نائب سلفا كير لـ «الشرق الأوسط»: البشير لن يجد شريكا له في الحرب

رياك مشار دعا الخرطوم للحوار ويقول إن إيقاف النفط لا يعني الدخول في المواجهة

د.رياك مشار
TT

أكدت دولة جنوب السودان أنها لا تسعى إلى خوض أي حرب مع جارتها السودان، ردا على إعلان الرئيس عمر البشير أن الأجواء مع دولة الجنوب أقرب إلى الحرب من السلام، وشددت على أن جوبا تقف مع السلام ومواصلة الحوار للتوصل إلى حلول في القضايا العالقة، داعية الرئيس البشير إلى تشجيع الحوار والتفاوض بدلا من دق طبول الحرب. ويعقد المكتب السياسي للحركة الشعبية الحاكمة في الدولة حديثة الاستقلال اجتماعا اليوم وهو الأول منذ استقلال الدولة في يوليو (تموز) الماضي، يتوقع أن ينظر إلى القرارات التي اتخذتها الحكومة بغلق آبار النفط، والتحديات التي ستواجهها الدولة.

وقال نائب رئيس دولة جنوب السودان الدكتور رياك مشار لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس السوداني عمر البشير بإعلانه الحرب لن يجد شريكا له في الجنوب لخوضها لكنه سيجد هذه الدولة شريكا له في السلام، وأضاف «لن نخوض حربا مع الشمال، ليس خوفا ولكن لأن هذا هو المنطق وصوت العالم كله مع السلام.. لماذا نلجأ إلى الحرب وفي أيدينا طريق السلام عبر الحوار؟!»، وقال «برنامجنا هو السلام مع الشمال وسنعمل على ذلك»، معتبرا أن إيقاف النفط من قبل حكومته لا يعني الدخول في المواجهة مع دولة السودان، وتابع «النفط موردنا ومن حقنا أن نتعامل معه بما نريد، وكان على البشير أن يشجع الأطراف للحوار».

وذكر مشار أن وزير الخارجية السوداني علي كرتي هدد بأن بلاده سوف تستخدم الجنوبيين الموجودين في الشمال، وعددهم 700 ألف جنوبي، للحرب ضد بلادهم، وقال إن الجنوبيين سواء في الشمال أو الجنوب لا يريدون خوض الحرب، وأضاف أن القبائل العربية الشمالية ترعى مواشيها في الجنوب وعددهم أكثر من مليونين، وأن وجودهم حسب اتفاقية السلام ستنتهي في الحادي والثلاثين من مارس (آذار) القادم وسيصبحون مواطني دولة أخرى، وقال «هل ستقوم الخرطوم باستخراج جوازات سفر لهم جميعا قبل الموسم الجديد في ديسمبر (كانون الأول) القادم في عودتهم للجنوب، وبذلك الرقم الضخم، أو لديها بدائل أخرى؟»، وأضاف أن الحرب لا تنفع الشماليين لأن جوبا يمكن أن تقوم بترحيل مواطنيها الموجودين في الشمال خلال ستة أشهر، وتابع «لكن ماذا سيفعلون مع أكثر من مليونين يأتون سنويا لمصالحهم في الجنوب؟ لذلك نحن نرى أن السلام هو المنطق الذي يجب أن يتبع لأنه ليس هناك سبب يمكن أن يؤدي إلى أن تخوض الدولتان الحرب مرة أخرى».

وقال مشار إنه على البشير أن يحل مشاكله الداخلية وكلها من الأسباب الاقتصادية، وأضاف أن السودان به حروب في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وفي الشمال مع المناصير، وهناك تململ في شرق البلاد، فليس من العقل أن يفتح جبهة أخرى مع دولة مجاورة، وقال «حتى الآن الخرطوم لا تريد أن تقتنع بأن جنوب السودان أصبح دولة ذات سيادة، وعلى حكومة الشمال أن تحترم ذلك وتتعامل على أساسه»، وتابع «على كل حال نحن سنذهب إلى المفاوضات مع الحكومة السودانية في العاشر من فبراير (شباط) الجاري في العاصمة أديس أبابا وسنواصل معها الحوار، لكن التهديد لا يجدي في مثل هذه المفاوضات بل المطلوب التقدم بحلول»، وقال إن وفد بلاده في المفاوضات أبدى مرونة كبيرة للتوصل إلى السلام.

من جانبه، قال وزير الإعلام في جنوب السودان الدكتور برنابا مريال بنجامين، إن موقف رئيس بلاده سلفا كير ميارديت واضح جدا، حيث «إننا لا نؤيد الحرب.. نريد السلام لأن السودان ليس عدونا»، وأضاف «محاولات البشير في تحضيره للحرب كانت منذ توقيع اتفاقية السلام في عام 2005، وهو يريد أن يخوضها، والآن إذا كان يسعى من جديد للحرب بسبب ثروات الجنوب فهذا أمر آخر».

وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد قال في لقاء تلفزيوني إن الأجواء بين بلاده وجنوب السودان أقرب إلى الحرب من السلام، بينما قال وزير خارجيته علي كرتي إن حكومته تملك ما سماه بالخطة «ب» وكروت ضغط لا تحصى ولا تعد للضغط على جوبا، وأضاف أن الخطوة القادمة لحكومته تستدعي الانتقال والاستعداد إلى الخطة «ب» للتعامل مع دولة جنوب السودان، دون أن يحدد تفاصيل تلك الخطة.

إلى ذلك، كشف مصدر قيادي في الحركة الشعبية، الحزب الحاكم في دولة جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المكتب السياسي سيعقد اجتماعا اليوم برئاسة سلفا كير ميارديت، وقال إن الاجتماع هو الأول منذ إعلان استقلال الدولة في يوليو الماضي، وسينظر إلى قرارات الحكومة في غلق آبار النفط ومنع تصديره عبر دولة الشمال والنظر في البدائل الاقتصادية بعد وقف إنتاج النفط، خاصة أن الدولة الجديدة تعتمد بنسبة 98 في المائة في اقتصادها على النفط، وأضاف أن المكتب السياسي سيجري تقييما شاملا للمفاوضات التي جرت مع حكومة السودان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى جانب الاجتماع الذي عقده رئيسا الدولتين البشير وسلفا كير بحضور رئيس كينيا مواي كيباكي ورئيس وزراء إثيوبيا ملس زيناوي، وقال إن المفاوضات والاجتماع الرئاسي قد انهارا، وإن الخرطوم أعلنت الحرب من جانب واحد على دولة جنوب السودان، وتابع «كل هذه القضايا والوضع الراهن في الجنوب من صراعات قبلية وتحديات اقتصادية، والمرحلة الدقيقة التي تمر بها الدولة ووضع استراتيجية شاملة للمرحلة القادمة سيتناولها اجتماع المكتب السياسي خلال يومين أو ثلاثة».