تقارير أميركية: إسرائيل مولت ودربت منفذي الاغتيالات لعلماء إيرانيين

إيران تسدد قيمة وارداتها من الحبوب بالذهب والنفط.. والشركات السنغافورية توقف صادرات زيت النخيل إلى طهران

TT

قررت الحكومة الإسرائيلية أمس الامتناع عن الرد على الأنباء المتلاحقة التي تنتشر في الولايات المتحدة حول الموضوع الإيراني، وخصوصا القول إنها تمول وتدرب عناصر مسلحة لإغتيال علماء ايرانيين, والقول إن الرئيس باراك أوباما أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نننياهو، بأن هناك أملا في أن تحقق العقوبات الاقتصادية لإيران نتائج فعلية تساعد على وقف مشروعها للتسلح النووي.

وقال مصدر حكومي «إذا قمنا بالرد على كل شيء ينشر في الصحافة، فلن يبقى لدينا وقت للعمل». ونقلت قناة «إن بي سي» التلفزيونية الأميركية عن مسؤولين أميركيين في الولايات المتحدة قولهم إن المخابرات الإسرائيلية تزود عناصر بالأسلحة والذخيرة والمال وتدربهم على القتال وتنفيذ عمليات مسلحة بأعلى المستويات. وأن هذا الدعم الإسرائيلي هو الذي جعل من الممكن اغتيال خمسة علماء ذرة إيرانيين في الفترة منذ عام 2007، وعلى تنفيذ عمليات تخريب في معاهد أبحاث الذرة الإيرانية والأجهزة المستخدمة في تطويرها.

وأضافت القناة الأميركية أن إدارة الرئيس باراك أوباما، على اطلاع تام على هذه العمليات ولكنها غير شريكة فيها.

ويثير هذا النشر تساؤلات في إسرائيل عن أهدافه، إذ إن إيران كانت قد اتهمت الولايات المتحدة بتزويد تنظيم معارضة كردية في أربيل، بالعبوة الناسفة التي استخدمت في اغتيال عالم الذرة الإيراني، البروفسور مصطفى أحمدي روشان، في الشهر الماضي في قلب إيران. وتساءل مصدر إسرائيلي: «هل هذا النشر في واشنطن جاء ليبرئ ساحة الولايات المتحدة، ويضع الاتهام على إسرائيل».

الجدير ذكره أن القادة العسكريين الإسرائيليين كانوا قد أشادوا باغتيال العلماء الإيرانيين وبتدمير الموقع قرب طهران (نوفمبر الماضي). وخلال مؤتمر هرتسليا للدراسات الاستراتيجية، قبل أسبوع، كشف نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، بأن الولايات المتحدة اقتنعت أخيرا بأن إيران لم تعد تهدد إسرائيل ودول أوروبا وحسب، بل تهدد الأراضي الأميركية مباشرة. وقال إن سر هذا الاقتناع يعود إلى اكتشاف مصنع لإنتاج صواريخ إيرانية جديدة متطورة، مداها 10 آلاف كيلومتر. وأضاف: «بعد أن طوروا صواريخ شهاب 2 و3 التي يتجاوز مداها 3000 كيلومتر، وتستهدف إسرائيل أولا ثم أوروبا، بدأوا يطورون صواريخ تستطيع قصف أهداف على الأراضي الأميركية نفسها. وهذا تطور خطير يدل على أن إيران تهدد العالم أجمع وليس إسرائيل وحدها».

وكشف يعلون أن المعسكر الذي وقع فيه انفجار كبير قرب طهران في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هو المكان الذي اختاره الإيرانيون لكي يصنعوا فيه الصواريخ الجديدة وأن الانفجار أدى إلى تدمير الأجهزة التي تصنعه. فسأله أحد الحضور: ومن الذي نفذ عملية التفجير؟ فأجاب يعلون: «إن تلك الأجهزة هي من صنع بشر. وما يصنعه البشر بمقدور البشر أن يدمروه». وسئل: وهل يمكن تدمير المفاعلات النووية المقامة داخل الجبال أو عميقا تحت الأرض، أم ستكون تلك مغامرة معدة سلفا للفشل؟ فأجاب: «من يعتقد بأن المفاعلات المقامة عميقا تحت الأرض هي محصنة من التدمير، عليه أن يعيد حساباته».

