باريس تكشف عن ملامح مجموعة أصدقاء سوريا.. وتجري اتصالات مكثفة

ساركوزي يتحادث مع ميدفيديف قبل وصول لافروف إلى دمشق اليوم

TT

بدأت ترتسم ملامح «مجموعة أصدقاء سوريا» التي تدفع باريس وواشنطن لتشكيلها تعويضا عن عجز مجلس الأمن الدولي إصدار قرار يدعم ويتبنى خطة الجامعة العربية لحل سلمي للأزمة السورية. كذلك باشرت الدبلوماسية الفرنسية اتصالاتها مع الجهات المعنية التي ستكون «النواة الصلبة» للمجموعة والتباحث بشأن الأهداف المتوخاة من إنشائها وآليات عملها.

ويبدو التناغم واضحا بين الخارجية من جهة والرئاسة الفرنسية من جهة أخرى. وأمس قالت الخارجية إن رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي «سيقدم مقترحات بهذا الشأن» من غير أن تعطي مزيدا من التفاصيل. إلا أن الوزير جوبيه كشف ليل الأحد/ الاثنين عن تصور باريس للمجموعة إذ اعتبر أنها يمكن أن تضم «الدول الـ13 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (من أصل 15) الذين صوتوا لصالح القرار الذي أجهض بسبب الفيتو المزدوج وكافة البلدان العربية وكل الذين يودون الانضمام إلينا من أجل ممارسة ضغوط على سوريا». وفي مقدمة هؤلاء الذين لم يفصلهم يتعين إدراج البلدان الأوروبية غير الأعضاء في مجلس الأمن تركيا التي ساءت مؤخرا علاقاتها بفرنسا بسبب التصويت على قانون تجريم نكران المذبحة الأرمنية ودول ناشئة وأخرى نامية فضلا عن دول إسلامية غير عربية تريدها باريس داخل المجموعة لتحاشي اتهامات تشكيل قوة غربية تتدخل في شؤون بلد عربي.

ويشكل إنشاء المجموعة أحد ثلاثة محاور ستعمل عليها الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية والغربية بشكل عام. ويتمثل المحور الثاني في اتخاذ مزيد من العقوبات الاقتصادية والمالية بحق المؤسسات والأشخاص الداعمين للنظام فضلا عن «تجفيف موارده المالية» للنظام السوري وفق ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس. وأعلن جوبيه أن الاتحاد الأوروبي «سيعمد إلى تشديد العقوبات المفروضة على النظام السوري». أما المحور الثالث فيدور حول تقديم مزيد من الدعم للمعارضة السورية وتحديدا للمجلس الوطني السوري دون أن يصل هذا الدعم في الوقت الحاضر إلى حد الاعتراف الرسمي بها مما يعني قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري وإغلاق السفارات واستدعاء السفراء. وبحسب الوزير الفرنسي، فإن كل هذه التدابير التي تهدف إلى تعظيم الضغوط على دمشق ستجعل النظام السوري يتبين في وقت من الأوقات أنه «معزول تماما أنه لن يستطيع الاستمرار» أي البقاء. وكان الموضوع السوري أمس على طاولة المباحثات بين الرئيس ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قصر الإليزيه بمناسبة اجتماع حكومي فرنسي - ألماني مشترك. وأعلن ساركوزي عقب ذلك أنه سيتحدث إلى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بعد ظهر اليوم نفسه باسمه وباسم المستشارة الألمانية. وأعلن ساركوزي أن بلاده وألمانيا «لن تتخليا عن الشعب السوري» معتبرا أن ما يحصل يشكل «فضيحة» في إشارة إلى المذابح في سوريا.

وأكد الرئيس الفرنسي أن فرنسا وألمانيا لا يمكن أن تقبلا شلل مجلس الأمن في إشارة إلى الفيتو المزدوج الروسي - الصيني الذي أجهض مشروع القرار العربي - الغربي. وأشار ساركوزي إلى وقوع 200 قتيل نهاية الأسبوع الماضي متسائلا: كم من الوقت يمكن أن نتقبل ذلك؟ وعبر عن استهجانه لابتعاد روسيا عن موقف الجامعة العربية الذي كانت قريبة منه باستمرار وعن الأسباب التي تدعوها لانتهاج هذه السياسة.

من جهتها، حثت ميركل المسؤولين الروس على التنبه للنتائج المترتبة على سياستهم إزاء هذه الأزمة معبرة في الوقت عينه عن «هلعها» إزاء عدم تبني قرار مجلس الأمن. وكانت باريس ومعها العواصم الغربية تراهن على دخول الجامعة العربية بقوة على خط مجلس الأمن الدولي إحداث تغير في الموقف الروسي الأمر الذي لم يحصل.

ويأتي اتصال ساركوزي بنظيره الروسي قبل توجه وزير الخارجية سيرجي لافروف إلى دمشق. ورغم الانتقادات الحادة التي توجهها فرنسا إلى السياسة الروسية وتحميلها المسؤولية استمرار القتل واعتبارها ضوءا أخضر للرئيس الأسد للإجهاز على الحركة الاحتجاجية، فإن باريس تريد الاستمرار في التواصل مع روسيا التي تعتبر أنها تملك العديد من المفاتيح والجهة الكفيلة بالضغط على الأسد. وتستذكر الأوساط الفرنسية المعلومات التي روج لها قبل نحو الشهرين عن توجه روسي لتمكين نائب الرئيس السوري فاروق الشرع من لعب دور أكبر كوسيلة للخروج من الأزمة مما يتوافق مع المبادرة العربية الداعية إلى نقل بعض صلاحيات الرئيس السوري إلى نائبه الأول أي الشرع.

ولم تستبعد فرنسا كلية دعوة رئيس الوزراء التونسي إلى طرد السفراء السوريين من البلدان المعتمدين لديها. وقال جوبيه بهذا الخصوص إن «هذا ممكن ولكن يتعين علينا أن ننظر في النتائج (المترتبة عليه) لأن سفارتنا في دمشق تلعب دورا إنسانيا عن طريق تواصلها مع السكان.