في وقت تشهد فيه العلاقة بين البلدين توترا، على خلفية منع القاهرة سفر نشطاء أميركيين لاتهامهم بالعمل وتلقي تمويل من دون ترخيص في البلاد، التقى كل من المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمصر، والفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس، أمس، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية مارتن ديمبسي والوفد المرافق له، والذي يزور مصر حاليا.
وقالت مصادر مصرية مطلعة إن اللقاء تناول تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية خلال المرحلة الراهنة، كما تمت مناقشة عدد من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك في ضوء العلاقات الاستراتيجية التي تربط الدولتين، والالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، والتأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والقاهرة. وأضافت المصادر أن ديمبسي أكد حرص بلاده على متابعة عملية التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر، وتقديرها لجهود القوات المسلحة في بناء مؤسسات الدولة ونقل المسؤولية إلى سلطة مدنية منتخبة.
وحضر اللقاء الذي جاء في وقت تشهد فيه العلاقة بين البلدين توترا، عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وآن باترسون السفيرة الأميركية في القاهرة. وتفجرت الخلافات بين البلدين اللذين تربطهما علاقات استراتيجية منذ توقيع مصر على اتفاقية سلام مع إسرائيل أواخر سبعينات القرن الماضي، بعد أن قررت السلطات القضائية المصرية منع أجانب ومصريين، بينهم أميركيون، من السفر على ذمة التحقيق مع منظمات غير حكومية تتلقى تمويلا خارجيا. وترتب على هذه القضية تعريض المساعدات العسكرية لمصر التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار للخطر.
وبالأمس، قام المستشاران سامح أبو زيد وأشرف العشماوي، قاضيا التحقيق المنتدبان من وزير العدل لتولي أعمال التحقيق في شأن «قضية التمويل الأجنبي غير المشروع» لمنظمات المجتمع المدني، بتسليم المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة أوراق وملف القضية المتهم فيها 43 متهما من جنسيات مختلفة، من بينهم 19 أميركيا يتقدمهم سام لحود نجل وزير النقل الأميركي، حيث طالب مستشارا التحقيق بتحديد جلسة عاجلة لمحاكمتهم أمام محكمة جنايات القاهرة.
وشملت أوراق القضية قرار الاتهام وأسماء المتهمين وقائمة بأدلة الثبوت ومؤدى أقوال الشهود، وعلى رأسهم الوزيرة فايزة أبو النجا التي جرى سؤالها يومي 16 و25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وضمنت في أقوالها مفاجأة كبيرة بأنها كانت قد طلبت من الحكومة المصرية عام 2008 التوقف عن قبول المعونة الأميركية السنوية، نظرا لتخصيص مبالغ طائلة للمنظمات الأهلية من دون ضوابط.
ويواجه المتهمون عدة اتهامات تتضمن ارتكابهم لجرائم تلقي تمويل من الخارج وإدارة نشاط غير مشروع. وبدأ قاضيا التحقيق إجراءات الجزء الثاني من القضية والمتعلق بالتمويل الأجنبي غير المشروع لعدد آخر من المنظمات الأجنبية والكيانات المصرية وعدد من الأشخاص. وكشفت التحقيقات وسماع أقوال المسؤولين في وزارة الخارجية وإفادات جهات الرقابة والأمن القومي، النقاب عن أن النظام السابق هو المسؤول عن عدم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال فروع المنظمات الدولية والأميركية التي كانت «تمارس نشاطها غير المشروع» في مصر، خلال السنوات الماضية.