السلطات القضائية المصرية تحذر البرلمان من التدخل في عملها

بعد دعوة نواب لإقالة النائب العام وانتقادهم بطء محاكمة رموز النظام السابق

TT

بعد يومين من دعوة نواب في مجلس الشعب (البرلمان المصري) لإقالة النائب العام وانتقادهم بطء محاكمة الرموز السابق، حذرت السلطات القضائية أمس، في إجراء نادر، البرلمان من التدخل في عملها أو التقليل من شأن القضاة وأحكامهم، وبينما أجلت المحكمة المختصة محاكمة الرئيس السابق ووزير داخليته ومساعدين للوزير في قضية قتل المتظاهرين إلى اليوم (الأربعاء)، قال سعد الكتاتني، رئيس البرلمان، إن «مجلس الشعب يكن لقضاة مصر كل الاحترام والتقدير».

وأرسل المستشار حسام الدين الغرياني، رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى (أعلى سلطة إدارية تضطلع بشؤون القضاء والقضاة في مصر)، خطابا مطولا إلى رئيس البرلمان أكد فيه على ضرورة احترام الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية، محذرا من مغبة التدخل في عمل القضاء وأثره السلبي على بنيان الدولة المصرية، خاصة في ظل تصاعد محاولات التقليل من شأن القضاة والأحكام القضائية الصادرة عنهم.

وقال المستشار الغرياني في خطابه إلى مجلس الشعب الذي قام الكتاتني بعرضه على أعضاء المجلس: «إن القضاء المصري قام بأعظم الانتخابات في تاريخ مصر (في إشارة إلى الإشراف الكامل على الانتخابات الأخيرة)، والتي شهد بها العالم أجمع، وإن من أهم ركائز النظام الديمقراطي الفصل بين السلطات من خلال أمرين، هما التعاون بين السلطات ومراقبة كل سلطة للأخرى، ولكن التعاون والرقابة لا يمتدان للتدخل أو التداخل بين السلطات».

وانتقد الغرياني الدعوات المطالبة بعزل النائب العام قائلا، إن «قضاة مصر ناضلوا طوال السنوات السابقة لمنع تدخل السلطة التنفيذية في شؤون العدالة، وعندما سقط عهد الزيف والتزوير (في إشارة إلى عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي يقال إنه كان يستعين بالشرطة لتزوير الانتخابات)، قدموا لمصر انتخابات حقيقية في غياب من الأمن، وقدموا نوابا منتخبين، وكان لزاما عليكم أن يكون المجلس حصنا لاستقلال القضاء ولم يكن يتصور أن يبدأ المجلس أعماله بإهدار هذا الاستقلال إلى أن وصل الحال إلى حد أن البعض وصف المحاكمات بالهزل».

وأوضح الغرياني أن مجلس الشعب منوط به سن القوانين ولكنه لا يختص بإدارة شؤون العدالة ولا أحكام القضاة. وأن من أهم مقومات الحفاظ على استقلال القضاة هو القانون 35 لسنة 1984، والذي نص على عودة مجلس القضاء الأعلى وحصانة منصب النائب العام، ولا يتصور من بعد ذلك أن ينادي أعضاء المجلس بعزل النائب العام.

وأضافت الرسالة أن «ستة عقود من الزيف (منذ 1952) قد خلقت مرارة شديدة، وأعلم أن الديمقراطية الوليدة تحتاج لفترة من الممارسة والتداول والتشاور بدلا من الصخب والتراشق بالعبارات الخشنة، ويجب على النواب أن يضعوا نصب أعينهم أن شياطين الإنس يريدون إشعال رؤوس الفتنة بين الجماعات والأفراد».

وعقب الكتاتني قائلا إن «مجلس الشعب يعي مبدأ الفصل بين السلطات وإنه قرر أن يصدر قانون السلطة القضائية وأن يستمتع القضاء المصري باستقلاليته الكاملة»، مؤكدا أن مجلس الشعب يكن لقضاة مصر كل الاحترام والتقدير.

يشار إلى أن رئيس نادي قضاة مصر، المستشار أحمد الزند، ندد في مؤتمر أول من أمس بمطالبات بعض نواب مجلس الشعب بعزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود من منصبه، وسط تهديدات من جموع أعضاء النيابة العامة والقضاة «بردود عنيفة» حال المساس بالنائب العام.

على صعيد متصل، غاب الرئيس المصري السابق حسني مبارك أمس عن حضور جلسة محاكمته أمام محكمة جنايات القاهرة بتهمة الاشتراك والتحريض على قتل المتظاهرين إبان ثورة «25 يناير». وقال القاضي أحمد رفعت، رئيس المحكمة، إن مذكرة تلقاها من الجهات الأمنية تؤكد صعوبة حضور مبارك لجلسة أمس بسبب سوء الأحوال الجوية. ويجرى نقل مبارك إلى المحكمة لحضور الجلسات بواسطة طائرة هليكوبتر من المركز الطبي العالمي المحتجز به قرب القاهرة بسبب حالته الصحية.

وأثار غياب مبارك جدلا بين المحامين، حيث نفى يسري عبد الرازق، أحد المحامين المتطوعين للدفاع عن مبارك، أن يكون غياب مبارك اعتراضا منه على ما يثار بشأن اعتزام السلطات نقله إلى مستشفى سجن طرة بدلا من المركز الطبي العالمي. في حين اعتبر المحامي كامل مندور، أحد المدعين بالحق المدني، أن غياب مبارك يثير علامات استفهام خاصة في ظل مطالب المدعين بالحق المدني بنقله إلى مستشفى السجن. وأوضح سمير صبري وهو أحد المدعين بالحق المدني، أنه يمكن أن تعقد المحكمة قانونا في غياب المتهم ما دام حضر جلسات من قبل.