أحمدي نجاد في مواجهة البرلمان لاستجوابه بشأن سياساته الاقتصادية «الفاشلة»

أمهله شهرا للحضور.. والبعض اعتبره مؤشرا على عمق الهوة بين المرشد والرئيس

TT

في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أقدم أعضاء في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) على إجراء غير مسبوق باستدعاء الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، للمثول أمام أعضاء المجلس الشهر المقبل لاستجوابه بشأن إدارته للاقتصاد بعد اتهمات وجهت إليه وإلى عدد من المقربين بالفشل في إدارة الملف.

وذكرت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، أمس، أن أحمدي نجاد أمامه مهلة حتى الثامن من مارس (آذار) المقبل ليمثل أمام البرلمان. وهذه هي المرة الأولى منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 التي يقوم فيها البرلمان باستدعاء رئيس إيراني.

ووقع نحو 100 عضو في المجلس المؤلف من 290 مقعدا طلبا لاستدعاء أحمدي نجاد في خطوة يرى محللون أنها تأتي في إطار صراع سياسي يزداد عمقا في ما بين حكام الجمهورية الإسلامية المتشددين قبل انتخابات برلمانية من المزمع أن تجرى في الثاني من مارس المقبل. وهدد نواب في السابق باستدعاء أحمدي نجاد، لكن مساعيهم باءت بالفشل أحيانا بسبب عرقلة تلك الخطوة من قبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أعلى سلطة في إيران. وألغى البرلمان العام الماضي خططا لاستدعاء أحمدي نجاد وقرر أن يتقدم عوضا عن ذلك بأسئلة مكتوبة. ومع ذلك، فإن نواب البرلمان لم يرضوا بإجاباته المكتوبة وقرروا المضي قدما في استدعائه للمثول أمام البرلمان.

وقال النائب الإيراني محمد رضا باهونار: «سيبلغ أحمدي نجاد بالقرار على الفور.. عليه أن يمثل أمام البرلمان بعد شهر من إبلاغه رسميا».

وكثيرا ما جرت مناقشات حامية بين البرلمان والحكومة بشأن السياسات الاقتصادية لأحمدي نجاد. ويستطيع البرلمان عزل الرئيس بموجب الدستور الإيراني إذا تجاهل الاستدعاءات أو حضر الجلسة وفشل في الرد على الأسئلة على نحو مقنع. وحسب تقرير لوكالة «رويترز» فإنه من المستبعد عزل الرئيس لأن عزله سيلحق الضرر بالمؤسسة الحاكمة ككل في وقت تواجه فيه إيران ضغوطا عالمية شديدة بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل. وقال نائب، طلب عدم ذكر اسمه: «هذا الاستدعاء سيضعف معسكر أحمدي نجاد وحسب، ولكنه لن يؤدي إلى عزله».

وربط بعض المحللين بين الاستدعاء وجهود بعض أعضاء البرلمان لكسب تأييد ناخبين ضاقوا ذرعا بسياسات الحكومة. ويتهم منافسو أحمدي نجاد المتشددون الرئيس الإيراني بأنه واقع تحت تأثير «تيار منحرف» لمستشارين يسعون إلى تقويض سلطة رجال الدين الذين يتمتعون بنفوذ قوي في الدولة الإسلامية.

وقال المشرع أوميدفار رضائي: «وزراء أحمدي نجاد فشلوا في الرد على أسئلة أعضاء البرلمان.. ذلك هو السبب في أنه طلب من الرئيس المثول أمام البرلمان».

ويريد النواب المحافظون، الذين يمثلون أغلبية في البرلمان، أيضا استجواب الرئيس حول التورط المزعوم لكتلة برلمانية مقربة له في فضيحة اختلاس 5.‏2 مليار دولار.

كما يتهم المحافظون أحمدي نجاد وأنصاره باستغلال أصول الدولة في حملات الدعاية للانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل. ونفى أحمدي نجاد الاتهامات وقال إن منتقديه يحاولون تشويه صورته قبيل تلك الانتخابات. وكانت الخلافات قد تصاعدت بين أحمدي نجاد وخامنئي الذي اقترح مؤخرا إلغاء الانتخاب المباشر للرئيس لصالح اختيار البرلمان لرئيس، وهو شيء يرى منتقدون أنه قد يضعف الصيغة الإيرانية للديمقراطية. والانتخابات البرلمانية هي أول انتخابات عامة منذ إعادة انتخاب أحمدي نجاد لفترة ولاية رئاسية ثانية في انتخابات مثيرة للجدل في عام 2009 أشعلت احتجاجات استمرت 8 أشهر في أسوأ اضطرابات تشهدها إيران منذ 3 عقود.

وأضرت هذه الانتخابات، التي تقول المعارضة إنه جرى تزويرها لصالح أحمدي نجاد، بشرعية المؤسسة الدينية وعمقت الخلافات بين النخب المتشددة الحاكمة.

ومن ثم ستكون الانتخابات البرلمانية في مارس اختبارا لشرعية كل من الفصيل المؤيد لأحمدي نجاد ومنافسيه المتشددين. وسيلحق تدني مستوى الإقبال على التصويت مزيدا من الضرر بشرعية النظام الحاكم. وقال إصلاحيون إنهم لن يشكلوا قائمة منفصلة لخوض الانتخابات لأنه لم تتم الاستجابة لمطالبهم بإجراء انتخابات «حرة وعادلة».

إلى ذلك، ذكرت منظمة «مراسلون بلا حدود» في بيان أن القضاء الإيراني حكم بالسجن 14 عاما على منشق إيراني يدعى مهدي خزعلي، وهو ابن رجل دين محافظ.

وصدر الحكم على خزعلي الذي يدير مدونة «باران»، أول من أمس. ويشمل الحكم منعه من مغادرة مدينة برزجان (جنوب غربي) 10 سنوات. وقالت «مراسلون بلا حدود» إن خزعلي أوقف في التاسع من يناير (كانون الثاني) للمرة الثالثة. ولم تؤكد وسائل الإعلام والمسؤولون الإيرانيون الحكم.

وخزعلي طبيب قاتل في الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988). وهو ابن آية الله أبو القاسم خزعلي رجل الدين المعروف بمواقفه المحافظة المتشددة. وينتقد خزعلي في مدونته، وكذلك على البث الفارسي لـ«بي بي أو» صوت أميركا، باستمرار الرئيس محمود أحمدي نجاد. وقد أوقف في 2009 لمشاركته في حركة الاحتجاج على إعادة انتخاب أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) من العام المذكور.