مجزرة جديدة في داريا بعد إطلاق الرصاص الحي على مشيعي قتلى جمعة حماه

القناصة انتشروا على أسطح المباني

TT

في حين كانت مدينة حمص السورية، تلملم جراحها، جراء المجزرة المروعة التي ارتكبها النظام السوري في حي الخالدية، تعرضت مدينة داريا في ريف دمشق لهجوم شرس استهدف مشيعي ضحايا جمعة «عذرا حماه.. سامحينا»، حيث فتحت عناصر الأمن النار على المشيعين، مرتكبة مجزرة جديدة راح ضحيتها، وفق ما أكده ناشطون لـ«الشرق الأوسط» أكثر من 17 قتيلا ممن كانوا يشاركون في التشييع و80 جريحا.

وتزامنت هذه المجزرة مع اقتحام شامل نفذته قوات الأمن السوري على المدينة. وذكرت تنسيقية داريا للثورة السورية على صفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك» أن قوات الأمن «اقتحمت داريا من جهة دوار الفرن باتجاه الكورنيش مع رشاش كوبرا وعدد من العناصر، وأقامت حاجزا للشبيحة في المنطقة، حيث قامت هذه المجموعات بإطلاق نار كثيف في منطقة الفرن الآلي وطريق الدحاديل. كما دخلت تعزيزات أمنية على دفعتين إلى مدينة داريا عن طريق شارع الشهيد غياث مطر (المعضمية سابقا) ودخلت الدفعة الثانية عصرا، وكان قوامها حافلتين من الشبيحة وعناصر تابعين للضابط الأمني جميل حسن، إضافة إلى أربع مضادات طيران».

وأفادت تنسيقية داريا في تقريرها أن «قناصين قد انتشروا على الأبنية منذ الصباح، وأقامت شبيحة النظام حاجزا على طريق الدحاديل وآخر على طريق المعامل، إضافة إلى حاجز عند مشفى الرضوان، وقامت بإهانة المواطنين وإجبارهم على خلع ملابسهم. وتم فرض حالة من منع التجوال الإجباري وذلك بالانتشار الكثيف من قبل الشبيحة في الشوارع وإطلاق النار على كل شيء يتحرك».

ووثقت مقاطع فيديو نشرتها تنسيقية داريا عمليات الاقتحام، كما تم نشر أسماء الضحايا الذين سقطوا على يد الأمن والجيش النظامي.

وربط أحد الناشطين بين «مجزرة حمص التي ارتكبتها قوات الأسد فجر يوم السبت الفائت، وعملية اقتحام مدينة داريا»، مؤكدا أن «معظم سكان داريا التي تبعد عن دمشق نحو 8 كلم وتعد أكبر مدن الغوطة الغربية ومركزها الرئيسي، يتحدرون من قبائل عربية جاءت من مدينة حمص واستقرت في داريا، مما يجعلهم مستهدفين أكثر من سواهم بين مناطق ريف دمشق».

وذكر الناشط لـ«الشرق الأوسط» أن «أهالي داريا تظاهروا بشكل سلمي منذ بدء الانتفاضة حتى الآن، فالمدينة تعد إحدى بؤر الاحتجاج الباكرة، وتفاوت حجم مظاهراتها، ليبلغ يوم (الجمعة العظيمة) في أبريل (نيسان) الماضي 15000 متظاهر، سقط منهم 3 شهداء، ليشارك في تشييعهم في اليوم التالي 40 ألفا من السكان». وتابع: «لبعض الوقت، غاب عناصر الأمن عن البلدة فعمّت فيها المظاهرات، لتوضع المدينة بعدها تحت الحصار الأمني المشدد، وتخضع لاستنزاف بشري مستمر في صورة اعتقالات يومية». وقال إن «هناك 600 معتقل معروفون بالاسم، ويحتمل أن يصل إجمالي عدد معتقلي داريا إلى ألف شخص».

وأوضح الناشط، الذي يواكب التحركات كافة في داريا منذ بدء الانتفاضة السورية، أنه «في مواجهة هذا الاحتلال المباشر لجأ الشباب إلى (المظاهرات الطيارة)، حيث يتجمعون في مكان متفق عليه، ويطلقون هتافاتهم، ويتفرقون بسرعة قبل أن تدهمهم قوات النظام وشبيحته»، لافتا إلى أنه «بعد ترسخ الانتفاضة في محافظة ريف دمشق، استعادت داريا زخمها الاحتجاجي، لتنال حصتها من القمع الأسدي».

واشتهرت داريا، التي يتوزع عمل سكانها بين زراعة الأشجار وصناعة المفروشات، باتباع النشاط اللاعنفي في مواجهة النظام السوري. فمعظم ناشطي المدينة هم من تلامذة الشيخ جودت سعيد ومتأثرون بمدرسته، وهي مدرسة تأويل لا عنفي للإسلام، ويعد شخصية مهمة في سوريا تعرف بمواقفها السياسية المعارضة للنظام السوري.

ومن المدينة التي تقطنها أغلبية سنية وتعيش فيها أقلية مسيحية، خرجت فكرة توزيع الماء والورود على الجنود الموالين للأسد. كما برز اسم غياث مطر، الناشط اللاعنفي الذي نشط في تنظيم الاحتجاجات السلمية في البلدة، مما دفع جهاز المخابرات الجوية إلى اعتقاله ونزع حنجرته وإعادته إلى أهله جثة هامدة.