مراقبة أبو قتادة ستكلف دافعي الضرائب البريطانيين 63 مليون دولار

«اسكوتلنديارد» ستراقبه على مدار الساعة > ووزير بريطاني يتوجه إلى الأردن للحصول على ضمانات بشأن ترحيله

أبو قتادة
TT

تواصلت ردود الفعل لليوم الثالث على التوالي في الأوساط البريطانية على قرار القضاء البريطاني بالإفراج بكفالة عن رجل الدين الأردني المتشدد عمر عثمان، المعروف بـ«أبو قتادة»، فقد شنت وزارة الداخلية البريطانية هجوما شرسا ضد إطلاق سراح القيادي الأصولي، المنتظر إطلاق سراحه يوم الاثنين المقبل، وهو الأمر الذي سبب صدمة في الأوساط البرلمانية والأمنية في بريطانيا، وتعهدت الوزارة بأن تسلك كل السبل القانونية لمنعه من أن يشكل خطرا على الأمن القومي لبريطانيا. وذكر مسؤولون في العاصمة لندن، أمس، أن وزيرا في وزارة الداخلية البريطانية سيتوجه إلى الأردن في مسعى للحصول على ضمانات بشأن مثول رجل الدين المتشدد أبو قتادة أمام القضاء.

وقال مسؤولون في «داونينغ ستريت» إن جيمس بروكنشاير سيتوجه إلى الأردن خلال الأسبوع المقبل. وأشار المسؤولون خلال مؤتمر صحافي إلى أنه من المقرر أن يناقش رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، هذه القضية خلال اتصال هاتفي في وقت لاحق، أمس.

من جانبه قال كاميرون في تصريحات أمام النواب بمجلس العموم، أمس: «نحن نبذل كل ما في وسعنا لترحيل هذا الرجل خارج البلاد». وأضاف: «الشيء الرئيسي الذي يتعين القيام به هو التوصل إلى اتفاق مع الأردن بشأن الطريقة التي سيتم بها التعامل معه»، مشيرا إلى أنه «كان يجب أن يرحل هذا الرجل منذ سنوات».

وتابع: «لكن إذا توصلنا إلى هذا الاتفاق مع الأردن فإن بالإمكان ترحيله».

وكانت الحكومة البريطانية قالت، أمس، إنها لا تزال تعمل مع الأردن بهدف التوصل إلى ضمانات تسمح بترحيل رجل الدين المتشدد، أبو قتادة.

وكان قاض هنا أصدر حكما بالإفراج بكفالة عن أبو قتادة الذي كان احتجز لمدة 6 سنوات ونصف السنة لأسباب أمنية.

يعطي الحكم وزيرة الداخلية 3 أشهر مهلة كي تثبت أن الدبلوماسيين البريطانيين يحققون تقدما في التفاوض مع الأردن بشأن تسليم أبو قتادة إليه مع ضمان حقوقه الإنسانية كاملة وإلا سيضطر القاضي إلى رفع شروط الإفراج بكفالة عنه، الأمر الذي يعني رفع الرقابة عن تحركاته.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية بعد قرار الإفراج بكفالة: «ينبغي أن يبقى أبو قتادة في السجن»، وأضاف: «هذا رجل خطير، ونعتقد أنه يشكل تهديدا حقيقيا لأمننا، ولم تتغير وجهات نظره أو مواقفه بشأن بريطانيا»، وتعهد بأن لا تقف الوزارة مكتوفة اليدين، قائلا إن «قرار القاضي ليس نهاية المطاف، وسنواصل بحث خياراتنا القانونية للرد على حكم المحكمة الأوروبية».

ومنعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في الشهر الماضي ترحيل أبو قتادة إلى الأردن حيث يواجه اتهامات بالإرهاب.

وأعربت بريطانيا عن أملها بتبديد مخاوف من أن يحاكم أبو قتادة بناء على أدلة تنتزع منه عن طريق التعذيب.

من جهتها قالت صحيفة «ديلي ميرور»، أمس، إن مراقبة أبو قتادة، ستكلف دافعي الضرائب البريطانيين 40 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 63 مليون دولار.

وقالت الصحيفة إن أبو قتادة سيخضع لرقابة الشرطة البريطانية وجهاز الأمن الداخلي البريطاني (إم آي 5) على مدار الساعة بعد خروجه من السجن في غضون الأيام القليلة المقبلة.

وأضافت أن أبو قتادة (51 عاما) سيجبر، بعد إخلاء سبيله من السجن، على البقاء في منزله لمدة 22 ساعة في اليوم، والحصول على موافقة من وزارة الداخلية بشأن جميع الزيارات، كما سيتم فرض رقابة صارمة على اتصالاته الهاتفية واستخدامه لشبكة الإنترنت.

