العميد المنشق مصطفى الشيخ يعلن تشكيل «المجلس العسكري الثوري» لـ «تحرير» سوريا

«الجيش الحر» اعتبر تأسيسه «يصب في خدمة» النظام.. وأعرب عن شكوكه في النيات والتوقيت

صورة نشرت أمس لمنشقين سوريين يؤمنون مظاهرة ليلية في أحد شوارع إدلب (أ.ب)
TT

بعد شهر على انشقاقه رسميا، أعلن العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ، صاحب الرتبة العسكرية الأعلى من بين الضباط المنشقين عن الجيش النظامي منذ بدء الثورة السورية، عن إنشائه «المجلس العسكري السوري الثوري الأعلى» الذي يتولى رئاسته ليكون بمثابة «هيكل تنظيمي» للمنشقين بهدف «تحرير سوريا»، وعين الرائد المظلي المنشق ماهر النعيمي الناطق الرسمي باسم المجلس، بعدما كان قد عين في وقت سابق كناطق رسمي لـ «الجيش السوري الحر».

وفي حين رفض العميد الشيخ في اتصال مع «الشرق الأوسط» التعليق على الموضوع، لافتا إلى أن «هناك وثيقة عهد وشرف تنص على عدم التصريح قبل مرور 24 ساعة من الإعلان عن المجلس»، وقال ردا على سؤال عن علاقته بـ«الجيش السوري الحر»: «في النهاية نحن إخوة»، وأصدر بيانا توجه فيه إلى «الشعب السوري»، وقال فيه «لقد تم الاتفاق على تشكيل المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سوريا تمهيدا لإعلان النفير العام لتحرير سوريا من هذه العصابة الحاكمة، تلبية لنداء الحرية ووفاء لدماء الشهداء».

وقد تضاربت المعلومات حول ما إذا كانت قد جرت مباحثات بين «الجيش الحر» الذي اعتبر أن تأسيس المجلس العسكري الثوري يصب في «خدمة النظام» السوري، وبين العميد الشيخ قبل إقدامه على هذه الخطوة، فقد أشار الأخير الذي لم يتطرق في بيانه إلى «الجيش الحر» وقائده العقيد رياض الأسعد، إلى أن إنشاء المجلس جاء «بعد التشاور مع الضباط المنشقين على امتداد ساحات الوطن وبعد العمل المضني في التنظيم الدقيق لصفوف المنشقين وتنظيم الثوار الذين أتموا الخدمة الإلزامية والراغبين في التطوع في كتائبنا التابعة للمجالس العسكرية الثورية الفرعية في جميع المحافظات السورية وضم العسكريين المسرحين والمتقاعدين إلى صفوف المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سوريا». وهذا ما أكده أيضا نائب قائد «الجيش الحر» العقيد مالك الكردي لـ«الشرق الأوسط»، وقال إن المشاورات التي حصلت بينهم وبين العقيد الشيخ منذ إعلان انشقاقه لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية، لكن في المقابل أعلن قائد «الجيش الحر» العقيد رياض الأسعد في البيان الذي أصدره تعليقا على إعلان الشيخ للمجلس العسكري الثوري، أن الشيخ «لا ينتمي إلى صفوف الجيش السوري الحر»، وأن «أي مشاورات لم تجر معه بخصوص تشكيل المجلس العسكري»، وهو «لا يمثل إلا نفسه».

وقال الكردي «تفاجأنا بإعلان الشيخ تشكيل المجلس العسكري الذي نعتبره طعنة في ظهر الثورة السورية».

وفي حين أكد الكردي أن الشيخ لم يسبق له أن أعلن انضمامه إلى «الجيش الحر»، مشككا بخلفية خطوته هذه التي لم ينف أنها ستؤثر سلبا على الثورة، ولفت إلى أن «انضمام العقيد ماهر النعيمي الذي كان يخدم في الحرس الجمهوري، إلى المجلس العسكري الجديد، هو انشقاق ضمن انشقاق، ويبدو أنه منذ مجيء الشيخ إلى تركيا بدأ التنسيق السري بين الاثنين»، مشددا على أن كل العمليات العسكرية على أرض الثورة والكتائب التي تتولاها خاضعة لـ«الجيش الحر». وأضاف أن «العميد الشيخ هو ضابط أمني لمدة 15 عاما، يمتلك ذهنية أمنية كتلك التي يتبعها النظام السوري وبالتالي يختلف عن منهج التفكير والعقلية الأمنية والعمل العسكري الذي نعتمده».

وكان العميد الشيخ، البالغ من العمر 55 عاما والمتحدر من قرية أطمة (محافظة إدلب)، أعلن انشقاقه مع أحد أبنائه الأربعة وهو ضابط برتبة ملازم أول، إضافة إلى عدد من أفراد أسرته، منهم شقيقه الذي كان يتولى منصب أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في محافظة إدلب.

من جهته، اعتبر المقدم المنشق في «الجيش الحر»، خالد الحموي، أن إعلان العقيد الشيخ تشكيل المجلس العسكري من دون أن يتم التشاور مع قيادة «الجيش الحر»، يعود إلى مآرب شخصية، لافتا إلى أن توقيت هذا الإعلان هو توقيت خاطئ لا يخدم مصلحة الثورة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «(الجيش الحر) كان لديه شكوك تجاه الشيخ الذي بقي بالنسبة إلينا كأي ضابط آخر منشقا تحت الدراسة والمراقبة لمدة شهر، لا سيما أنه خرج من سوريا بهندامه العسكري وأتى متهما (الجيش الحر) بقتل الناس على الهوية، إضافة إلى تاريخه المهني الذي لا يطمئن لكونه كان ضابطا أمنيا لمدة 15 عاما تولى خلالها مهام لا يمكن أن يتولاها إلا من كان مقربا من النظام، ومن ضمنها رئيس فرع الكيمياء في المنطقة الشمالية وضابط أمن البحوث العلمية، كما خدم عاما كاملا في لبنان ضمن قوات الردع، وهو ذو نزعة سلطوية وابن شقيق محافظ اللاذقية الذي يعتبر الصديق الشخصي لبشار الأسد».

ولفت الحمود إلى أن المجلس العسكري الذي أعلن الشيخ عن إنشائه لا يضم أكثر من 7 ضباط، بينما تجاوز عدد ضباط «الجيش الحر» الـ250 ضابطا، إضافة إلى ما بين 40 و50 ألف عسكري منتشرين على كامل الأراضي السورية.

وكان الشيخ قد أوضح في بيانه، أن قرار الإعلان عن المجلس العسكري، جاء «نتيجة للظروف التي تمر بها سوريا الحبيبة، وخصوصا بعد استخدام الفيتو الروسي والصيني والتآمر الإيراني الواضح لتحويل سوريا إلى قاعدة متقدمة لإيران»، وأضاف «كما جاء بالتوازي مع دعوات الدول الشقيقة والصديقة لتشكيل حلف لمساندة الشعب السوري الذي يسعى لنيل حريته». ووصف البيان المجلس بأنه «هيكل تنظيمي مؤسساتي بعيد عن الانتماءات المذهبية والسياسية والعرقية والقومية»، لافتا إلى أن «قائد المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سوريا هو العميد الركن مصطفى الشيخ الموجود في تركيا»، ولم يشر البيان لا من قريب ولا من بعيد إلى «الجيش السوري الحر».