الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكردستاني: الأزمة السياسية في العراق ستعيدنا إلى المربع الأول

بهاء الدين: الدعوة إلى حق تقرير المصير واجب شرعي

صلاح الدين بهاء الدين
TT

أكد صلاح الدين محمد بهاء الدين، الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكردستاني المعارض، أن الهجمات التي استهدفت أواخر العام الماضي مراكز التدليك ومحلات بيع الخمور في زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان العراق «غير مقبولة، وأنها تتعارض مع برنامج الإسلام، لأن الإسلام حدد موقفه من هذه المحرمات، ووضع شروطا لمكافحتها من دون استخدام العنف، وأن هذه الأمور هي من مسؤولية الحكومة التي عليها أن تراعي الشعور العام في مثل هذه المسائل».

جاء ذلك في رسالة وجهها بهاء الدين لأنصار وأعضاء حزبه بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لتأسيس الاتحاد الإسلامي، تطرق فيها إلى مجمل الأوضاع المحلية والعراقية والإقليمية. وفي الشأن العراقي أكد الأمين العام للاتحاد الإسلامي الذي له أربعة مقاعد في البرلمان العراقي، أن «الأوضاع السياسية والأمنية في العراق مقارنة بالأعوام السابقة خصوصا بعد انسحاب الجيش الأميركي تتجه نحو المزيد من التعقيد، فالصراعات السياسية بين الكتل العراقية ومكوناتها تصل إلى حد إعادة البلد للمربع الأول من الخلافات والصراعات الداخلية، والتي تنذر للأسف بحدوث حرب طائفية وأهلية في العراق، ونحن في الاتحاد الإسلامي نأمل أن يكون الدور الكردي ودور إقليم كردستان إيجابيا، وأن يستمر هذا الدور كوسيط غير منحاز، شرط ألا يكون ذلك على حساب الحقوق القومية المشروعة، وعلينا أن نصر على أن يكون الحكم في العراق ديمقراطيا بعيدا عن الانقسامات الطائفية والمذهبية والدينية، وأن نؤكد على الأسس الدستورية والالتزام بها، وأن تقوم القوات الأمنية بدورها الأساسي والمهني في حماية مصالح الناس، وألا تكون أداة في يد الأحزاب أو الشخصيات المتنفذة بالدولة، ونشدد على أن التوافق الوطني هو ضرورة ملحة في هذا الظرف للحفاظ على أمن واستقرار العراق». وحول الوضع في إقليم كردستان قال الأمين العام للاتحاد الإسلامي «في ظل الأوضاع العراقية والإقليمية فإن إقليم كردستان له خصوصيته، لكنه يعاني أيضا من أزمة سياسية بسبب عدم اكتمال تجربته السياسية، فهناك ازدواجية في إدارة الحكم وتقسيم كردستان إلى منطقتي نفوذ، وهناك تدخلات حزبية في السلطة، واحتكار للسوق والاقتصاد والسياسة، وهناك مشكلة عدم توحيد قوى الأمن والبيشمركة وإبقائهما تحت تصرف الأحزاب، كل هذه المشاكل والأزمات تشكل مخاطر كبيرة على الأمن القومي لإقليم كردستان، أضف إليها مشاكل أخرى مثل تراجع المؤسسات التعليمية، وشيوع ظاهرة البطالة وفقدان الهوية الأخلاقية وضعف الانتماء الوطني، وقتل النساء وزيادة حالات الانتحار والمتاجرة بالمواد المخدرة، وتوريد المواد الغذائية والأدوية الفاسدة، كل هذه الأمور تشكل مخاطر على حياة الإنسان الكردي هذا اليوم، وهذا يتطلب من الجميع أحزابا وسلطة ومواطنين، ومن المؤسسات الثقافية والمثقفين، أن يبذلوا جهودهم لإصلاح الوضع، ويجب على الحكومة ألا تخجل من الاستماع إلى الآخرين، وأن تتجه بإرادة حقيقية نحو الإصلاح السياسي، وأن تجعل من مشروع المعارضة برنامجا للإصلاح السياسي وتوحيد الإدارة، وتحويل الحكومة إلى حكومة مؤسساتية، ومنع التدخلات الحزبية في شؤون الحكومة، ومنع السياسيين من التدخل في نشاطات السوق، واحترام سلطة القضاء وحقوق الإنسان وحرية الإعلام والحريات الفردية والجماعية». وتحدث بهاء الدين عن منهج حزبه في النضال السياسي قائلا «إن الاتحاد الإسلامي سعى ويسعى نحو توحيد الصف الكردي، وإعادة بناء بيته الداخلي، ويؤمن بمبدأ التعايش السلمي والقبول بالآخر، وإن الاتحاد الإسلامي ومنذ بداية تأسيسه شدد على ضرورة التفريق بين الدعوة والدولة، وبين أحكام الدعوة وأحكام الدولة، وفصل بين الاجتهادات الفقهية المتعلقة بالعبادات والاجتهادات السياسية، وأعلن منذ البداية أنه جزء من جهود أولئك الناس الذين يؤمنون بالنضال والعمل السياسي بمرجعية إسلامية، ولم يدع مطلقا أنه الممثل الوحيد للدين الإسلامي أو أنه يتحدث باسم الله، فهو يعمل من أجل قيادة نضال سياسي ومدني لخدمة شعب كردستان وتحقيق حقوقه القومية المشروعة وصولا إلى حق تقرير المصير، ويعتبر ذلك واجبا شرعيا».

