نظام الأسد يرتكب مجزرة جديدة في حمص.. ويمطرها والزبداني بعشرات قذائف «الهاون»

سقوط نحو 80 قتيلا.. والجثث ملقاة في الشوارع.. والسكان يستغيثون: رائحة الموت في كل مكان

سوريون يسارعون لنقل الجرحى إلى مستشفى حمص، أمس (أ.ب)
TT

ارتكب نظام الرئيس السوري بشار الأسد مجزرة جديدة في مدينة حمص عندما دك عددا من أحيائها بالأسلحة الثقيلة وأمطر سكانها بعشرات من قذائف «الهاون»، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وجاء ذلك بعد يومين من مجزرة الخالدية التي حصدت 200 قتيل على الأقل.

وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية في ساعة متأخرة من بعد ظهر أمس عن سقوط 64 قتيلا في سوريا منهم 52 سقطوا في حمص وحدها. بينما أفاد ناشطون بمقتل نحو 80 شخصا في القصف.

وكانت لجان التنسيق المحلية أفادت، منذ ساعات الصباح الأولى، بسقوط عشرات قذائف «الهاون» والصواريخ في حمص وخاصة على الرستن وأحياء بابا عمرو وكرم الزيتون وكرم الشامي والخالدية والإنشاءات وباب السباع.

وأطلق الناشطون السوريون نداءات استغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإغاثة الجرحى والمصابين ولرفع الأنقاض عن جثامين القتلى المنتشرة في شوارع حمص. ووصف ناشطون من حي بابا عمرو القصف الذي يطالهم بـ«العنيف جدا جدا»، مؤكدين أن «صاروخا أو قذيفة (هاون) تسقط كل ثلاث دقائق وأن الانفجارات لا تتوقف». وأفادت تنسيقية بابا عمرو أن «القصف العنيف والمتواصل الذي يتعرض له الحي أدى لسقوط أكثر من 25 شهيدا مع صعوبة تحديد عدد الجرحى الذين لا يزال قسم كبير منهم تحت ركام البيوت التي يصعب الوصول إليها لشدة القصف وانتشار القناصة على الأبنية العالية المطلة»، لافتة إلى أنه «لم يبق سوى مشفى ميداني واحد يسعف الجرحى في ظل نقص شديد في المواد الطبية والغذائية»، متحدثة كذلك عن «حالة من الرعب التام تسود السكان خوفا من اقتحام الحي وارتكاب المجازر فيه».

وأعلن الناشطون السوريون أنه «تم نصب راجمات للصواريخ في شرق حمص في مسكنة وفي غرب حمص في عيصون وذلك لقصف حمص بالكامل». وأظهرت مقاطع الفيديو التي تم تحميلها على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» كثافة الصواريخ والقذائف التي تتساقط في مختلف المناطق والأحياء في محافظة حمص.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه «تم توثيق أسماء وظروف استشهاد أكثر من 24 مدنيا في أحياء بابا عمرو وكرم الزيتون وكرم الشامي والخالدية والإنشاءات وباب السباع»، مشيرا إلى أن «هناك 4 جثث لأشخاص مجهولي الهوية وأن العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بحالة حرجة». وقد أكدت عضو المجلس الوطني السوري كاثرين التلي أن «عدد القتلى في حمص، منذ بدء القصف عند الساعة السادسة من صباح اليوم (أمس) تخطى الـ50»، مشددة على أن معظمهم مدنيون، مشيرة إلى أن «النظام السوري يتصرف وكأنه محصن ضد التدخل الدولي وأن له مطلق الحرية في استخدام العنف ضد المواطنين».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سكان في حمص حديثهم عن جثث ودبابات في الطرق، وعن نقص في المواد الغذائية والطبية في المنازل وعن رائحة الموت ودمار في كل مكان.

وقال وائل في اتصال هاتفي من داخل حمص «في الشارع، لا نرى سوى جرحى وقتلى ودبابات. الدبابات منتشرة في كل مكان». وأضاف «الناس يشعرون بالهلع ويصرخون (الله يساعدنا)»، متابعا «لدينا شعور بأن الجميع تخلى عنا». وأشار إلى أن بعض السكان «يرفضون مغادرة المدينة ويقولون (ليحدث ما يحدث)، وآخرون يغادرون لأنهم يخافون على أطفالهم لكنهم يعرضون أنفسهم للخطر بسبب انتشار القناصة في كل مكان». وقال وائل «لا يمكننا الاعتماد إلا على الله وعلى الجيش الحر الموجود في داخل الأحياء».

