مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط»: ابن صهر القذافي يسعى لمقاضاة الناتو على «أخطائه»

أكدوا تعرضه لضغوط كبيرة لإجباره على التوقف عن مواصلة إجراءات التقاضي

TT

قالت مصادر ليبية إن خالد نجل الفريق الخويلدي الحميدي صهر العقيد الليبي الراحل معمر القذافي يسعى لتأسيس جمعيه دولية تعنى بكل الضحايا والمتضررين الليبيين ممن عانوا من جراء أخطاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحملته العسكرية في ليبيا قبل سقوط نظام القذافي ومقتله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى جانب ضحايا من باكستان ويوغسلافيا والعراق، وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الخويلدي الذي يقيم حاليا في المغرب يتعرض لضغوط كبيرة لإجباره على التوقف عن مواصلة إجراءات التقاضي ضد الحلف وتحركه الهادف لتجريم كل تجاوزات الناتو وأخطائه العسكرية وقتله للمدنيين».

وفيما ينغمس الليبيون في حراك سياسي لإعادة بناء الدولة الليبية في مرحلة ما بعد سقوط نظام القذافي، نجح الخويلدي في إعادة الجدل حول طبيعة العمليات العسكرية التي شنها حلف الناتو في ليبيا.

ويرفض المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى السلطة حاليا في ليبيا الكشف عن حقيقة الدور الذي قام به حلف الناتو للمساهمة في إسقاط نظام القذافي، كما يرفض الإدلاء بأي معلومات حول عدد القتلى والجرحى الذين قضوا نحبهم جراء القصف الخاطئ لطائرات الحلف ضد مساكن مدنيين عزل.

وطبقا لما قاله عضو في المجلس لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس يعتقد أن الجدل حول أخطاء الناتو في ليبيا من شأنه أن يمثل إحراجا كبيرا لقادة وحكام ليبيا الجدد»، مشيرا إلى أن نسبة الذين تعرضوا لأضرار جراء عمليات الناتو العسكرية فوق الأراضي الليبية «تعتبر في حدود المعقول».

وقالت منظمة ليبية غير حكومية يترأسها خالد نجل الخويلدي إن «القضاء البلجيكي قرر مؤخرا الموافقة على الدعوى المقدمة من الخويلدي ومواطن مغربي يدعى عبد اللطيف الشليح ضد حلف الناتو، والتي طالبا خلالها الاستعجال بإصدار الحكم وذلك بتقريب موعد البت في الدعوى الأصلية والتي سبق أن رفعاها ضد حلف الناتو أمام قاضي الدائرة رقم (11) من المحاكم البلجيكية والتي كان قد قرر النظر فيها في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

ولم يتقلد الخويلدي الأب أي منصب رسمي في نظام القذافي؛ لكن كان ينظر إليه على اعتبار أنه من أبرز المقربين من القذافي، علما بأنه عضو مجلس القيادة التاريخية للانقلاب العسكري الذي قاده القذافي عام 1969 للإطاحة بالعاهل الراحل إدريس السنوسي.

وتتعلق هذه القضية بالضحايا المدنيين الذين قضوا نحبهم نتيجة استهداف الناتو للأحياء المدنية أثناء حملته العسكرية الجوية ضد نظام القذافي اعتبارا من مارس (آذار) الماضي.

وقال محامون شاركوا في الجلسة الأخيرة التي عقدتها المحكمة البلجيكية التي تنظر في هذه الدعوى لـ«الشرق الأوسط» إن قاضي المحكمة أعلن اختصاصه وقبل أن ينظر في القضية المرفوعة ضد حلف الناتو.

ورفضت المحكمة الشق الأول والخاص باستعجال إصدار الحكم بالدعوى وتقريب موعد البت فيها؛ لكنها قبلت بالشق الثاني وأصدرت حكمها بإسقاط الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها حلف الناتو بمقره القانوني بالعاصمة البلجيكية بروكسل. وطبقا لنفس المصادر فقد رفض قاضي المحكمة أي حجة تقدمت بها الدولة البلجيكية عند تدخلها الطوعي في القضية لمنع محاكمة الناتو.

واعتبرت المصادر أن هذا الرفض يدمر دفاعات محامي الحكومة البلجيكية باسم حلف الناتو الذي تغيب عن الحضور في جميع جلسات المحاكمة، ونقلت عن القاضي قوله: «إنه لا ينبغي النظر في الحجج المقدمة من طرف الدولة البلجيكية التي تدخلت في الدعوى».

ولفتت إلى أن هذا الحكم يمثل سابقة قضائية ويضع حلف الناتو أمام مأزق قانوني وأخلاقي غير مسبوق دوليا.

ويتهم الخويلدي، مقيم الدعوى، الناتو بقتل زوجته الحامل صفاء أحمد محمود وطفليه خالدة والخويلدي وابنة أخته سلام محمد نوري وخالته وعدد من أقاربه وجيرانه، فيما يتهم المغربي الشليح حلف الناتو بقتل ابنته بشكل متعمد يتعارض مع التفويض الصادر من مجلس الأمن بالقرار 1973 المنصوص فيه على حماية المدنيين وليس قتلهم.

وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتعرض فيها حلف الناتو للملاحقة القضائية الدولية بسبب الحصانة الدبلوماسية التي كان يتمتع بها.

وبينما ينظر البعض بقلق إلى نشاط خالد الخويلدي الذي ترتبط إحدى شقيقاته بالساعدي النجل الهارب للقذافي في النيجر حاليا، ويتهمه بالمشاركة في نشاط سياسي وعسكري مشبوه مضاد للثورة الشعبية في ليبيا، يقول آخرون إن الخويلدي عزف عن مساعدة النظام السابق مكتفيا برئاسته لمنظمة غير حكومية تعنى بشؤون اللاجئين والنازحين وتقدم المساعدات للمتضررين من مختلف المناطق الليبية بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.

وقبل سقوط نظام القذافي قال خالد الحميدي الذي يترأس المنظمة العالمية للسلم والرعاية لـ«الشرق الأوسط»، في حوار هاتفي نادر من مدينة صرمان الليبية إنه لا يدافع عن أشخاص أو أنظمة، وإنما ينحاز لمستقبل بلده، مضيفا: «ليبيا باقية ونحن مع الوطن، ولسنا مع النظام أو أشخاص معينين، وأنا لا أدافع عن أشخاص بل أدافع عن وطني».