دعوة «العصيان المدني» صراع جديد بين القوى الثورية والمحافظة في مصر

الجيش قرر نشر عناصره للتأمين واستعادة هيبة الدولة

TT

في وقت أعلن فيه الجيش المصري أمس أنه قرر نشر عناصره للتأمين واستعادة هيبة الدولة في جميع المحافظات، دخلت القوى المحافظة في البلاد صراعا جديدا ضد القوى الثورية على خلفية دعوة الأخيرة إلى العصيان المدني في ذكرى تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم في يوم 11 فبراير (شباط) من العام الماضي، وذلك من أجل الضغط على المجلس العسكري الحاكم في البلاد للتبكير بتسليم السلطة لرئيس مدني منتخب.

وبينما تقول قيادات القوى الثورية إن العصيان المدني «أقل تكلفة من المظاهرات التي سقط خلالها قتلى خلال الأيام الماضية»، علق الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء على الدعوة بقوله إنه «لو حدث ذلك فإن نزلاء طرة (في إشارة لرموز نظام مبارك المحبوسين بسجن طرة) هم من سيحتفلون (به)»، وهو الموقف الذي أيدته القوى المحافظة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد الليبرالي، معتبرين العصيان المدني يضر بـ«مسيرة التحول الديمقراطي».

وقال الجنزوري في مؤتمر صحافي أمس تعليقا على دعوة العصيان المدني، إن «ما يحدث حاليا يهدف لإسقاط السلطة العسكرية والمدنية»، متسائلا: «ماذا سيحدث إذا تحقق ذلك؟».

ولا تزال الشكوك تحيط بتعهدات المجلس العسكري بشأن نقل السلطة للمدنيين مطلع يوليو (تموز) المقبل. ونجحت القوى الثورية في الضغط على السلطات المصرية للتبكير بإجراءات الانتخابات الرئاسية، بفتح باب الترشح في 10 مارس (آذار) المقبل، لكن هذه الخطوة لم ترض شباب الثورة. ويقول خالد عبد الحميد القيادي في ائتلاف شباب ثورة «25 يناير»: «تبكير فتح باب الترشح للانتخابات (الرئاسية) لا يكفي، فالمهم هو نقل السلطة للمدنيين.. أزمتنا في سوء إدارة العسكر للبلاد وهذا لن يتم تجاوزه بتبكير التنافس على الرئاسة».

واتهمت جماعة الإخوان المسلمين التي حصلت على الأكثرية في البرلمان، دعوة العصيان المدني، بالسعي إلى «تفكيك الدولة وانهيارها». وقال الدكتور محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في تصريحات صحافية إن «هذه الدعوة (العصيان المدني) في غاية الخطورة على مصلحة الوطن ومستقبله»، مضيفا أن المصريين نجحوا في انتخاب مجلس شعب يمثلهم جميعا فأولى أن نتوجه إليه بمطالبنا كي يسعى لتحقيقها».

وتوالى خلال اليومين الماضيين إعلان مؤسسات وهيئات ونقابات مشاركتها في الدعوة إلى العصيان. في المقابل بدأت جهات أخرى إصدار بيانات مناهضة للدعوة، منها دار الإفتاء المصرية وجامعة القاهرة، وطلاب جامعة الأزهر، إضافة إلى الأزهر نفسه. وهو ما دفع مراقبين للتعليق على هذا الأمر بقولهم إن «ملامح قلق السلطة في مصر تذكر بالأيام التي سبقت اندلاع الثورة في 25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011.

من ناحية أخرى أكد مصدر عسكري مصري رفيع المستوى في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن المجلس العسكري (الحاكم) يؤكد مجددا عزمه نقل السلطة إلى الرئيس المنتخب قبل 30 يونيو (حزيران) المقبل، ولن يسمح بسقوط مصر مهما حاول البعض فعل هذا وسيظل يتصدى للمخططات التي تمولها دول خارجية وتنفذها أياد داخلية «سوف نكشف تفاصيلها في الوقت المناسب».

وأضاف، عن فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة في 10 الشهر المقبل، بقوله إن هذا التاريخ كان محل دراسة وهو ما دعا المجلس لإصدار قانون انتخابات رئاسة الجمهورية في 19 الشهر الماضي بعد عرضه على المحكمة الدستورية، وهو ما يدل على أن القوات المسلحة ملتزمة بخارطة الطريق التي حددتها من قبل. وتابع قائلا «لن نسمح لأحد بالقفز على السلطة بعيدا عن إرادة الشعب المصري من خلال الاقتراع السري المباشر بانتخابات حرة نزيهة سوف يشهد لها العالم. وقد أعددنا خطة كاملة لتأمين الانتخابات على مستوى الجمهورية وننتظر».

وطالب المصدر القوى الثورية وجميع طوائف الشعب المصري بالحفاظ على مصر وعدم المشاركة في «مخطط إسقاط الدولة»، الذي قال إن بعض المنظمات تسعى إليه من خلال الدعوة للعصيان المدني يوم السبت المقبل، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصري عانى كثيرا بسبب الإضرابات والمظاهرات الفئوية خلال الفترة الأخيرة ولن يتحمل أي تعرض لهزات أخرى خلال الفترة المقبلة.

ووجه المصدر دعوة للمصريين قائلا «أدعو كل أبناء الشعب المصري إلى العمل خلال الفترة المقبلة، وعدم المشاركة في دعوات العصيان المدني، فقد اجتزنا أكثر من 75 في المائة من المرحلة الانتقالية، ولم يتبق سوى أشهر قليلة لنقل السلطة».