الخارجية التونسية : طرد السفير السوري كان نتيجة لتقرير المراقبين الذين «لاحظوا تردي الأوضاع الأمنية والإنسانية»

العضو التونسي في البعثة: نقلت بأمانة ما شاهدته في ساحة معقدة وفي ظل نظام قمعي تسلطي

مسيرة يشارك فيها أطفال ضد الرئيس السوري في مدينة جسر الشغور أمس (رويترز)
TT

قال الهادي بن عباس، كاتب الدولة للشؤون الخارجية التونسية، إن طرد السفير السوري من تونس لم يكن متسرعا ولا رد فعل على التصعيد العسكري للنظام السوري مؤخرا في حمص، وإنما من أهم الأسباب التي دفعت إلى ذلك التقارير التي قدمها الأعضاء التونسيون المشاركون في بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، والتي أظهرت تصاعد العنف، ومحاولات الأجهزة السورية تضليل الفرقة، وإيحاءات ،بكون من يقوم بالعنف هم مجموعات إرهابية، وملاحظة وجود مراوغات بتحضير شوارع عادية، وبعد انصراف البعثة تتحول إلى حربية، وكذلك «ملاحظة تردي الأوضاع الأمنية والإنسانية».

وقال بن عباس في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس: «كل التقارير تصب في نفس المصب، وهي أنهم (المراقبين) لم يتمكنوا من القيام بعملهم بطريقة عادية، وأن العنف في تصاعد، وبشكل كبير على مستوى الكم والانتشار والخطورة».

وبين بن عباس أن المساعي التونسية في الشأن السوري ترمي لتجنب الحلول العسكرية وأضاف: «لنا سوابق في التاريخ، وتونس ترمي لتفادي الحلول العسكرية». وحول إمكانية مشاركة تونسيين في البعثة، بعد أن تستأنف عملها، قال: «في الوقت الحاضر لم يطلبوا رأينا، الفكرة طرحت أمس، ولم يأت حتى طلب رسمي من الجامعة».

واعتبر بن عباس أن طرد السفير السوري من تونس موقف مبدئي وتضامني، وأضاف: «ننتظر مستجدات، وعلى أثرها نأخذ قراراتنا، ولو أن الأمل ضئيل، نحن كتونس نبقى معلقين الآمال لوجود الحلول السلمية التي في غيابها سنكون أمام خيارين؛ إما الحرب الأهلية، أو التدخل العسكري، ما نحبذه هو إيجاد حل سياسي بتدخلات في إطار الجامعة العربية والدول الشقيقة، لإيجاد مخرج، ولا نريد التدخل مباشرة في شؤون سوريا، نريد أن لا تكون تكلفة الحرية باهظة».

ومن جهته، كشف التونسي، فتحي بلحاج، عضو لجنة المراقبين العرب في سوريا، عن وجود مجموعة متطرفة روجت صورته مصحوبة بتهديدات ومطالبة برأسه «حيا أو ميتا»، وذلك على أثر ندوة صحافية عقدها منذ أيام بالعاصمة التونسية، إثر عودته من سوريا. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة تسمي نفسها «فضائح العلمانية» هددته بالقتل، ولا تزال مجهولة الهوية، وقد رفع شكوى لدى السلطات التونسية للتتبع القضائي لمن يقف وراء ذاك التهديد، الذي تضمنته مجموعة من وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال إن الوضع في حمص، التي تشهد عمليات عسكرية منذ أيام، قد قسم السكان إلى سنة وعلويين، وهو ما يعتبر على حد رأيه خطرا على الثورة السلمية في سوريا. وقال إن الجانبين تبادلوا في فترات سابقة «الجثث والرهائن»، وهو ما يؤشر على تضاؤل دور الدولة السورية ورجوع القبيلة والطائفة لحماية الناس العاديين. واعتبر أن هذا الأمر قد يؤدي لاحقا إلى تفتيت سوريا إلى طوائف ومجموعات متناحرة. وقال بلحاج إن له علاقات جيدة مع هيثم مناع، من خلال اللجنة العربية لحقوق الإنسان، وهو الناطق الرسمي باسم هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي، وهي تضم مجموعة من الأطراف اليسارية، وينتظر حسب بلحاج أن يتم تنظيم المؤتمر السوري لتوحيد المعارضة من أجل انتقال المجلس السوري المعارض.

واعتبر بلحاج أن التقرير الذي قدمه كان موضوعيا، وهو ليس في صف المعارضة أو الحكومة السورية، وقد نقل بأمانة ما شاهده في «ساحة معقدة وفي ظل نظام قمعي تسلطي»، وكان شاهدا على ما يحدث هناك، وانتقد بالمناسبة نية تهويل الأوضاع التي تعتمدها بعض وسائل الإعلام التي أصبحت «جنديا في ساحة الميدان» على حد قوله.

وقال فتحي بلحاج إن قرار طرد السفير السوري من تونس كان مرتجلا وغير عقلاني، يدفع نحو التدويل ونهاية الحلول العربية، على حد قوله، وقال إن هذا القرار لا يمكن أن يغير من واقع المعادلة السورية، وكان الأجدى التوجه إلى التهدئة وتقريب وجهات النظر حتى لا يبقى السوريون بين مطرقة الاستبداد من ناحية وسندان الجماعات المسلحة من ناحية أخرى. ونصح الحكومة التونسية بتقديم تسهيلات لإنقاذ جرحى الثورة السورية، وإلغاء التأشيرة على دخول السوريين، «وكان الأجدى تشاور المرزوقي رئيس الجمهورية مع بقية الأحزاب السياسية قبل اتخاذ قرار ستعاني منه الأجيال المقبلة»، على حد تعبيره.

وكان التونسي فتحي بلحاج قد قضى شهرا ضمن لجنة المراقبين العرب في سوريا، وهو يمثل المجتمع المدني العربي من خلال اللجنة العربية لحقوق الإنسان.