ابن كيران: سأحارب وسائل الإعلام إذا تحولت إلى عدو مغرض

مهنيون ينتقدون تغير خطاب «العدالة والتنمية» بعد وصوله إلى الحكم

TT

انتقد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، صحفا ومواقع إلكترونية محلية بسبب ما سماه «تحوير تصريحاته»، ودعا الصحافيين المغاربة إلى تحمل مسؤوليتهم عند تغطيتهم لبعض الأحداث، مشيرا إلى أن هناك من يعتقد أن «من يكتب هو فوق المساءلة».

وأوضح ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في ندوة نظمها حزب العدالة والتنمية حول «قراءة في راهن ومستقبل التواصل السياسي للحزب» دعا إليها مهنيون في مجال الإعلام والتواصل، لتقييم أدائه في مجال التواصل السياسي قبل المشاركة في الحكومة وبعدها، أنه إذا كانت بعض وسائل الإعلام قد أصبحت خصما له فهو يقبل بذلك، لكن إذا تحولت إلى «عدو مغرض» فسيحاربها بشتى الوسائل، وأضاف أن هناك من يعمد إلى «تسميم» الأجواء بعد وصول حزبه إلى الحكم، مستشهدا بما نشرته صحيفة محلية قبل أسبوعين بأن ابن كيران تحدث لإذاعة «صوت إسرائيل»، أثناء وجوده في مؤتمر دافوس، الأمر الذي نفاه ابن كيران، وقال إنه لم يكن يعرف هوية الصحافي الذي طرح عليه السؤال بشأن موقف حزبه من إسرائيل؛ حيث رد ابن كيران آنذاك بأنه الموقف ذاته الذي يعبر عنه الفلسطينيون. كما انتقد ابن كيران الصحف والمواقع الإلكترونية التي فسرت موقف رئاسة الحكومة من الاحتجاجات التي عرفتها مدينة تازة بأنه موقف ضد الشباب المحتجين.

وردا على الانتقادات التي وجهت إلى وزراء العدالة والتنمية بشأن تغير خطابهم بعد وصولهم إلى الحكم، قال ابن كيران إنه عندما كان الحزب في المعارضة «كنا أحرارا في تصريحاتنا، لكن الآن لا بد من أخذ بعض الاحتياطات»، مقرا بوجود صعوبات في التواصل، مشيرا إلى أنه يؤيد الحرية المقرونة بالمسؤولية؛ بحيث «لن نسمح بتخريب الأساسيات التي يجتمع حولها الشعب المغربي». وقال ابن كيران موجها خطابه للإعلاميين: «لا نريد منكم أن تساندونا إذا كنا مخطئين».

بدوره، برر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، تغير خطاب الحزب بعد توليه الشأن الحكومي بأن المسؤولية الحكومية تسمح بالاطلاع على معطيات لم تكن متاحة من قبل للحزب، وأضاف أن الوضع الجديد يفرض التكيف للمحافظة على المكتسبات القديمة وعناصر القوة التي كان يملكها الحزب، المتمثلة في قدرته العالية على التواصل مع المواطنين، والتي اعتبرت أحد أهم الأسباب التي ساعدته في تصدر نتائج الانتخابات التشريعية، إضافة إلى الربيع العربي.

وأوضح الخلفي أن الخطاب العام للحزب يبقى ثابتا، إلا أن التحدي المطروح أمامه هو أن يحافظ على الخيط الرفيع بين وظيفتين مختلفتين، هما: وظيفة الحزب ووظيفة الحكومة.

وأكد الخلفي أهمية التواصل السياسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، التي أضحت تحتل المرتبة الأولى في المغرب؛ حيث توجد 4 ملايين صفحة على «فيس بوك»، وأن التفاعل مع مختلف القضايا المحلية يتم أولا عبر هذه الشبكات. وأضاف أن الحزب الذي لا يوجد على الشبكات الاجتماعية يكون في وضعية صعبة.

من جانبه، قدم نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، قراءة للخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية قبل المشاركة في الحكومة وبعدها، مشيدا برغبة الحزب في تقييم أدائه في هذا المجال من قبل مهنيين على الرغم من أنه حزب منتصر.

وعرض مفتاح ما وصفها بنقاط القوة التي يمتلكها الحزب على الرغم من أنه لا يتوافر على صحافة قوية ناطقة باسمه، وهي أن قيادات الحزب لديهم «جاهزية للتواصل» مع مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية، سواء عندما كان الحزب في المعارضة أو عند مشاركته في الحكومة، كما أنهم يمتلكون قوة الخطاب المتميز بالبعد عن لغة الخشب.

وأوضح مفتاح أن شخصية ابن كيران المثيرة وقدرته الكبيرة على التواصل، ولغته الحادة مع خصومه السياسيين، أسهمت، بشكل واضح، في تصدر الحزب الانتخابات؛ حيث استطاع أن يحول المشهد السياسي المغربي إلى فرجة بمعناها الإيجابي ومسلسل مشوق شد انتباه المغاربة، حتى إن مبيعات الصحف ارتفعت إبان تلك الفترة، حسبما قال.

من جهته، دعا حميد فريدي، خبير في التواصل، حزب العدالة والتنمية إلى الاستمرار في إنتاج الخطاب الشعبي القوي الذي ميز الحزب؛ حيث لاحظ أن كلمة التغيير لم تعد تذكر بالقوة نفسها على لسان وزراء الحزب في الحكومة، بيد أنه انتقد كذلك المحيط الإعلامي الذي يتواصل فيه الحزب ووصفه بـ«الرديء»، خاصة الإعلام الحكومي، الذي لا يواكب، من وجهة نظره، التغيرات السياسية التي تعرفها البلاد، ناهيك عن تدني مستوى مشاهدة القنوات الحكومية. وأشاد فريدي، بدوره، بشخصية ابن كيران وقال إنه «أضفى الدعابة على أكبر منصب سياسي في البلاد، الذي كان يتميز بالكآبة طوال تاريخ المغرب»، على حد تعبيره.