مصر: استمرار التحقيقات في قضية تمويل منظمات المجتمع المدني وإعلان أسماء المتهمين

مصدر قضائي لـ «الشرق الأوسط»: هناك أدلة دامغة بشأن الاتهامات ولا نخضع لضغوط سياسية.. وواشنطن تلمح بتأثير على «المساعدات»

هدنة عابرة بين حجارة المتظاهرين وقنابل الغاز المسيل للدموع التي يطلقها الأمن بكثافة للسماح لسيدة مصرية بعبور شارع مجاور لوزارة الداخلية وسط القاهرة، أمس (أ.ب)
TT

أعلنت الجهات القضائية المصرية المسؤولة عن التحقيقات في وقائع المخالفات المنسوبة إلى عدد من منظمات المجتمع المدني أسماء 43 متهما كان قد تقرر أول من أمس إحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة، بتهمة إدارة وتأسيس فروع لمنظمات أجنبية داخل مصر وتلقي الأموال من جهات أجنبية وإنفاقها على أنشطتهم دون الموافقة من الحكومة المصرية.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيقات توصلت إلى أدلة دامغة بشأن ارتكاب المتهمين، ومنهم سام لحود المدير الإقليمي لخمسة أفرع للمعهد الجمهوري الأميركي في مصر، لما هو منسوب إليهم من اتهامات، مشددا على أن هيئة التحقيق تعمل بمعزل كامل عن أية ضغوط سياسية، وأن أحدا لا يتدخل في عملهم، بما في ذلك وزير العدل، كما أنهم يمتلكون دون غيرهم حق إحالة التحقيقات إلى المحاكمة الجنائية.

وقال المستشار سامح أبو زيد، أحد مستشاري التحقيق، إن التحقيقات ما زالت مستمرة مع الأشخاص والمنظمات المصرية والأجنبية والكيانات الأخرى التي تعمل في هذا المجال بالمخالفة لأحكام القانون، وإنه لم يتم حفظ التحقيقات مع أي منها، مشيرا إلى أنه تقرر استمرار منع جميع المتهمين المحالين إلى المحاكمة من السفر، واستمرار وضع المتهمين الهاربين على قوائم ترقب الوصول.

من جهتها، قالت سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن إدارة أوباما ما زالت تحافظ على ضغوطها على مصر من أجل إخلاء سبيل مواطنيها الـ19. وأضافت رايس، في خلال حديث لبرنامج «هذا الصباح» على شبكة «سي بي إس»، أن «المواطنين الأميركيين المحتجزين كانوا يعملون بكل الجهد على بناء مجتمع أكثر ديمقراطية»، مضيفة أن «واشنطن تتحدث إلى القاهرة باستمرار، في هذا الشأن، بما في ذلك خلال الأيام والساعات الأخيرة».

فيما قال جاي كارني، السكرتير الصحافي للبيت الأبيض للصحافيين، في وقت لاحق، معلقا على الحملة المصرية ضد المنظمات غير الحكومية: «هذه الأفعال يمكن أن تكون لها عواقب على علاقتنا وبرامج مساعداتنا»، في إشارة مباشرة إلى المساعدات الأميركية لمصر.

وقد توالت ردود الأفعال حول قرار الإحالة إلى المحاكمة، ودعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات المصرية لإسقاط الاتهامات وإيقاف التحقيقات. وقالت في بيان لها أمس: «على السلطات المصرية أن تسقط جميع الاتهامات المنسوبة إلى المنظمات غير الحكومية غير المسجلة، وأن توقف التحقيق الجنائي مع هذه المنظمات، وأن لا تتخذ أية تحركات إلى أن يقدم البرلمان الجديد تشريعا يتسق مع المعايير الخاصة بالقانون الدولي».

وأكد البيان أن «المنظمات الخاضعة للتحقيق لم تكن مسجلة بموجب قانون الجمعيات الصادر في عهد مبارك، والسبب في حالات عدة يرجع إلى أن الحكومة لم ترد على طلبات التسجيل التي قدمتها المنظمات».

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط بالمنظمة، إن «السلطات المصرية تستخدم قانونا منزوعا المصداقية من عهد مبارك لملاحقة منظمات غير حكومية قضائيا، بينما تقترح تشريعا أكثر تقييدا من المطبق»، مضيفا: «يزعم المسؤولون المصريون أن هذا تحقيق قضائي مستقل، لكن القضاة اختارتهم نفس الوزارة التي أعدت تقرير منظمات المجتمع المدني».

ووصف المعهد الجمهوري الدولي القرار بأنه «خطوة تعكس الهجمات المتزايدة على منظمات الديمقراطية المصرية والدولية»، وقال المعهد، وهو إحدى المنظمات الأميركية التي ورد أسماء عاملين بها ضمن من تمت إحالتهم إلى المحاكمة: «إن هذا الهجوم المسيس ليس عملية قضائية، لكنها جهود تحركها السياسة من أجل سحق جماعات المجتمع المدني المتنامية في مصر». كما قال المعهد الوطني الديمقراطي، وهو منظمة أميركية أيضا من بين المنظمات التي تشملها التحقيقات، إنه يشعر «بقلق بالغ إزاء تلك التطورات».