الحكومة الكويتية تقدم استقالتها والتيار السلفي يربك حسابات المعارضة

أنباء عن رغبة التجمع السلفي ترشيح نائبه خالد السلطان لرئاسة مجلس الأمة

الشيخ جابر الحمد الصباح (يسار) وعضو البرلمان الكويتي علي الراشد (وسط) ووزير البترول الكويتي السابق محمد البساري في صورة تجمعهم بمقر البرلمان في يونيو الماضي (إ.ب.أ)
TT

قدمت الحكومة الكويتية المؤقتة التي يرأسها الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح استقالتها أمس لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي قبِلها، تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية التي حققت المعارضة فيها فوزا كاسحا. ومن المتوقع أن يكلف الأمير رئيس الوزراء المستقيل تشكيل الحكومة الجديدة.

ووفقا للدستور يجب أن يجري تشكيل حكومة جديدة قبل الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، التي تعقد خلال أسبوعين من الانتخابات. وطبقا لنص الأمر الأميري بقبول استقالة الحكومة الذي أصدره أمير الكويت وأوردته وكالة الأنباء الكويتية، فإن رئيس الوزراء وأعضاء حكومته سيستمرون في تصريف العاجل من الأمور لحين تشكيل وزارة جديدة.

وطرأت أمس مفاجأة على الحياة السياسية الكويتية بتسريب إعلان التجمع السلفي نيته ترشيح النائب السلفي خالد السلطان لرئاسة مجلس الأمة، مما يقلب الأمور ويعيد رسم التحالفات والتوازنات داخل مجلس الأمة الجديد. ورغم عدم تأكيد الخبر من مصادر النائب السلطان، فإن مجرد الإعلان أحدث صدمة بين المراقبين، فدخول السلطان في حلبة السباق يعني أن المعارضة قد تواجه انقساما حادا وقد يضعف موقف الرئيس الأسبق للمجلس النائب أحمد السعدون المرشح الأبرز للمعارضة. ويواجه السعدون في معركة الرئاسة النائبين علي الراشد ومحمد جاسم الصقر.

وقالت الدكتورة هيلة المكيمي أستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الصورة لن تتضح إلا بعد أن يتم حسم مسألة الرئاسة»، وأضافت أن كل الاحتمالات مفتوحة، وكل التوقعات محتملة حتى يتم حسم رئاسة مجلس الأمة وما تقتضيه من بقاء التحالفات أو رسم تحالفات جديدة تحت قبة المجلس.

والحكومة الكويتية المستقيلة هي في الأساس حكومة تصريف أعمال جرى تشكيلها في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد يومين من قبول استقالة حكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح، الذي أجبر على الاستقالة بعد مشادات عنيفة مع المعارضة بلغت ذروتها في اقتحام مجلس الأمة في 16 نوفمبر الماضي.

وتأتي استقالة الحكومة بعد إعلان نتائج انتخابات مجلس الأمة التي حققت فيها المعارضة الكويتية التي يقودها الإسلاميون فوزا ساحقا، ليرتفع رصيدها إلى 34 مقعدا بعد أن كانت كتلة المعارضة في المجلس السابق تمتلك نحو 20 مقعدا، وحققت المعارضة هذه النتيجة غير المسبوقة في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية بعد تجاذبات عنيفة مع الحكومة والتيار المؤيد لها، وعلى وقع محاربة الفساد، وفتح ملفات المتهمين بقضايا تمس المال العام، وكانت أحدث القضايا التي هزت الكويت في الأشهر الماضية قد شملت 13 نائبا اتهموا من قبل المعارضة بتلقي الأموال من الحكومة السابقة التي كان يرأسها الشيخ ناصر المحمد الصباح.

وبات الإسلاميون المعارضون من تيار الإخوان المسلمين والتيار السلفي يسيطرون على 23 مقعدا مقارنة بتسعة مقاعد في البرلمان السابق، بينما ارتفعت نسبة القبائل في المجلس رغم الهجوم الذي تعرضوا له من أنصار الحكومة، وبتحالف القبائل مع التيار الإسلامي أصبحت كتلة المعارضة تضم نحو 20 نائبا من أبناء القبائل، في حين مني التيار الليبرالي في الكويت بخسارة فادحة، حيث فاز الليبراليون الذين كانوا يعدون من المعارضة بمقعدين فقط في البرلمان الجديد بعد أن كانوا يسيطرون على خمسة مقاعد. وتقلصت حصة الشيعة بمقدار مقعدين، لتصبح حصتهم في المجلس الجديد سبعة نواب بعد أن كانوا يحتلون تسعة مقاعد في المجلس السابق. ولم تحرز المرأة أي مكسب في الانتخابات الحالية، وما زالت النائبة الدكتورة معصومة المبارك تنتظر البت في دعوى قضائية لإعادة الفرز في الدائرة الأولى.

من جانبه قال الكاتب الكويتي عادل دشتي لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة أمام وضع جديد في التعامل مع مجلس تهيمن عليه المعارضة، «لكن يتعين على الحكومة أن تجد طريقة للتعامل مع نواب المعارضة باعتبارهم ممثلين لرأي الشارع الكويتي». وتوقع دشتي أن يعاد من جديد سيناريو مجلس الأمة ما بعد الغزو في 1992 الذي جاء بأحمد السعدون رئيسا للمجلس وأعطى المعارضة حصة وازنة في الحكومة الكويتية.