مستشارة للمالكي لـ «الشرق الأوسط»: الهدف من طلب الاستثناء من عقوبات إيران تخفيف التوتر

انخفاض قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار يقلق تجار العراق

أوراق نقدية إيرانية في مكتب صرافة في بغداد الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

نفت الحكومة العراقية أن تكون هناك صلة مباشرة بين الطلب الذي ينوي العراق تقديمه في إطار المدة القانونية بشأن استثنائه من العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وبين عقد القمة العربية في بغداد. وقالت مريم الريس مستشارة المالكي للشؤون السياسية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الطلب الذي ينوي العراق تقديمه لاستثنائه من العقوبات الدولية التي ستدخل حيز التنفيذ ضد إيران إنما هو طلب مشروع وقانوني ويدخل في إطار ما هو مسموح به من إجراءات»، نافية أن «تكون هناك أي صلة بين هذا الطلب وبين موعد وإجراءات عقد القمة العربية في بغداد في التاسع والعشرين من الشهر المقبل».

وأوضحت الريس أن «مخاوف العراق تكمن في ما يمكن أن يلي فرض العقوبات من تصعيد إيراني يمكن أن تكون له تأثيرات على عموم المنطقة ومنها العراق الذي يستعد لحدث كبير مثل القمة العربية، لا سيما أن نحو 20 في المائة من صادرات النفط تمر عبر مضيق هرمز، كما أن نحو 80 في المائة من صادرات العراق تمر عبره، وبالتالي فإن أي عملية تصعيد من شأنها أن تؤثر على عموم منطقة الخليج». وأضافت الريس أنه «في حال حصلت استثناءات، وضمن المدة القانونية المتاحة وهي 120 يوما، لا سيما أن اليابان فعلت الأمر نفسه، فإن هذا من شأنه ألا يضيق الخناق تماما على إيران وقد يؤدي في النهاية إلى تخفيف حدة التوتر في المنطقة». وأكدت أن «ما يهم العراق بالدرجة الأولى مصالحه ومصالح شعبه، ولا سيما أن حجم التبادل التجاري بيننا وبين إيران بلغ 10 مليارات دولار، وهو أمر يمكن أن يترك تأثيرات بالغة بهذا الاتجاه».

بدوره، دعا الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، جميع الدول لـ«تفهم طلب العراق»، مستبعدا أن يؤثر ذلك على القمة العربية. وأضاف أن «الحكومة العراقية تريد أن يكون لها دور في حل الأزمة الحالية بين طهران وواشنطن وتهدئة الأمور لضمان ألا تنجرف المنطقة نحو توتر كبير يضر العراق».

على صعيد متصل، بدأ البنك المركزي العراقي هذا الأسبوع تطبيق إجراءات جديدة حيال مبيعاته من الدولار، مما أدى إلى انخفاض كبير في معدلات بيع هذه العملة. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يأتي هذا القرار وسط شكوك مسؤولين عراقيين حول محاولات تجار إيرانيين وسوريين شراء العملة الصعبة هذه بسبب العقوبات المفروضة على كل من إيران وسوريا وتراجع قيمة العملة المحلية في هذين البلدين الجارين للعراق.

ويتجنب التجار العراقيون مؤخرا التعامل مع مئات آلاف السياح الآتين من إيران بعملة بلادهم إثر تراجعها الكبير أمام الدولار، الذي بات بدوره هدف التجار الإيرانيين بعدما تجاهلوه لسنوات طويلة. وفي منطقة الكاظمية في شمال بغداد التي تسكنها غالبية شيعية، تعج محلات الصاغة والألبسة والمطاعم المحيطة بمرقدي الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد، بزوار المكان المقدس لدى الشيعة. وعادة ما تزدحم هذه المحلات والشوارع التي تحيط المرقدين بالزوار الإيرانيين، إلا أن المواكب التي تقل هؤلاء إلى هذا الموقع اختفت تقريبا في نهاية الأسبوع الحالي. وقال علي محمد (42 عاما)، وهو صاحب مكتب للصيرفة، إن «سعر التومان (الريال الإيراني) انخفض بشكل كبير جدا». وأضاف أن «هذا الانخفاض سبب لنا خسارة كبيرة. فقبل شهر ونصف الشهر كنت أتعامل بقرابة عشرين ألف دولار يوميا من التومان، والآن أتعامل بأقل من ألف دولار». وتابع «أعتقد أني سأتوقف عن شراء التومان بشكل تدريجي، وإذا استمر بالانخفاض فسأتوقف نهائيا عن التعامل به».

وذكر جاسم العاملي (55 عاما) الذي يملك بدوره محلا للصيرفة في الكاظمية، أن سعر الريال الإيراني انخفض إلى 18000 للدولار الواحد «بعد أن كان الدولار يساوي نحو عشرة آلاف قبل نحو شهرين». ويتزايد انخفاض سعر الريال عند الحدود مع إيران، إذ وصل سعر الدولار إلى 20 ألف ريال عند معبر زرباطية الحدودي في محافظة واسط (جنوب شرقي بغداد). وأكد أحد المسؤولين في المعبر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «العشرات من التجار الإيرانيين يعملون وبشكل يومي على شراء الدولار»، مشيرا إلى أنه قبل انخفاض قيمة عملة بلادهم «كانوا يتعاملون بالعملة الإيرانية ولا يبحثون عن الدولار».

وفي مدينة النجف (150 كلم جنوب بغداد)، حيث مرقد الإمام علي بن أبي طالب، التي يزورها أكثر من مليوني إيراني سنويا، يثير تراجع العملة الإيرانية أيضا حفيظة أصحاب محلات الصرافة ومالكي الفنادق التي تعتمد بشكل أساسي على هؤلاء الزوار. وقال حسين إخوان (36 عاما) الذي يعمل في شركة صيرفة هناك، إن «سعر صرف التومان الإيراني المتذبذب بات يشكل لنا مشكلة من جهة الفارق في سعر الصرف بالنسبة لعمليات البيع والشراء مع العملات الأخرى».

من جهته، أوضح عدي البهاش (35 عاما) الذي يملك محلا لبيع القماش في السوق الرئيسية في النجف، أن «السلعة التي كنا نبيعها قبل الانخفاض بعشرين تومانا، أصبحنا نبيعها بأربعين تومانا من دون أن نحقق أي ربح».

وأكد وزير السياحة العراقي لواء سميسم، أن «هبوط العملة الإيرانية أثر بشكل طفيف على السياحة الدينية، إلا أن هذا الأمر لم يؤثر على تدفق الزوار الإيرانيين». ورغم ذلك قال خالد أبو الجيج (40 عاما)، وهو صاحب فندق «وسط النجف»، إن «شركات السياحة بدأت تسجل خسائر وتحاول تعويض هذه الخسائر من خلال الدفع لنا بالتومان الإيراني بعد أن كانت تدفع بالدولار». وتابع في إشارة إلى رفض الحصول على المبالغ المستحقة بالعملة الإيرانية «لم نتسلم مستحقاتنا من الشركات السياحية منذ انخفاض العملة».