وأشارت نقلا عن مصادر الداخلية البريطانية إلى أن نحو 60 شرطيا وعنصرا من جهاز «إم آي 5» سيقومون بمراقبة أبو قتادة على مدار الساعة كل يوم بعد خروجه من سجن لونغ لارتين في شمال إنجلترا، مشيرة إلى أن مراقبته ستكلف دافعي الضرائب البريطانيين 40 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 63 مليون دولار. إلا أن متحدثة باسم الداخلية البريطانية قللت في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أمس، وجود تقديرات محددة لتكلفة مراقبة أبو قتادة، أو عدد محدد من ضباط شرطة «اسكوتلنديارد» سيكون مكلفا بمراقبته على مدار الساعة.

وكانت محكمة الاستئناف الخاصة بقضايا الهجرة أخلت سبيل أبو قتادة، أول من أمس، الاثنين، بكفالة بعد أن قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم جواز تسليمه إلى الأردن، على الرغم من أن وزارة الداخلية البريطانية تعتبره يشكل خطرا على الأمن القومي للمملكة المتحدة.

وأعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، تريزا ماي، أنها تدرس استئناف الحكم الأخير بحق أبو قتادة، وأبلغت مجلس العموم (البرلمان)، أمس، أن «المكان المناسب لإرهابي أجنبي هو في زنزانة سجن بعيدا عن بريطانيا».

وكان أبو قتادة كسب الشهر الماضي قضية الاستئناف التي رفعها ضد حكم سابق لمنع تسليمه إلى الأردن، بعد أن قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم جواز إبعاده عن المملكة المتحدة وتسليمه إلى الأردن بسبب سجل البلد الأخير في التعذيب.

وجاء أبو قتادة إلى المملكة المتحدة عام 1991 وطلب اللجوء السياسي بحجة تعرضه للتعذيب في الأردن، واعتقلته السلطات البريطانية عام 2005 بعد وقت قصير من تفجيرات لندن عام 2005.

وقضت محكمة بريطانية عام 2007 بجواز تسليمه إلى الأردن فقدم استئنافا ضد الحكم وربحه وأخلي سبيله من السجن لاحقا، غير أن السلطات البريطانية أعادت اعتقاله عام 2008 لخرقه شروط الإفراج عنه بكفالة بانتظار ترحيله خارج المملكة المتحدة.

ويوصف أبو قتادة بأنه سفير تنظيم القاعدة في أوروبا، وتطالب به حكومات الأردن والجزائر وبلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا.

إلى ذلك، أفادت صحيفة «ديلي تليغراف»، أمس، أن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) طلبت من صحافييها عدم وصف رجل الدين الأردني الفلسطيني الأصل أبو قتادة بالمتطرف أو المتشدد، ووصفه فقط بأنه أصولي. وقالت الصحيفة إن إدارة «بي بي سي» قررت الإشارة إلى أبو قتادة بالأصولي «لتجنب الوقوع في حكم تقييمي»، وحذرت الصحافيين من «استخدام الصور الذي يظهر فيها وهو بدين».

وأشارت إلى أن هذه التوجيهات صدرت خلال اجتماع لمحرري أخبار «بي بي سي» عقد أمس وترأسه أندرو روي، أحد كبار مديري هيئة الإذاعة البريطانية.

وأضافت الصحيفة أن روي، ووفقا لوثائق عن الاجتماع اطلعت عليها، أبلغ الصحافيين أن «يتجنبوا وصف أبو قتادة بالمتطرف ويجب أن يصفوه بأنه أصولي، لأن التطرف ينطوي على حكم تقييمي»، وحذرهم من «استخدام صور الأرشيف التي يظهر فيها وهو بدين لأنه فقد الكثير من وزنه».

بينما كشفت رسالة إلكترونية تلقتها «الشرق الأوسط» من كارين روزين، مديرة الاتصالات في «بي بي سي»، أنهم بالفعل ناقشوا في غرفة الأخبار الجدل الدائر حول كيفية وصف الإسلامي الأردني بعد إطلاق سراحه من السجن بأصولي أو متطرف، مع التركيز على استخدام أحدث الصور الخاصة به من جهة التغطية الصحافية. وقالت روزين: «نولي عناية فائقة للغة التي نستخدمها، ونحن لا نحظر الكلمات، ووثائق الاجتماع هي انعكاس لنقاش تحريري حي حول كيفية تغطية التطورات الأخيرة المتعلقة بهذه القضية»، في إشارة إلى قضية أبو قتادة.