وقال ساهر، وهو ناشط موجود في حمص، إن «الصواريخ والقذائف تنزل كالمطر»، مضيفا أنه «موجود في طابق أرضي مع أربعة أشخاص آخرين، نحاول الاحتماء من القصف».

وأشار إلى أن «السكان ينزلون إلى الطوابق السفلى للاختباء. الجميع خائف. أصوات الراجمات والمدفعية مخيفة». وذكر ساهر أن «النظام حشد منذ الأمس آلياته حول حمص»، متوقعا حصول اقتحام للمدينة التي تعتبر أحد أبرز معاقل حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وفي ريف دمشق، اقتحمت عناصر الجيش النظامي معززة بمئات المدرعات مدينة الزبداني من الجبل الشرقي بالتزامن مع إطلاق نار كثيف مدعوم بقصف مدفعي، وأفاد المرصد السوري بسقوط عدد من القتلى في سهل مضايا وعشرات الجرحى. ووصف الناشط السوري علي إبراهيم الوضع في الزبداني بـ«المأساوي» مؤكدا قصف مضايا والزبداني بواسطة المدرعات والرشاشات، ما أدى لسقوط عشرات القتلى والجرحى وتدمير كامل لعدد من المنازل. وأفادت لجان التنسيق بأن «قوات عسكرية أمنية مشتركة اقتحمت بلدة داريا ما أدى لسقوط عدد من الجرحى إثر إطلاق الرصاص عشوائيا».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الحي الغربي لمدينة الزبداني (في ريف دمشق) تعرض لقصف من الآليات العسكرية التي تحاصر المدينة، مما أدى إلى تهدم جزئي لكثير من المنازل»، وأشار المرصد إلى مقتل مواطن في سهل مضايا المجاور للزبداني نتيجة القصف، وإصابة 17 آخرين في المدينة «التي نزحت عنها غالبية سكانها»، لافتا إلى أن «أكثر من 200 آلية عسكرية مدرعة تضم دبابات وناقلات جند مدرعة تحاصر الزبداني ومضايا». وتحدث بيان صادر عن لجان التنسيق المحلية عن «تقدم أرتال من الدبابات والمدرعات في اتجاه المدينة من أربعة محاور»، مشيرا إلى «تهدم ثمانية منازل بشكل كامل في مضايا والزبداني واحتراق الفرن الآلي بعد استهدافه بقذيفة». وأشار المرصد إلى «استخدام المدافع الثقيلة للمرة الأولى في منطقة الزبداني ومضايا»، لافتا إلى أن هناك «حركة نزوح جماعي للأهالي ونداءات عبر المآذن تطلب من الناس الاختباء في الطوابق السفلية والأقبية»، معربا عن تخوفه من «كارثة إنسانية» وسط «انقطاع تام للتيار الكهربائي والمياه والاتصالات وشح المواد الغذائية والطبية».

وأفاد المرصد بمقتل ثلاثة ضباط، هم عميد ونقيب وملازم أول، وأسر 19 جنديا في الجيش النظامي السوري في هجوم شنه منشقون فجر أمس على حاجز للجيش في قرية البارة، في جبل الزاوية، في محافظة إدلب (شمال غرب)، مشيرا إلى أن الهجوم «أدى إلى تدمير الحاجز تدميرا كاملا». وفي محافظة إدلب، أفيد بمقتل أربعة مدنيين بينهم سيدتان وطفل قتلوا إثر سقوط قذيفة على حقل زراعي كانوا يعملون به. بالتزامن، خرجت أكثر من مظاهرة في أنحاء سوريا دعما لأهالي حمص وتنديدا بالمجازر التي ترتكب بحق نسائها وأطفالها. فرفع أطفال نهر عيشة في دمشق اللافتات المستغيثة والمنددة بالموقفين الروسي والصيني الداعمين لآلة القتل الأسدية، كما خرج العشرات في حماه في بلدة كفرنبودة وفي الدرباسية في محافظة الحسكة تضامنا مع أهالي حمص. وفي داريا التزم معظم الأهالي بالإضراب (إضراب الكرامة)، فأقفلوا المحال التجارية ولازموا منازلهم حدادا على ضحايا مجازر حمص. بدورها، أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأن «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت بعملية تخريبية خطا لنقل الغاز قرب تلبيسة في محافظة حمص ليل الأحد/ الاثنين عبر تفجيره بعبوة ناسفة ما أدى إلى تسرب كميات من الغاز في نقطة التفجير». كما قالت الوكالة إن «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت خطا لنقل النفط في منطقة جوبر في حمص متجها إلى مصب النفط في طرطوس».