وتطرق بهاء الدين إلى أحداث زاخو التي انتهت بحرق عدد من مراكز التدليك ومحلات بيع الخمور، واتُّهم حزبه بالوقوف وراءها، وقال «رغم أنه من الوجهة الشرعية هناك أحكام منصوص عليها في ما يتعلق بكيفية التعامل مع هذه الأماكن، فإن الأسلوب الذي جرى التعامل به معها يخالف هذه الأحكام، لذلك نحن نعتبر ما حدث من إحراق تلك المحلات أمرا غير مقبولا، وهو بعيد عن برنامج الإسلام، لأن الإسلام الذي يحرم بعض الأشياء قد حدد كيفية التعامل معها، فالإسلام لا يقبل في أي وقت كان اللجوء إلى العنف وتعريض أمن البلد إلى الخطر، وهذه الأمور هي من واجبات الحكومة والدولة، وعلى الحكومة أن تنظم هذا الجوانب وأن تراعي في الوقت نفسه مشاعر المواطنين، ونحن نطالب بإجراء التحقيقات المحايدة لهذه الأحداث، لكي نعرف الجهات التي وقفت من خلف الستار لتأجيج هذه الأحداث، وهل أنها كانت سيناريو تمهد لمرحلة أخرى، ولنكتشف أيضا السبب الحقيقي في مهاجمة المسيحيين واليزيديين». وأضاف «نحن اليوم في مرحلة تمر خلالها المنطقة بأكملها بأحداث مهمة، هناك ثورات الربيع العربي وسقوط السلطات الديكتاتورية والمخابراتية وانتهاء نموذج الحزب الواحد، وفي مقابل هذه الأحداث كان يفترض أن نعمد إلى توحيد البيت الكردي الذي ما زال شعبنا يحتاج إليه، وكان علينا أن نحسب الحساب لكل هذه المتغيرات الإيجابية لتثبيت الأهداف الاستراتيجية لشعبنا، وكان المفروض أن نستغل هذه المتغيرات من أجل التقدم بقضيتنا المشروعة وحمايتها من التعرض إلى الخطر جراء احتمالات تغير الخارطة الجغرافية والسياسية للمنطقة». وأضاف «ما حدث يفرض علينا أن نضع الإصبع على الجراح، وأن نبدأ بحملة إصلاحية بما يساعد على تقويم العملية السياسية في كردستان وتهدئة أوضاعها، وعلى الجميع أن يعترف بشجاعة بأخطائه، وأن تكون هناك ضمانات بعدم تكرار ما حدث، وأن تقوم السلطة القضائية بدورها في معاقبة المتهمين بتلك الأحداث». وختم أمين عام الاتحاد الإسلامي الكردستاني رسالته بالتأكيد على الأهداف والثوابت التي يعمل الاتحاد من أجل تحقيقها قائلا «سيواصل الاتحاد الإسلامي التزاماته بدوره الوطني والدفاع عن مطالب الجماهير داخل مجلس النواب العراقي في إطار العمل المشترك مع بقية الكتل الكردستانية، والالتزام بمواقفه الثابتة للمشاركة في العمل والنضال مع جميع القوى التي تسعى إلى حماية مصلحة الشعب الكردستاني في العراق والمنطقة».