بعد غياب دام 31 عاما.. النشاط التجاري يعود إلى «شط العرب»

افتتاح أول مرفأ على ضفافه منذ 3 عقود لاستقبال معدات نفطية

جندي عراقي يحرس المرفأ الذي افتتح على ضفاف شط العرب شمال البصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

أجيال من العراقيين تتذكر الأغنية ذائعة الصيت «على شط العرب تحلى أغانينا وعلى البصرة» وذلك قبل أن يدخل «شط العرب» منذ منتصف سبعينات القرن الماضي معترك الخلافات السياسية بعد توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975 بين صدام حسين وشاه إيران. وأدخل «خط التالوك» العراق عصر الخلافات المعقدة مع إيران التي انتهت بحرب شرسة بعد إلغاء النظام العراقي السابق اتفاقية الجزائر التي كان أجبر على توقيعها بسبب حروبه الداخلية مع الأكراد.

ومنذ أوائل ثمانينات القرن الماضي فقد شط العرب سحره الرومانسي ولم يعد إلا ممرا للسفن والزوارق الحربية بينما تكفلت الطبيعة بحرف اتجاه النهر بما يضيف أراضي لإيران ويفقد العراق أجزاء أخرى من أراضيه في وقت توقفت حركة الملاحة فيه.

واليوم يعود شط العرب إلى الواجهة من جديد لكن ليس من بوابة الأغاني أو حكايات الصيادين لا سيما أن أوائل الأساطير ومنها السندباد البحري في «ألف ليلة وليلة» انطلقت من هناك، بل يعود من واجهة الملاحة بعد افتتاح مرفأ تجاري لنقل المعدات الصلبة إلى حقل مجنون النفطي. مسؤولون عراقيون وممثلون عن شركة «شل» البريطانية المكلفة تطوير الحقل النفطي يتوسطهم مهندسون عراقيون وبريطانيون قاموا بقص شريط التدشين عند المرفأ الواقع في منطقة النشوة على بعد نحو 70 كيلومترا شمال البصرة. وقال المدير العام لمشروع مجنون في شركة «شل» أولي ميكلستاد لوكالة الصحافة الفرنسية «إنها المرة الأولى التي يفتتح فيها مرفأ لاستقبال السفن من حول العالم عبر هذا الممر النهري منذ 31 عاما». وأضاف أنها «المرة الأولى منذ عقود التي يفتتح فيها خط للنقل التجاري في هذا الممر». وأعرب ميكلستاد عن أمله في «ألا تعود السفن التي ستزور هذا المرفأ فارغة، بل محملة بالبضائع». وذكر أن «سفينة انطلقت من دبي في 25 ديسمبر (كانون الأول) ورست في المرفأ هذا في الخامس من يناير (كانون الثاني) هي أول من أفرغ حمولته في هذا المرسى، وقد نقلنا المعدات بعد ذلك إلى قلب الحقل النفطي».

من جهته، قال رئيس لجنة الإدارة المشتركة لتطوير حقل مجنون النفطي مهدي بادع حسين في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن «شط العرب يعود اليوم من جديد بعد إغلاق لمدة 31 عاما». وتابع «هذه المرة الأولى التي ينجح فيها العراق في تثبيت شط العرب كممر ملاحي». وكانت قضية شط العرب واحدا من الخلافات الدائمة بين الجانبين العراقي والإيراني على مدى أكثر من 70 عاما عندما وقع العراق وإيران اتفاقية لتنظيم الملاحة والحدود في ثلاثينات القرن الماضي في العهد الملكي. غير أن إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي كانت قد ألغت تلك الاتفاقية عام 1969 وهو ما اعتبره العراق تطورا سلبيا في العلاقة بين البلدين. ومع مطلع السبعينات من القرن الماضي ساءت العلاقات العراقية - الإيرانية بعد إعلان بغداد عن مؤامرة لقلب نظام الحكم تدعمها إيران. لكن بعد سنوات من الحرب بين صدام حسين والحركة الكردية وقع بشكل مفاجئ اتفاقية الجزائر التي حصلت إيران بموجبها على نصف شط العرب. وبعد سقوط النظام السابق عام 2003 حاولت المعارضة العراقية التي تولت السلطة بعد سقوط بغداد حمل إيران على إلغاء اتفاقية الجزائر لكونها تسبب أضرارا فادحة للعراق غير أن السلطات الإيرانية تعتبر أن هذه الاتفاقية هي الإرث الوحيد «الإيجابي» الذي تتمسك به من عهد صدام.