حمص تتحول إلى معركة حياة أو موت بين الثوار والأسد

المعارضة تؤكد عدة زيارات لقائد قوة القدس الإيراني لدعم الأسد

TT

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية في تقرير ميداني لها من حمص أمس، إن «الثورة السورية تتحول إلى معركة حياة أو موت ضد الرئيس السوري بشار الأسد». وكان الجيش السوري الحر يسيطر على هذه المنطقة من البساتين والأراضي الزراعية منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وخلال تلك الفترة لم تكن القوات الموالية للأسد تجرؤ على الاقتراب من المنطقة أو تهديدها. وبينما كانت الصواريخ تدوي بانتظام يوم الخميس الماضي في البلدات التي لا يمكن لسكانها الدفاع عنها أو مغادرتها، بدا وكأن الأشهر الثلاثة التي استمتعوا خلالها بالحرية قد باتت الآن مجرد وهم كبير.

وحسب التقرير، لم ينج من تلك الهجمات سوى جزء صغير من البلدة التي كانت صحيفة «الغارديان» موجودة بها يوم الخميس الماضي، ونفس الأمر ينطبق على القرى المحرومة والمهجورة في المناطق النائية بالقرب من حمص. وقد تم انقطاع الكهرباء هنا منذ شهرين، كما انقطعت خطوط الهاتف منذ الأسبوع الماضي. ويوم الأربعاء الماضي تم قطع الاتصال البري عن حمص لتكون بذلك ثالث مدينة سورية محاصرة ويكون مصيرها بمثابة تحذير لما ينتظر بقية المنطقة في المستقبل.

ويوم الخميس، كان من الصعب للغاية الفرار من حمص، حيث لم ينجح سوى ثلاثة من سكان المدينة المصابين بجروح خطيرة في الهروب من قطاعات المدينة المدمرة إلى مناطق تتمتع بالأمان النسبي في لبنان. ومن المحتمل ألا يبقى اثنان من المصابين على قيد الحياة بسبب الإصابات البالغة التي يعانيان منها.

ويواجه البقية مأساة كبيرة، حيث يتحصنون في المنازل الخرسانية التي تنهار في مواجهة الهجمات الشرسة التي وصلت الآن إلى الأراضي الزراعية والقرى القريبة. ويقول بعض سكان هذه البلدة، إن عددا قليلا من العائلات في المناطق الأكثر تضررا في حمص وبابا عمرو والخالدية تمكنوا من الهرب إلى مناطق أخرى من المدينة أكثر أمنا. ومع ذلك، لم يعد بإمكانهم التواصل مع ذويهم الذين تركوهم في المناطق الأكثر تضررا، والذين أصبحوا الآن يواجهون مصيرا مخيفا.

وقال أحد الأطباء في مركز طبي مؤقت في قلب المدينة: «سوف نكون نحن الهدف التالي». وكان الأطباء والممرضات الموجودون هنا قد فروا من المستشفى الحكومي الموجود على بعد كيلومتر واحد وأقاموا مركزا وقسما للجراحة في أحد المنازل المهجورة، ويستقبلون بشكل يومي عددا كبيرا من القتلى والجرحى من جانب الجيش السوري الحر الذي يفتقر إلى التسليح بشكل جيد».

وكانت الأغطية البلاستيكية التي وضعها الأطباء على الأرض ملطخة بدماء الجرحى الذين يأتي بهم زملاؤهم لتلقي العلاج اللازم. وكان هناك رجل ضخم الجثة يرتدي الملابس العسكرية محمولا على نقالة ويعاني من جرح غائر. وقال عبد الكريم، وهو أحد المعاونين للأطباء هنا والذي يتبع اسمه بكلمة الثائر، مثله مثل غيره من الموجودين هنا والمنهكين من تواصل العمل: «إنه ملازم أول». وتم نقل الملازم المصاب إلى غرفة العمليات، واستعدت الممرضات للعملية الجراحية عن طريق غسل أيديهن بالكيروسين والماء.

ومن بين الأطباء الذين تقدموا لإجراء العملية الجراحية كان هناك جراح فرنسي لديه خبرة كبيرة في العمل في مناطق النزاع منذ حرب فيتنام، وكان قد وصل إلى سوريا يوم الخميس الماضي ومعه حقيبة من المستلزمات الطبية وهو مستعد للبقاء في سوريا ما دام وجوده سيساعد المصابين.

وعلاوة على ذلك، قالت «الغارديان»: «يعيث قناصة النظام فسادا في نقطة تقاطع قريبة على الطريق المؤدي إلى حمص. وعلى الجانب الآخر، تختبئ قوات المعارضة في بساتين المشمش والخوخ والمزارع وتنتشر على طول الطرق الموحلة».

من جانبها، قالت صحيفة الـ«ديلي تلغراف» البريطانية، إن «قائد قوة القدس الإيرانية قاسم سليماني قام بعدة زيارات إلى دمشق لدعم نظام الأسد وفقا للمعارضة السورية التي أشارت إلى أن قوة منخرطة في حملة القمع عن طريق التدريب ومساعدة القناصة».