وزارة الدفاع الليبية تهدد الثوار المسلحين وتمنحهم مهلة أخيرة

عبد الجليل ينفي اتصالات سرية مع إسرائيل أو مفاوضات مع أبناء القذافي

الفريق يوسف المنقوش رئيس أركان الجيش الليبي في صورة تذكارية مع الملحقين العسكريين في السفارات الأجنبية في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

نفى المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي وجود علاقات سرية مع إسرائيل أو مفاوضات غير معلنة مع أسرة العقيد الراحل معمر القذافي الموجودة حاليا بالجزائر، ودعا مؤسسات المجتمع المدني والأعيان وخطباء المساجد للضغط على الثوار المسلحين للانضمام إلى الأجهزة الأمنية أو المدنية التابعة للحكومة، في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الليبية أن يوم الأربعاء المقبل الموافق 15 من الشهر الحالي، هو آخر موعد لالتحاق منتسبي الجيش الليبي (عسكريين وموظفين).

وقالت الوزارة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنها نبهت في رسائل عبر الهواتف الجوالة عناصر الجيش الليبي للالتحاق بنقاط التجمع المعتمدة والمعلن عنها مسبقا، مهددة بأن من لم يلتحق بهذه النقاط ستخضع جميع معاملاته الإدارية والمالية للإجراءات القانونية ويعرض نفسه للمساءلة القانونية.

ويمثل هذا أول تهديد علني ومباشر توجهه الحكومة الليبية إلى الثوار المسلحين المنضوين في أجهزتها الأمنية والعسكرية في محاولة لجمع السلاح وإعادتهم إلى الحياة المدنية مجددا.

وأعلنت الحكومة الليبية برنامجا طموحا لاستيعاب نحو خمسين ألفا من الثوار الذين ساهموا في القضاء على نظام القذافي بعد ثمانية شهور من المواجهات العنيفة ضد قواته العسكرية وكتائبه الأمنية لكن استجابة هؤلاء لهذا البرنامج ما زالت محدودة.

وكان المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الذي يتولى السلطة في ليبيا بعد الإطاحة بنظام القذافي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قد استغل زيارته لمدينة سبها في الجنوب الليبي برفقة رئيس الوزراء المؤقت الدكتور عبد الرحيم الكيب لكي يعلن أن الحكومة الانتقالية طرحت برنامجا لاستيعاب الثوار بالأجهزة الأمنية والأجهزة العسكرية، وفي النواحي المدنية لتختفي الظواهر المسلحة غير الرسمية.

وحث عبد الجليل، وفقا لما بثته قنوات التلفزيون أمس، مؤسسات المجتمع المدني والأعيان وخطباء المساجد للضغط على هؤلاء الثوار الذين قدموا الكثير، للانضمام إلى الأجهزة الأمنية أو المدنية التي يرتاحون إليها. وقال إنه يتعين على المواطنين التعاون مع المجلس الوطني الانتقالي والحكومة وتقديم كل العون والمساعدة من أجل استتباب الأمن، مؤكدا أن هذا لا يتم إلا من خلال تعاون المواطنين.

وأضاف أن «الثورة بدأت في كل أنحاء ليبيا وأن معمر القذافي لا يصطف وراءه إلا فئتان: فئة طامعة، وفئة خائفة. أما بقية الشعب الليبي فنحن نعلم جيدا المعاناة التي كان يعانيها من ذلك النظام الذي أراده الله أن يكون في تلك الحقبة سيفا مسلطا على ليبيا ليبذر ثرواتها ولا يستفيد منها الليبيون طيلة هذه المدة الطويلة».

وأشار إلى الاتصالات التي تمت منذ الشهور الأولى للثورة مع ممثلين عن الجنوب الليبي بمدينة بنغازي معقل الثوار في المنطقة الشرقية وعمليات التنسيق التي تمت مع هؤلاء الممثلين وحرص المجلس الانتقالي على أرواح أهل الجنوب من تعرضهم للهلاك من قبل كتائب وأتباع النظام السابق، معتبرا أن الجنوب ثار وانتصر وتم تحرير الكثير من المناطق والمعابر والبوابات بإمكانيات بسيطة.