من جهة ثانية ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن الإدارة الأميركية أقنعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإعطاء فرصة للعقوبات الأميركية والأوروبية ضد إيران وإرجاء موضوع الضربة العسكرية. وانتقدت الصحيفة تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود براك، المتعلقة بنقطة اللاعودة في توزيع وإخفاء منشآت الذرة الإيرانية تحت الأرض، مما يجعل الضربة العسكرية غير مجدية في حال تم ذلك. وأشارت الصحيفة إلى أن نظرية باراك حول المنطقة المحصنة تعقد الأمور في مستوى النقاش «حربي» اللهجة الدائر في إسرائيل وبين مرشحي الرئاسة في أميركا. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل والولايات المتحدة تختلفان حول السؤال المركزي، المتعلق بالمدى الزمني الذي تتحول فيه منشآت الذرة الإيرانية إلى محصنة في وجه ضربة عسكرية، مشيرة إلى أن المدى الزمني الذي تحدث عنه باراك يتمتع بالمرونة.

وكان مصدر في الإدارة الأميركية قد وصف تصريحات باراك حول تحصين المنشآت النووية في وجه ضربة عسكرية، بأنها تعيسة، مشيرا إلى شعور الإحباط الذي ينتاب إدارة أوباما من النظرة الإسرائيلية الضيقة لمسألة الذرة الإيرانية. وفي الوقت نفسه، أثنت «نيويورك تايمز» على مطالبة نتنياهو أفراد حكومته بعدم التحدث حول الموضوع الإيراني، منوهة إلى أن ذلك هو الطريق الصحيح.

إلى ذلك، قال مصدرو قمح أوروبيون إن إيران تسعى إلى إتمام اتفاقات لشراء القمح مقابل الذهب والنفط وإنها دفعت بالين الياباني تكلفة كمية كبيرة من القمح قي أول صفقة تبرمها منذ بدأت العقوبات الغربية على طهران تضر بوارداتها من السلع الغذائية الأساسية.

واشترت إيران 200 ألف طن على الأقل من القمح اللين من السوق العالمية الأسبوع الماضي للتسليم الفوري من بائعين من القطاع الخاص، معظمه أسترالي المنشأ لكن بعض التجار قالوا إن الولايات المتحدة قد تقدم جزءا من هذه الكمية. وأضرت العقوبات المالية الجديدة، التي فرضت في بداية العام لمعاقبة إيران بسبب برنامجها النووي، بقدرة طهران على شراء واردات أغذية رئيسية.

وقلصت العقوبات بشدة قدرة طهران على الحصول على تمويل باليورو والدولار مما أجبر طهران على البحث عن وسائل بديلة لسداد قيمة وارداتها. ويعتقد تجار أن الحكومة الإيرانية استخدمت شركات مقرها سويسرا قادرة على تمويل نفسها في آسيا واستغلت عقودا بالين لتمويل الصفقة البالغ حجمها 200 ألف طن. وقال تاجر لوكالة «رويترز» «تتم تسوية صفقات الحبوب عن طريق الذهب وتعرض اتفاقات مقايضة تشمل النفط. يشارك في ذلك بعض من أكبر الشركات التجارية». وذكر تجار أن تفاصيل اتفاقات المقايضة لا تزال غير واضحة.

من جهة ثانية، قالت مصادر تجارية في سنغافورة أمس إن الشركات السنغافورية توقفت عن إمداد إيران بزيت النخيل الإندونيسي لمخاوف بشأن قدرة طهران على السداد بسبب العقوبات الغربية. وتوقف تجار زيت النخيل في جنوب شرق آسيا، التي تورد 90 في المائة من زيت الطعام في العالم، عن قبول خطابات الاعتماد الإيرانية منذ نهاية العام الماضي قبل جولة جديدة من العقوبات الأميركية والأوروبية في مطلع 2012.

ويضاف وقف إمدادات زيت النخيل إلى مشكلات إيران مع مدفوعات الأرز الهندي والحبوب الأوروبية، وهو ما يشير إلى أن العقوبات بدأت تؤثر على إمدادات البلاد من المواد الغذائية الأساسية.