واشنطن تهدف لانفراجة في المحادثات الأفغانية أثناء قمة الأطلسي في مايو المقبل

مسؤولون من «الناتو» وأفغانستان وباكستان يجرون محادثات حدودية

جندي أفغاني يحمل بندقيته بالقرب من موقع تفجير انتحاري في قندهار الأحد الماضي (أ.ب)
TT

لم تتجاوز المحادثات مع طالبان المرحلة التمهيدية، حيث يحاول الأميركيون قياس المكاسب المتوقعة من الجلوس مع خصومهم إلى طاولة التفاوض. وصرح مسؤولون في إسلام آباد لـ«الشرق الأوسط» أنهم تلقوا رسائل من مسؤولين أميركيين بشأن اتصالاتهم بطالبان الأفغانية في الدوحة. وكان رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلانيتشاور مع القيادة القطرية الموقف هذا الاسبوع.

بيد أن المسؤولين حذروا بشأن توقع الكثير من المحادثات في هذه المرحلة. إذ لا يزال من المبكر الإدلاء بأي شيء. فلا يزال الأميركيون حاليا في مرحلة دراسة الاحتمالات المختلفة المتعلقة بالمحادثات مع طالبان، بحسب المسؤول.

ووصف مسؤولين كبارا في باكستان افتتاح مكتب لطالبان في الدوحة بالتطور اللافت الذي قد يمهد الطريق أمام فرص مستقبلية. ويقول المسؤول: «هناك على الأقل عنوان لطالبان ويمكن لأي شخص يرغب في إجراء حوار معهم أن يتصل بسهولة بهم في الدوحة».

وكانت السفيرة الباكستانية في واشنطن شيري رحمان قد تلقت رسائل من بعض المسؤولين الأميركيين بشأن التقدم الذي تحقق في المحادثات مع طالبان. ووصف المسؤولون الباكستانيون ما نقل إلى شيري رحمان بأنه كسر للجليد في العلاقات بين البلدين.

كما وردت أنباء عن قيام رئيس الوزراء الباكستاني بنقل رغبة باكستان في الاضطلاع بدورها في عملية المصالحة الأفغانية، شريطة أن تقود أفغانستان العملية. كما أعربت باكستان في الوقت ذاته عن رغبتها في الحفاظ على الحكومة الأفغانية كجزء من العملية ككل.

إلى ذلك، يقول مسؤولون إن الولايات المتحدة تسعى لتسريع محادثات هشة مع حركة طالبان ليمكنها الإعلان عن مفاوضات سلام جادة أثناء قمة لحلف الأطلسي في مايو (أيار) فيما سيكون نقطة مضيئة موضع ترحاب في الجهود الغربية لإنهاء الحرب في أفغانستان.

وتأمل إدارة أوباما أن يمكنها إعلان بدء مفاوضات سياسية ذات مصداقية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في قمة يومي 20 و21 مايو في شيكاغو بعد عام من اتصالات مبدئية مترددة مع ممثلي المتشددين. ويمكن أن تمثل هذه الخطوة نصرا يحتاجه البيت الأبيض والشركاء في حلف الأطلسي في أفغانستان في حين يكافحون لاحتواء تمرد مراوغ وتدريب جيش محلي مع التحرك في نفس الوقت لإعادة قواتهم لأوطانها في السنوات الثلاث المقبلة. لكن لن يكون من السهل مجرد الوفاء بتحريك المحادثات السياسية، ناهيك عن إكمالها.

وعلى دبلوماسيين أميركيين تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي تدل على حسن النوايا بما في ذلك إخراج محتجزي طالبان من معتقل غوانتانامو وإقناع المتشددين بالتخلي عن معارضتهم للمحادثات مع حكومة أفغانية يعتبرونها غير مشروعة والتعامل مع المعارضة السياسية في الداخل قبل شهور من انتخابات الرئاسة التي تجري في نوفمبر (تشرين الثاني) والتي يأمل الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يحصل خلالها على فترة ولاية ثانية. وحاولت الإدارة الجمع بين تلك العناصر قبل قمة عالمية عقدت في بون بألمانيا في ديسمبر (كانون الأول). لكن مسؤولا أميركيا رفيعا قال إن المصالحة الأفغانية ليست مدرجة رسميا في جدول الأعمال رغم أنه لم ينف أن البعض في إدارة أوباما يريد أن تعلن قمة شيكاغو عن محادثات السلام.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، إنه بالنسبة لمحادثات السلام نريد إتمام المصالحة في أسرع وقت ممكن. وحتى إذا نجحت إدارة أوباما في الجمع بين حكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وطالبان على طاولة مفاوضات واحدة، لا توجد ضمانات أن تسفر تلك المحادثات عن نتيجة. وما زالت دوافع جماعات متشددة تتمركز قياداتها في باكستان غامضة حتى في الوقت الذي يتأهب فيه البيت الأبيض لإرسال مفاوضين إلى اجتماع جديد مع ممثلي طالبان يمكن أن يعزز من نقل 5 محتجزين من طالبان من معتقل غوانتانامو إلى قطر.

وليس من الواضح ما إذا كانت طالبان مهتمة حقا بالسلام أم أنها ترغب فحسب في إخراج سجنائها والانتظار حتى خروج قوات التحالف الغربي التي عقدت عزمها فيما يبدو على الحد من مشاركتها في الحرب المستمرة منذ وقت طويل.

وعقد أمس اجتماع بين قادة أفغان وباكستانيين ومن حلف شمال الأطلسي أمس لتحسين التنسيق العسكري بعد أكثر من شهرين على الخطأ الذي ارتكبته قوة «الأطلسي» بقتل 24 جنديا باكستانيا متسببة في أزمة دبلوماسية، كما أعلن الجيش الباكستاني. وهذا اللقاء يدل على أجواء تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة. وإثر هفوة «الأطلسي» قامت إسلام آباد بمنع مرور مواكب إمدادات قوة المساعدة الدولية (إيساف) عبر أراضيها. وجاء في بيان صادر عن الجيش الباكستاني أن ممثلين عن الجيشين الأفغاني والباكستاني و«إيساف» بدأوا أمس اجتماعا في مركز التنسيق في تورخام، المركز الباكستاني الواقع على الحدود الأفغانية. وأضاف البيان أن «هذا اللقاء يأتي في إطار الاجتماعات الثلاثية المقررة لبحث وتحسين التنسيق على الحدود الباكستانية - الأفغانية»، مشيرا إلى أن الجيش الباكستاني ممثل بقائد عملياته العسكرية الجنرال أشفق نديم أحمد.