطرح حسين مع تيارات سياسية ليبرالية وغير ليبرالية مشروعا لنقل السلطة في أسرع وقت. وتتعارض الخطة مع توجهات جماعة الإخوان والتيار السلفي. وأوضح حسين: «طرحنا خطة بدأت تلقى قبولا ويرددها أناس من مختلف الاتجاهات، وهي أن أفضل طريقة لتسليم السلطة الفوري هو تشكيل حكومة من البرلمان نفسه ومن التيارات الأخرى؛ حكومة وحدة وطنية، وتنتهي قصة العسكريين».

ويقول مراقبون إن جماعة الإخوان والتيار السلفي يبدو أنهما اطمأنا لما أصبحا عليه من حيازة الأغلبية في البرلمان، وأن التياران يرفضان الخروج عن خارطة الطريق التي رسمها من قبل المجلس العسكري بتسليم السلطة لرئيس منتخب بنهاية يونيو (حزيران) المقبل، على الرغم من انفلات الأوضاع في البلاد، خاصة في قلب القاهرة وحول محيط عدة منشآت حيوية، أبرزها مبنى وزارة الداخلية، واستمرار شلال الدم بشكل مفجع، كما حدث فيما أصبح يعرف بـ«مذبحة بورسعيد». وقال رئيس حزب العمل عن اصطدام خطته الداعية لاستعجال تسليم المجلس العسكري للسلطة، مع توجهات التيار الإسلامي المهيمن على البرلمان: «يوجد اتفاق واضح بين (الإخوان) والمجلس العسكري»، مشيرا إلى أن رؤية «الإخوان» تتلخص في أن «شهر يونيو (لتسيلم العسكري للسلطة) قريب»، وأضاف رئيس حزب العمل: «لكن نحن لنا رؤية أخرى، وهي أن الموضوع ليس بطول المدة»، لأنه «يمكن أن تحدث أحداث خطيرة مثل ما حدث في بورسعيد» التي قتل فيها 74 شخصا.

وبمرور الأيام الملتهبة على العاصمة، ومحاولات الحل من قوى سياسية، ترتفع نبرة المتمردين على التيار الإسلامي الإخواني – السلفي من جانب قيادات داخل هذا التيار نفسه. ويزيد حسين قائلا: «هناك بعض (من جماعة) الإخوان يتحدثون عن ضرورة الإسراع بنقل السلطة.. لكن منهج (الإخوان) التقليدي في العمل هو التدرج، وهو يتعارض مع منطق الثورة». وأشار حسين إلى أن من ثوابت الجماعة أيضا «عدم الصدام مع السلطات، حيث لم يشاركوا في الثورة ضد مبارك إلا بعد ثلاثة أيام من انطلاقها.. ثم الآن استمر عدم الصدام مع المجلس العسكري»، قائلا إن ضغط الشارع على المجلس العسكري هو الذي حقق مكاسب في الشهور الماضية استفادت منها جماعة الإخوان، وقال «الصراع معقد بشكل غريب.. الشارع يضغط لكن (الإخوان) هم من يحصلون على الثمار».

وقال الدكتور محمد حبيب، عن تبني التيار الرئيسي في البرلمان الذي تمثله جماعة الإخوان، وجهة نظر مغايرة لمطالب القوى الثورية في الشارع، إن هذا التعارض «صحيح»، مشيرا إلى أن «المجلس العسكري في حاجة ماسة للتيار الإسلامي كله، من (إخوان) وسلفيين وجماعة إسلامية، على أساس أن هذه قوى منظمة تضبط حركة الشارع من حيث الشعبية العامة لها، وفي الوقت نفسه التيار الإسلامي يحتاج (للمجلس العسكري باعتباره) قوى منظمة تملك القوة والعتاد والسيطرة والهيمنة». وأضاف حبيب أن موقف التيار الإسلامي يخصم من رصيده أمام القوى الثورية، و«القوى الثورية تتهمه بأنه عقد صفقات مع المجلس العسكري ضدها وضد الثورة بشكل عام، وبالتالي لم يعد هناك رضا أو راحة أو قبول للتيار الإسلامي برمته». وأضاف أن التيار الإسلامي «تبنى خطابا تخوينيا اتهاميا بالعمالة للقوى الثورية، وكأن الذي يتكلم هو وزارة الداخلية أو المجلس العسكري».

وقال حبيب إن مصر أصبح فيها جيل جديد من الثوار «لا يخاف» و«حركته سريعة ومذهلة، في الوقت الذي تبدو فيه حركة الجانب الآخر، إلى حد ما، بطيئة ومتكاسلة». وعما إذا كان يعني بالجانب الآخر ما أصبح يطلق عليه تحالف «المرشد والمشير»، علق حبيب موضحا «فلنقل التيار الإسلامي والمجلس العسكري والحكومة من ناحية، في مواجهة القوى الثورية من ناحية أخرى».