المغرب يعود إلى الاتحاد الأفريقي في قمة مالاوي.. في حال تعديل بند حول العضوية

العثماني يأمل طي صفحة الماضي بعد 28 سنة من تعليق عضويته

TT

بات مرجحا عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في قمة أفريقية ستعقد في ليلونغوي عاصمة المالاوي (جنوب القارة) في أواخر يونيو (حزيران) المقبل، وذلك بعد قرابة 28 سنة من تعليق عضويته في منظمة الوحدة الأفريقية التي ورثها الاتحاد الأفريقي. وسيعود المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في حالة تعديل بند أساسي حول شروط العضوية في الاتحاد، وهو تعديل سيؤدي إلى تعليق عضوية البوليساريو في الاتحاد، ويفتح الطريق أمام عودة المغرب. ويعتزم سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي القيام بجولة في عدد من دول القارة لهذا الغرض.

وكان المغرب قد انسحب من منظمة الوحدة الأفريقية التي حل محلها الاتحاد الأفريقي في سبتمبر (أيلول) عام 1984، وذلك إثر قبول المنظمة في ذلك الوقت «جمهورية» في المنفى أعلنتها جبهة البوليساريو، وظلت عضوية المغرب معلقة في المنظمة، ثم في الاتحاد الأفريقي الذي تأسس في يوليو (تموز) 2002 ويضم حاليا 54 دولة.

ويطالب المغاربة بضرورة إبعاد البوليساريو كشرط لعودتهم للاتحاد الأفريقي. وعلمت «الشرق الأوسط» أن بعض الدول الأفريقية تعتزم اتخاذ مبادرة تهدف إلى تعديل ميثاق الاتحاد الأفريقي بحيث يتم إحياء بند كان ضمن بنود منظمة الوحدة الأفريقية، وينص على أن الدول الأعضاء هي «الدول المستقلة التي تمارس سيادتها على أراضيها»، وهذا بند لا ينطبق على «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» التي كانت جبهة البوليساريو قد أعلنتها بالمنفى في فبراير (شباط) عام 1976، وهذه «الجمهورية» تتمتع حاليا بعضوية الاتحاد الأفريقي. وإذا تعذر تعديل هذا البند في قمة المالاوي فإن الجهود ستتواصل لتعديله خلال القمة التي تليها.

وخلال محادثات أجراها سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث التقى عشرة رؤساء أفارقة و15 وزير خارجية على هامش قمة الاتحاد الأفريقي، طرح قادة أفارقة بإلحاح قضية عودة المغرب إلى عضوية الاتحاد الأفريقي، وظل العثماني يكتفي برد مقتضب يشير إلى أن المغرب يرى أن الظروف التي أدت إلى تعليق عضويته لا تزال قائمة، في إشارة إلى استمرار عضوية «الجمهورية الصحراوية» في الاتحاد الأفريقي. وكانت قد طرحت فكرة تجميد عضوية البوليساريو في الاتحاد الأفريقي على غرار ما حدث لمدغشقر في وقت سابق عندما وقع فيها انقلاب عسكري تمهيدا لعودة المغرب، لكن هذه الفكرة استبعدت، خشية أن تجد معارضة من الدول المساندة للبوليساريو. وأبرز هذه الدول في القارة الأفريقية الجزائر وجنوب أفريقيا وزيمبابوي وأوغندا ونامبيا وانضمت إليهم في الآونة الأخيرة دولة جنوب السودان. ويتطلب تعديل ميثاق الاتحاد الأفريقي موافقة ثلثي أعضائه، وقالت مصادر وثيقة الاطلاع إن المغرب يعتزم القيام بحملة دبلوماسية غير مسبوقة في القارة الأفريقية، وفي هذا السياق أكد عبد اللطيف بن دحان مدير الإدارة الأفريقية في وزارة الخارجية المغربية أن سعد الدين العثماني وزير الخارجية سيزور عدة دول أفريقية، ولم يحدد بن دحان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذه الدول، لكنه قال «هناك برنامج مكثف من الزيارات، وسيشمل حتى الدول الأفريقية التي لا تزال تعترف بالبوليساريو، ولن يكون هناك أي تمييز في هذا الصدد».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المغرب يعتزم توسيع تمثيله الدبلوماسي في القارة الأفريقية، حيث يرغب العثماني في تعزيز العلاقات المغربية - الأفريقية، التي لم تكن تحظى بالاهتمام خلال فترة سلفه الطيب الفاسي الفهري، ويحبذ العثماني الاستعانة بكوادر من داخل وزارة الخارجية ودبلوماسيين محترفين في إعداد استراتيجية جديدة للتعامل مع القارة الأفريقية، وتقول مصادر وثيقة الاطلاع إن العثماني يبدو واثقا من تحقيق نتائج إيجابية في هذا الصدد. وتوجد حاليا 25 سفارة مغربية في القارة الأفريقية، وينوي المغرب فتح سفارتين جديدتين في كل من تشاد وزامبيا. وتحظى مساعي المغرب لاستئناف عضويته في الاتحاد الأفريقي بدعم من الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، حيث تعتقد واشنطن أن الأفارقة «يستمعون» إلى المغرب، في حين يقول الأوروبيون إن المغرب ينظر إليه في أفريقيا كدولة «محترمة»، وترى الصين أن المغرب دولة «مؤثرة» في أفريقيا.

وفي سياق متصل، سيزور المغرب خلال الفترة المقبلة عدد من القادة الأفارقة، وستكون أول زيارة من طرف الحسن وتارا، رئيس ساحل العاج (كوت ديفوار) الذي سيزور المغرب في مارس (آذار) المقبل، ويشارك المغاربة بوحدة عسكرية تضم 800 عسكري ضمن قوات حفظ السلام الأممية في ساحل العاج، وأبلغ وتارا العثماني خلال لقائهما في أديس أبابا رغبة بلاده في استمرار المغاربة في مهامهم لحفظ السلام في هذا البلد الذي مزقته الحرب الأهلية.