بوتفليقة يدرس طلبا فرنسيا للتحري حول مقتل رجال دين مسيحيين قبل 16 عاما

3 روايات بخصوص إعدام رهبان دير تيبحيرين إحداها تشير بأصبع الاتهام للجيش

TT

أفاد مصدر من القضاء الجزائري، بأن المسؤولين بوزارة العدل تلقوا طلبا من القضاء الفرنسي لاستقبال وفد متكون من قاضي تحقيق ومساعدين وفريق من متخصصين في التحقيقات الجنائية، لإجراء خبرة على جماجم 7 رهبان فرنسيين تحوم شكوك حول الهوية الحقيقية للجهة التي قتلتهم، قبل 16 سنة.

وأفاد المصدر الذي يشتغل بالمحكمة العليا، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الفصل في الطلب الفرنسي «يعود إلى أعلى هرم في الدولة»، يقصد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأوضح أن القضية «تحمل شقا سياسيا حتى إن كانت واجهتها قضائية»، في إشارة إلى ما سببته القضية في مزيد من التوتر في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، التي تعيش مدا وجزرا منذ سنوات طويلة، بسبب ثقل الماضي الاستعماري على الجوانب السياسية والاقتصادية، وحتى الإنسانية على العلاقات.

وتقول الرواية الرسمية حول مقتل رهبان دير تيبحيرين (80 كلم جنوب العاصمة)، إن «الجماعة الإسلامية المسلحة» بقيادة جمال زيتوني، اختطفت رجال الدين المسيحيين من كنيستهم بأعالي ولاية المدية، وهي من قتلتهم بفصل رؤوسهم عن أجسادهم. بينما ظهرت رواية جديدة أصحابها الملحق العسكري بسفارة فرنسا في الجزائر سابقا، ومنشقون عن الجيش الجزائري ولاجئون سياسيون بأوروبا، تقول إن الجيش الجزائري «قتلهم عمدا ليلحق تهمة الاغتيال بالجماعات الإسلامية المتشددة»، وتقول رواية ثالثة إن الجيش قتلهم عن طريق الخطأ، عندما قصف مواقع الإرهابيين بالمدية.

ويتكفل بالتحري في ملابسات اغتيال الرهبان، القاضي مارك تريدفديتش الذي يريد إجراء خبرة على الجماجم التي تم العثور عليها دون أجساد، للتأكد مما إذا كانت تعرضت لشظايا قصف بالطائرات أو أنها سليمة. فالحالة الأولى تقود حتما إلى تعزيز فرضية «القتل عن طريق الخطأ» من طرف الجيش الجزائري، ولكن ستفيد بالمقابل بأن السلطات تكتمت عن الحقيقة. أما الحالة الثانية فتقود إلى تعزيز الرواية الرسمية التي تقول إن «الإرهاب الأعمى الذي لا يفرق بين المسلم وغير المسلم»، هو الذي قتل الرهبان. وفي كلتا الحالتين، تبدي الجزائر حساسية مفرطة من مجرد فتح الملف من جديد لكونه يثير جدلا قديما حول مسؤولية قوات الأمن في الحرب الأهلية التي عصفت بالجزائر، خلال تسعينات القرن الماضي.

ومن أكثر ما يغضب السلطات الجزائرية، أن تنسب المجازر التي وقعت خلال الحرب الأهلية، إلى مؤسساتها الأمنية. ويفهم ذلك في الغالب على أنه تبرئة للجماعات الإرهابية من المذابح الشنيعة التي راح ضحيتها أكثر من 150 ألف قتيل.

يشار إلى أن الرهبان رفضوا دعوة السلطات لنقلهم إلى وسط المدينة، تفاديا لأي مكروه قد يصيبهم في كنيستهم التي تقع في أبرز معاقل الإرهاب جنوب العاصمة. ونقل عنهم أنهم سيبقون في تيبحيرين وسط أهاليها وسيدفنون فيها أيضا.

وتعتبر هذه القضية بالذات حلقة بارزة في التوتر الحاد الذي يميز العلاقات الجزائرية - الفرنسية، وإعادة إحيائه من طرف الفرنسيين، حاليا، يثير حساسية كبيرة لدى المسؤولين بالجزائر لسبب وحيد، وهو أنه يشير إلى الجيش الجزائري بأصبع الاتهام.