اليونان تعود للإضرابات والشغب.. احتجاجا على شروط الدائنين الدوليين

استقالة وزراء حزب اليمين المتطرف غداة التصويت على خطة جديدة للتقشف

قنبلة حارقة تنفجر أمام عناصر من قوات مكافحة الشغب خلال تصديها للمتظاهرين في أثينا أمس (رويترز)
TT

شهدت العاصمة اليونانية مواجهات جديدة بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين محتجين، تزامنا مع إضراب عام دعت إليه منظمات نقابية في البلاد احتجاجا على إجراءات تقشف جديدة فرضتها الأطراف الدائنة للبلاد. وتحدثت تقارير عن إصابة شخص واحد على الأقل بعد أن انشق مئات المتظاهرين الغاضبين عن مظاهرة سلمية شارك فيها أكثر من 11 ألف شخص في اليوم الأول من إضراب لمدة يومين دعت إليه أكبر نقابتين في البلاد. وقام مئات المتظاهرين الذين يرتدون أقنعة سوداء برشق قوات الشرطة بالقنابل الحارقة وقطع كبيرة من الرخام مما دفع الأخيرة للرد بإطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع على حشد المتظاهرين.

وقالت أكبر نقابة للشرطة إنها ستصدر مذكرات اعتقال بحق المانحين الدوليين لليونان لانقلابهم على الديمقراطية وإنها ترفض «الصراع مع أشقائنا». ونشرت صحيفة يومية رسما للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في زي النازي. ومع تصاعد الغضب الشعبي، قدم وزراء اليمين المتطرف الأربعة في الحكومة استقالتهم أمس إلى رئيس الوزراء لوكاس باباديموس بسبب اعتراضهم على إجراءات التقشف الجديدة التي تفرضها الأطراف الدائنة على البلاد. والمستقيلون هم وزير النقل ماكيس فوريديس ومساعد وزير الدفاع يورغوس غريغوريو والوزيران المنتدبان للزراعة والبحرية التجارية استيريوس روديليس وادونيس يورغياديس. وجاءت الاستقالات بعد ساعتين من إعلان زعيم حزب التجمع الأرثوذكسي الشعبي «لاوس» (اليمين المتطرف)، يورغوس كراتزافيريس، أنه لن يصوت على خطة التقشف الجديدة التي تفرضها الجهتان الدائنتان، أي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، مقابل قرض دولي قيمته 130 مليار يورو. وأعلن كراتزافيريس في مؤتمر صحافي «لا استطيع المصادقة» على هذه الخطة التقشفية التي «تهين البلاد، هذا ليس الحل الأفضل»، وذلك غداة إعلان الحكومة عن اتفاق بين الأحزاب اليونانية التي تشكل الائتلاف الحكومي (الاشتراكيين واليمين وأقصى اليمين) على تلك الخطة.

وقبل ذلك بقليل أعلن مصدر حكومي أن كل وزير يعارض تلك الإجراءات «سيتم استبداله» لكن دون إعطاء موعد لتعديل حكومي محدود. وتتكون حكومة باباديموس التي تشكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من حزبين آخرين هما الاشتراكي باسوك الذي يتمتع بالأغلبية وحزب الديمقراطية الجديدة اليميني. ورغم استقالة حزب اليمين الأقصى يمكن للبرلمان المصادقة على الخطة التي لم تنشر بعد تفاصيلها، ليل الأحد الاثنين. ويملك الائتلاف الحكومي 252 مقعدا، منها 16 فقط لحزب اليمين الأقصى، من أصل مقاعد البرلمان الـ300.

وجاء الإضراب الجديد بعد يوم من رفض الدائنين الدوليين الموافقة على حزمة إنقاذ ثانية لليونان قائلين إن البلاد لم تلب بعد كل المطالب بشأن إجراءات التقشف. كما أمهلوا اليونان حتى الأسبوع القادم لتقديم ضمانات بشأن إجراءات التقشف وبشأن الإصلاحات الاقتصادية التي تتعهد بها في مقابل الحصول على التمويل.

وفي ألمانيا، دافعت المستشارة أنجيلا ميركل عن خطط الإنقاذ المكلفة لليونان في اجتماع مع قادة برلمانيين، قائلة إنه «الطريق الأقل ضررا» إذ إن سيناريوهات العجز تحمل في طياتها مخاطر «لا يمكن السيطرة عليها». ودافع وزير المالية فولفغانغ شويبله عن الامتناع عن إصدار قرار بشأن مساعدة اليونان لمدة أسبوع آخر، قائلا إنه «لا يتعلق بتعذيب اليونانيين»، بل إن الهدف هو عودة أثينا إلى مسار يقدم لشركاء اليورو «حياة مناسبة».

وأظهر استطلاع للرأي عرضت نتائجه على قناة «زد دي إف» التلفزيونية الحكومية في ألمانيا أمس أن ثلثي الألمان لديهم شكوك بشأن جدية اليونان في خفض الموازنة. ويرى 27 في المائة فقط ممن شملهم الاستطلاع أن اليونان تحاول جديا تنفيذ إجراءات التقشف التي تعهدت بها، بينما أعرب 66 في المائة عن شكوكهم.

وتسبب إضراب أمس من جانب العاملين بالقطاعين العام والخاص في اليونان في إحداث حالة من الشلل بوسائل النقل وأجبر العبارات على أن تظل راسية في الموانئ بجميع أنحاء البلاد. وظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس والمحاكم والمتاحف والمواقع الأثرية مغلقة، بينما جرى تشغيل المستشفيات بأطقم الطوارئ فقط.

وانصب غضب النقابات على خفض الحد الأدنى للأجور بنسبة 22 في المائة وتجميد أجور القطاع العام وتسريح عاملين به فضلا عن التعديلات في الضرائب وسوق العمل والخصخصة. ومن المتوقع أن تستمر المظاهرات حتى يوم غد الأحد عندما يصوت البرلمان على شروط اتفاق القروض.

وكانت إجراءات التقشف التي تم فرضها قسرا على اليونان من جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي قد أثارت حالة من الحنق الكبير في جميع أنحاء البلاد حيث تواجه حاليا عاما خامسا على التوالي من الركود وبلوغ معدل بطالة فاق العشرين في المائة.