سياسة التقشف تطيح برئيس وزراء رومانيا

المظاهرات اندلعت على خلفية استقالة نائب وزير الصحة المعارض لسياسة خصخصة النظام الصحي

TT

قدم رئيس وزراء رومانيا إميل بوك استقالته أمس الاثنين استجابة للاحتجاجات الحاشدة ضد إجراءات التقشف المدعومة من صندوق النقد الدولي، لينضم إلى زعماء دول أخرى بالاتحاد الأوروبي أطاحت بهم مشكلة الديون المتصاعدة. واختار الرئيس ترايان باسيسكو وزير العدل في الحكومة الحالية كاتالين بريدويو ليحل محل بوك في رئاسة الحكومة بعد أن تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري على أقصى تقدير بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وبعد ساعات من اعلان استقالة بوك، طلب الرئيس الروماني تريان باسيسكو من رئيس هيئة المخابرات الخارجية ميهاي رازفان تشكيل حكومة جديدة، كما طلب الرئيس الروماني عرض الحكومة الجديدة على البرلمان لنيل الثقة.

وقال صندوق النقد الدولي الذي قدم خطة إنقاذ لرومانيا قيمتها 20 مليار يورو (26 مليار دولار) في صورة قرض شريطة أن تقوم بتخفيضات حادة في الإنفاق الحكومي، وإنه لا يتوقع أن يتأثر الاتفاق باستقالة بوك.

وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في بوخارست جيفري فرانكس لـ«رويترز»: «لا أرى سببا بالضرورة لكي يكون لهذا أثر ملموس على اتفاق المساعدات. نتوقع أن يستمر الاتفاق». والتزمت رومانيا في إحدى المراحل باعتماد العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) في إطار شروط انضمامها لعضوية الاتحاد الأوروبي عام 2007. وهي ثاني أفقر دولة بين أعضاء الاتحاد، وما زالت تعاني من التركة الاقتصادية التي خلفتها هيمنة الحكومة الشيوعية. وفي حين أن حكومة بوك لم تمر بالصعوبات التي سببها استخدام اليورو لزعماء في دول مجاورة مثل اليونان، حيث سعت الحكومة جاهدة لتمويل نفسها دون دعم صندوق النقد الدولي واستطاعت إجراء تخفيضات كبيرة أغضبت الرأي العام وأدت إلى اندلاع احتجاجات على مدى أسابيع. وقال بوك في كلمة بثها التلفزيون: «اتخذت هذا القرار لتخفيف توتر الوضع السياسي والاجتماعي للبلاد، وأيضا حتى لا أضيع ما كسبه الرومانيون». وبعد أن خفض بوك رواتب الموظفين في القطاع العام بمقدار الربع ورفع ضريبة المبيعات، تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي إلى أقل من 20 في المائة، وتحدى آلاف الرومانيين البرودة القارسة والثلوج الكثيفة خلال الاحتجاجات الأخيرة. وكانت الحكومة الرومانية قد دعت إلى عقد اجتماع طارئ بعدما تصاعدت الاحتجاجات المنددة بإجراءات التقشف في البلاد. وجاءت الدعوة بعد إصابة العشرات من الأشخاص في اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن في العاصمة الرومانية بوخارست. واندلعت المظاهرات في رومانيا في يناير (كانون الثاني) الماضي تأييدا لنائب وزير الصحة رائد عرفات الذي استقال من منصبه احتجاجا على خطط لإصلاح قطاع الرعاية الصحية. لكن الاحتجاجات اتسعت لتصبح حالة استياء عامة من سياسات الحكومة الرومانية. ودعا تحالف من أحزاب المعارضة إلى تنظيم انتخابات عامة مبكرة. وكان ثلاثة عشر شخصا أصيبوا في مظاهرات قرب «ميدان الجامعة» بالعاصمة بوخارست يوم الأحد. وكان عرفات يشغل منصب نائب وزير الصحة قبل استقالته، وقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة على أفراد الشرطة الذين ردوا باستخدام الغازات المسيلة للدموع. وقال مسؤولون إن الشرطة اعتقلت عددا من مثيري الشغب معظمهم من صغار مشجعي كرة القدم في البلاد. وعرفات من أصل فلسطيني هاجر إلى رومانيا في الثمانينات من القرن الماضي ويحظى بشعبية كبيرة بسبب الإصلاحات التي أدخلها على خدمات الطوارئ في وزارة الصحة. واستقال عرفات من منصب نائب وزير الصحة الخميس الماضي بعد تعرضه لانتقادات متكررة من قبل رئيس الدولة، تريان باسيسكو. وعارض عرفات الإجراءات الحكومية الهادفة إلى خصخصة النظام الصحي في رومانيا. واتسع نطاق الاحتجاجات بعد ذلك ليعكس أجواء الاستياء العام من سياسات الحكومة. وشهدت مدن رومانية أخرى مظاهرات أصغر حجما.