السوريون يستغيثون والنظام مستمر في محاصرة المدن وقصف حمص

أمس خميس «الغضب من إيران» واليوم جمعة «روسيا تقتل أطفالنا»

محتجون ضد نظام الأسد يشيعون جنازتين أمس في إدلب (أ.ب)
TT

ارتفعت حدة مناشدات أهالي مدينة حمص يوم أمس لإغاثتهم من القصف العنيف الذي يتعرضون له منذ أسبوع، فعدا النداءات التي وجهت إلى أهالي مدينتي دمشق وحلب للنزول إلى الشوارع وتخفيف الضغط عن مدينة حمص وريفها، وجه سكان من حي بابا عمرو الذي تدكه قوات الجيش النظامي بمختلف أنواع القذائف المدفعية نداء إلى علماء المسلمين عامة وعلماء الخليج بشكل خاص لإنقاذ مساجد حمص وفي مقدمتها مساجد حي بابا عمرو التي تتعرض للقصف، وقال النداء إن مساجد حمص منذ أسبوع لم تقم فيها صلاة ولم يرفع فيها أذان بسبب القصف، وقال ناشطون إن أكثر من 134 شخصا قتلوا نهار أمس في سوريا معظمهم في حمص، في قصف للجيش النظامي تستخدم فيه الدبابات، وفي حي الوعر قال سكان إنهم سمعوا طيلة نهار أمس أصوات إطلاق صواريخ من الكلية الحربية في حي الوعر تجاوز عددها الـ55 صاروخا بشكل متتال، كما استمرت حملات المداهمات لحي الإنشاءات مع قطع للكهرباء والخدمات هناك منذ خمسة أيام، وقال نشطاء إن الوضع في أحياء الخالدية وكرم الزيتون والبياضة بالغ السوء، في وقت ما زال فيه حيا بابا عمرو وباب السباع يدكان بمئات الصواريخ وإن هناك عشرات البيوت دمرت، مع الإشارة إلى عدم وجود أي اشتباك هناك مع «الجيش الحر» في ظل تأكيدات عن مشاركة طائرات مروحية في القصف على حي بابا عمرو.

وفي الوضع الإنساني قال ناشطون من الأطباء في حمص، إن يوم أمس كان من أكثر الأيام سوءا على الإطلاق، بعد أن تم تدمير جميع المشافي الميدانية في حي بابا عمرو، وهناك صعوبات كبيرة في انتشال الجثث من تحت الأنقاض، كما لم يعد هناك أي إمكانات لمعالجة الإعداد المتزايدة للجرحى، الذين يحتمون بالمساجد، وحصلت يوم أمس حالة ولادة من سبعة أشهر والوليد بحاجة لحاضنة وهذا غير متاح أبدا، كما لا يمكن مساعدة مرضى القصور الكلوي لانعدام إمكانية إخراجهم من الحي، أما بالنسبة للجرحى ونتيجة عدم توفر وسائل الإسعاف والعلاج يضطر لبتر أطرافهم، ويوم أمس أجريت أكثر من ستين عملية بتر أطراف في حي بابا عمرو، وناشد الطبيب العالم للتدخل من أجل تأمين ممرات آمنة لإنقاذ الأطفال والنساء والمرضى والجرحى، لإخراجهم من الحي.

وفي مناطق ريف دمشق، وبالتحديد في الزبداني ومضايا حيث استمرت عمليات القصف لليوم التاسع على التوالي، أُعلن عن سقوط عدد من القتلى وتدمير عدد كبير جدا من المنازل «يتجاوز الـ80 منزلا» وسقوط عدد غير معروف من الجرحى. وقالت لجان التنسيق المحلية إن «الوضع الإنساني في تدهور ويزداد سوءا مع تواصل انقطاع كافة أشكال الاتصالات والإنترنت والمياه والكهرباء ومنع وصول المواد سواء الغذائية أو الطبية أو المحروقات في ظل درجات حرارة منخفضة جدا».

وأكد الناطق باسم «المجلس المحلي الحر» في الزبداني علي إبراهيم إن «الوضع في الزبداني مأساوي»، لافتا إلى أن «هناك انقطاعا للكهرباء والمياه عن المدينة، كما هناك قصف عشوائي بالأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى مقتل امرأة وشاب وطفل»، مشيرا إلى أن «كتائب (الرئيس السوري بشار) الأسد تستهدف جوامع المدينة وأيضا استهدفوا كنيسة الزبداني».

ولفت إبراهيم إلى «نزوح أهالي مضايا والزبداني إلى بلدة بلودان المجاورة»، مشيرا إلى «نقص في المواد الغذائية، وأن الاتصالات مقطوعة، والجرحى فاق عددهم العشرات، والشهداء يوضعون في برادات الخضار».