واعتبر عبد الجليل أن ما قام به أعضاء المجلس الوطني الانتقالي «واجب وطني، بعد أن أصبح المجلس واجهة سياسية، وتعامل معه العالم في تلك الفترة وكسب كل الآراء، وكل التأييد ووضعنا خارطة الطريق لأننا لم ننتخب؛ بل جئنا بفضل توافقي».

وقال: «ليس بوسعنا الجلوس على هذه الكراسي ونحن ماضون لمساعدتكم للوصول إلى انتخاب مؤتمر وطني يشمل كل أطياف الشعب الليبي: من جنوبه وشرقه وغربه وأوسطه، ليكون ممثلا للشعب». ودعا عبد الجليل المجالس المحلية إلى عدم الانزعاج من الانتخابات والوقوف في طريقها بأي مبررات، معلنا أن المؤتمر الوطني معني بفترة لا تزيد عن سنة ومعني بشكل خاص بانتخاب أو باختيار لجنة لوضع الدستور الذي سوف يعرض للاستفتاء من قبل كل الشعب الليبي.

وشدد على أن عوائد ليبيا البترولية ومنتجاتها ليست بالرقم البسيط في الداخل والخارج من خلال الأرصدة والشركات الاستثمارية، لافتا إلى أن المرحلة الحالية ضيقة والمتطلبات كثيرة وهناك الأهم قبل المهم. على حد قوله. ودعا أبناء الشعب الليبي مجددا إلى التمسك بالصبر وعدم تصديق الإشاعات التي تحاول بعض وسائل الإعلام المغرضة شنها في هذه الفترة الحساسة، نافيا بشكل قاطع ما تم تسريبه حول أن المجلس الوطني الانتقالي على علاقة بإسرائيل، وأنه سيفتح سفارة لإسرائيل في طرابلس.

كما انتقد تسريب أحد المواقع الإلكترونية الليبية خبرا مغلوطا حول إيفاد المجلس الانتقالي لوفد إلى الجزائر لمقابلة أبناء القذافي الموجودين هناك للتفاوض.

وأضاف: «هذه الحملة الشنيعة التي تشن علينا كل هذه الأقاويل هي عارية وكلها لا أساس لها من الصحة»، مشيرا إلى خطورة ما وصفه بالمؤامرات التي تحاك من أعوان القذافي في الخارج الذين تمكنوا من الحصول على أموال طائلة، خاصة أن الحدود ما زالت غير آمنة.

وكشف النقاب عن اعتقال بعض هؤلاء الأعوان في مدينة بنغازي، ثاني كبريات المدن الليبية ومعقل الثوار، مشيرا إلى أنهم قاموا بإحداث بعض الإزعاجات والتفجيرات، كما أعلن القبض على خليتين إرهابيتين في العاصمة طرابلس لذات الغرض.

من جهته، قال الدكتور عبد الرحيم الكيب رئيس الحكومة الانتقالية إنه بانتهاء الاستبداد تبدأ مرحلة كفاح جديدة تقتضي مشاركة الجميع، معتبرا أن «ما قمنا به هو لإنهاء الإقصاء واسترداد حق الشعب، كل الشعب، في المشاركة، وها هي الفرصة لنشارك جميعا في شرف بناء وطننا الموحد والآمن».

وأوضح أن «نظام القذافي الطاغية ترك لنا خليطا من الفوضى والبيروقراطية في كل مرافق الدولة دون استثناء، وترك لنا ركاما من الفساد والدمار، فعلينا أن نتعاون جميعا لنضمد الجراح، وأن نعمل دون كلل على بناء هذا الوطن».

وقال في كلمة وجهها إلى أهالي فزان: «إنني على ثقة كبيرة بأننا قادرون من خلال اللحمة الوطنية والحوار والتفاهم على الوصول إلى بر الأمان»، لافتا إلى أن برامج الدولة سوف تظل حبرا على ورق ما لم يتم العمل بها.