الاتحاد الأوروبي يستعد لاحتمال إجلاء رعاياه من سوريا.. ويبحث توسيع العقوبات

الفوسفات والرحلات التجارية أحدث القطاعات في اللائحة ضد النظام السوري

TT

يستعد الاتحاد الأوروبي في إطار «إجراء احتياطي» لإجلاء رعاياه من سوريا، كما يدرس احتمال حظر الرحلات الجوية التجارية معها، بحسب دبلوماسيين رفيعي المستوى. تأتي هذه الاستعدادات التي لا تزال في مرحلة مبكرة، بينما يبدو الوضع عالقا «بسبب تصلب الرئيس السوري بشار الأسد والنتائج المحدودة التي حققتها حتى الآن الجهود الدبلوماسية الدولية».

وصرح أحد هؤلاء الدبلوماسيين الأوروبيين أمس: «إننا إزاء جدار علينا محاولة تسلقه»، معربا عن قلقه من استمرار العنف إزاء السكان المدنيين.

وأوفد الاتحاد الأوروبي إلى لبنان والأردن فرق خبراء مكلفة بالإعداد لعودة «آلاف» الأوروبيين المقيمين في سوريا، وأيضا رعايا دول أخرى في حال استدعى الأمر ذلك.

وأوضح أحد الدبلوماسيين أن ذلك يأتي «استعدادا للأسوأ»، لكن على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدا على سبيل الاحتياط من خلال تنسيق الجهود في المنطقة. وفي موازاة ذلك، تعد الدول الأوروبية لمجموعة جديدة من العقوبات بحق دمشق من المفترض أن تتم المصادقة عليها بحلول نهاية الشهر الحالي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت كاثرين آشتون، منسقة السياسة الخارجية الأوروبية، إن اجتماعات على مستوى سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد انعقدت ببروكسل، لتقييم الأوضاع في سوريا ومجالات توسيع العقوبات ضد النظام السوري. وأشارت المسؤولة الأوروبية، في كلمة تلفزيونية نشرها مكتبها ببروكسل، إلى أن الدول الأعضاء بحثت مجالات توسيع العقوبات ضد النظام السوري، وأن هناك دولا أعضاء اقترحت ضرورة إظهار الاتحاد الأوروبي مزيدا من الضغوط حتى يستجيب نظام الأسد لمطالب المجتمع الدولي. وأضافت المسؤولة الأوروبية الموجودة حاليا في أميركا اللاتينية، أن هناك اجتماعات على المستوى الوزاري الأوروبي ستنعقد نهاية الشهر الحالي ببروكسل لبحث العقوبات الجديدة.

وحول استمرار الوجود الدبلوماسي الأوروبي في دمشق، قالت المسؤولة الأوروبية، إن سفراء الدول الأعضاء اتفقوا على ضرورة استمرار البعثة الدبلوماسية الأوروبية هناك، وإن الدول الأعضاء تقوم بتحرك منسق في هذا الصدد، مشيرة إلى ضرورة استمرار البعثة الدبلوماسية متى توفرت الظروف الأمنية لذلك، كما نوهت بأهمية دور البعثة، ليس فقط في خدمة المصالح الأوروبية، وإنما أيضا في عمليات تنقل المواطنين.

ونقلت تقارير إعلامية في بروكسل عن مصدر مطلع في المجلس الوزاري الأوروبي، أن المناقشات تجري بفاعلية من أجل فرض حزمة عقوبات جديدة ضد سوريا تطال هذه المرة قطاع تصدير الفوسفات وتجارة المعادن الثمينة وتجميد أرصدة المصرف المركزي السوري. وأوضح المصدر أن مسألة حظر استيراد الفوسفات من سوريا أمر قد لا يشكل محل خلاف بين الدول الأعضاء، مشيرا إلى أن أوروبا تستورد نحو 40 في المائة من مجمل حجم ما تنتجه سوريا من الفوسفات.. «يعتبر الفوسفات ثروة طبيعية مهمة في سوريا، ونأمل تضييق الخناق على النظام». أما بالنسبة لباقي العقوبات التي تطال تجارة المعادن الثمينة وتجميد أرصدة المصرف المركزي السوري، فهي لا تزال محل نقاش، بحسب المصدر، وأضاف أن «هناك فكرة أخرى مطروحة، وهي مسألة تجميد الرحلات التجارية الجوية من وإلى سوريا، ولكن الأمر بحاجة إلى مزيد من النقاش ولم يتم التوافق عليه بعد»، وشدد المصدر على أن الاتحاد الأوروبي يسعى من أجل الضغط على السلطة السورية دون إيذاء حقيقي للشعب، وقال: «نحن لا نريد إلحاق الأذى بالشعب السوري، ولكننا نفهم أن العقوبات ستؤثر فعلا على الكثير من شرائح المجتمع في سوريا»، وكرر المصدر التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي تجميد كل العلاقات التجارية مع دمشق، بل يعمل بشكل متدرج ومدروس.

وأضاف المصدر أن العقوبات تتزامن مع جهود دبلوماسية حثيثة تبذلها أوروبا للتوصل إلى حل للأزمة السورية، كما أنه لم يستبعد إطلاق محاولة أخرى في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار قد يرد هذه المرة على مخاوف الصين وروسيا.

وحول مسألة تشكيل مجموعة لأصدقاء سوريا الديمقراطية، تحدث المصدر عن إمكانية تشكيل مجموعة تضم المنظمات الدولية والهيئات، مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها.. «إن تشكيل هذه المجموعة يحظى برضا كل الأطراف، ومن المحتمل أن تعقد اجتماعا لها عبر الفيديو خلال الأيام المقبلة. أما بالنسبة للاقتراح الفرنسي بتشكيل مجموعة اتصال تضم الكثير من الدول، فهي فكرة محل نقاش»، وشدد على عدم رغبة أوروبا، كغيرها من باقي الأطراف الدولية، في التوجه نحو خيارات عسكرية، بما في ذلك ضربة عسكرية أو عملية تسليح «الجيش السوري الحر»، مشيرا إلى أن أي عملية تسليح «رسمي» لهذا الجيش «ستؤدي إلى خطر حرب أهلية، وهذا ما نريد تفاديه بالضبط». وختم بالتعبير عن خشية أوروبا من أن يمتد أمد الأزمة في سوريا، ما دامت السلطات السورية لا تزال ترفض أي إجراء لوضع نهاية لها.