وقال إبراهيم إن القوات النظامية قصفت الزبداني ومضايا المجاورة في الساعات القليلة الماضية بأكثر من سبعين قذيفةن مشيرا إلى استخدام قذائف انشطارية ومسمارية. وأشار إلى استهداف كنيسة في الزبداني ومسجدين في بلدتي مضايا وبلودان. وفي بيان نشر على الإنترنت، أعلنت كتيبة حمزة بن عبد المطلب التابعة للجيش السوري الحر أنها أجبرت القوات النظامية على التراجع سبعة كيلومترات عن الزبداني، وأكدت أنها تمكنت خلال أيام من تدمير 17 دبابة و15 آلية عسكرية أخرى، وقتل 45 عسكريا نظاميا بينهم ضابط برتبة رائد.

كما أفاد ناشطون أن قوات الأسد قامت يوم أمس وبشكل مفاجئ باقتحام قرية العبادة الغوطة الشرقية في ريف دمشق مطلقة النار بشكل عشوائي كما قصفت مزارع الرنكوس بشكل عنيف بالتزامن مع عملية تمشيط للمنطقة بمشاركة عشرين دبابة بحثا عن منشقين. وفي إدلب، أفادت لجان التنسيق عن اقتحام معرة النعمان من الجهتين الشمالية والغربية بالدبابات الثقيلة، ترافق مع إطلاق نار عشوائي وقذائف هاون أدّت لسقوط أكثر من 4 قتلى وعشرات الجرحى. وفي خان شيخون في إدلب أعلن الناشطون عن وقوع عدة إصابات إثر إطلاق قوات النظام النار بشكل عشوائي على الأوتوستراد الدولي.

ولم يمنع تصاعد أعمال العنف مئات السوريين من الخروج في مظاهرات في المناطق السورية كافة. ففي بلدة جرجناز في إدلب خرجت مظاهرة حاشدة نصرة لحمص المنكوبة شارك فيها عشرات الأطفال. وفي بنش اعتصم المئات تضامنا مع بابا عمرو رافعين لافتات كتب عليها: «إذا العالم معك الله معنا».

ومن حي الحمدانية بحلب انطلقت حرائر مدرسة سليمان الحلبي في حي الحمدانية في مظاهرة غاضبة نصرة لأهالي في حمص وللمطالبة بمحاكمة الأسد. أما في كرناز في حماه ورغم الحصار الذي تفرضه قوات الأسد، خرج العشرات إلى الشوارع مطلقين الهتافات المنددة ببشار الأسد رافعين أعلام الثورة السورية.

وفي محافظة دير الزور خرجت مظاهرة طلابية في البوكمال في حي المساكن انطلقت من مدارس الحي تهتف لحمص والمدن المنكوبة وتطالب بإسقاط النظام.

وكان الناشطون السوريون وعبر صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» عبر «فيس بوك» أطلقوا على يوم أمس الخميس تسمية «خميس الغضب من إيران» معتبرين أن «هذه الدولة (الصديقة) التي تجاهلت تماما طموحات الشعب السوري، وضربت بها عرض الحائط، هي حتى الساعة غير مدركة أنها ستخسر كل شيء بعد سقوط الأسد».

وفي إطار عملية التصويت الأسبوعية، اختار الناشطون تسمية «جمعة روسيا تقتل أطفالنا» لإطلاقها على المظاهرات التي من المنتظر أن تخرج اليوم في المناطق السورية كافة للتنديد بالموقف الروسي الداعم للنظام السوري وبالفيتو الذي أحبط إصدار قرار في مجلس الأمن يدين العنف والمجازر التي يقترفها النظام السوري بحق المدنيين.

وقد شدّدت الحملات على صفحات التواصل الاجتماعي على دعوة أهالي دمشق وحلب للخروج وبكثافة في المظاهرات اليوم. وعمّم الناشطون دعوة بعنوان «فيتو دمشق وحلب أشد مرارة من فيتو روسيا والصين».

وفي الرستن قال ناشطون إن أكثر من ثلاثين منزلا تم تدميرها هناك نتيجة القصف العشوائي عليها يوم أمس، وقتل نحو ثلاثة أشخاص يوم أمس وعشرات الجرحى من المدفعيات التي تحاصر المدينة من الخارج، بينما يسيطر على بعض أجزاء المدينة الجيش الحر. وتعيش الرستن وضع إنساني خانق بسبب الحصار وصعوبة إسعاف الجرحى.

وفي السياق ذاته قالت وسائل الإعلام السورية شبه الرسمية إن قوات الجيش النظامي تمكنت من قتل الضابط المنشق عبد الرزاق طلاس المسؤول عن كتيبة الفاروق التابعة للجيش الحر، في حي بابا عمرو هو كل أفراد الكتيبة التي تنشط بين حمص وحماه والرستن، إلا أن مصادر في الثورة نفت الخبر وصفته بأنه نوع من الإشاعات الهادفة إلى إضعاف الروح المعنوية.