محمد أبو حامد لـ «الشرق الأوسط»: المجلس العسكري والإخوان اتفقا على اقتسام السلطة

نائب رئيس حزب المصريين الأحرار قال إن التيارات الإسلامية تخلت عن مطالب الثوار

محمد أبو حامد
TT

قال محمد أبو حامد، النائب في البرلمان المصري، إن الدين في الهوية المصرية مكون أساسي ولا يمكن فصله عن حياة الناس، لكن أبو حامد وهو نائب رئيس حزب المصريين الأحرار الليبرالي، شدد على أن الدين لا يقبل أن يُستغل لتحقيق مكاسب سياسية أو أن يفرض على الناس.

ويعتقد أبو حامد الحاصل على إجازة في القراءات وعلوم القرآن، والذي استهل أولى مشاركاته البرلمانية بالمطالبة برحيل المجلس العسكري، أن المجلس العسكري دفع الإخوان للبرلمان ظنا منه أن الإخوان يمثلون الشارع، ويمكنهم تحييده وأن المطالب التي يريد المجلس العسكري الوصول إليها ستتحقق عبر الإخوان، لكنه استدرك في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» بمقر شركته الخاصة بالقاهرة، قائلا إن الذكرى الأولى لـ25 يناير أثبتت عكس ذلك، حيث شارك مئات الآلاف في مسيرات جابت شوارع العاصمة المصرية والمحافظات.

وبعد فوز الإخوان بأكثرية مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) واتجاهها لتحقيق أغلبية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان)، بالإضافة لهيمنتها على عدد كبير من النقابات المهنية، قال أبو حامد إن هناك اتفاقا تم بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين يقضي باقتسام السلطة، وتابع: «المجلس العسكري سيعطي الإخوان المجالس النيابية، والمحليات، والنقابات، والوزارات الخدمية، في مقابل أن يأتي الرئيس له علاقة بالمجلس العسكري بشكل أو بآخر، وأن تترك الوزارات السيادية للرئيس أو للجيش».

وأوضح أبو حامد، الذي يمثل دائرة برلمانية يعد أبرز معالمها «ميدان التحرير» أن الإخوان استفادوا من الثورة، وأصبحوا الآن بغير حاجة لها، وبالتالي استغنوا عنها، مؤكدا – بأسف - أن «برلمان الثورة لم يعد برلمانا للثورة».. وفيما يلي نص الحوار:

* بعد أسبوعين من العمل البرلماني، كيف تقيم أداء نواب الأغلبية تحت قبة البرلمان؟

- يمكن أن نقول إن الأقلية البرلمانية معارضة، لكن الأحزاب التي تشكل الأغلبية تعتبر نفسها جزءا من الحكومة، وتلك الأحزاب لم تكن لتصل لمجلس الشعب لولا مساعدة المجلس العسكري الذي تغاضى عن تأسيس أحزاب دينية رغم أن القانون يمنع ذلك، وتغاضى عن استخدام شعارات إسلامية رغم أن القانون يمنع ذلك.. المجلس العسكري تغاضى عن البطاقة الدوارة. وأرى أنه كان يجب على البرلمان أن يعلن بشكل واضح منذ اللحظة الأولى أنه برلمان الثورة وأن يقوم بتبني مطالب الثورة لا مجرد شعارات، كان عليه أن يعلن أن شرعيته كبرلمان أو كسلطة تشريعية ليست بديلا عن سلطة الشارع أو سلطة الميدان، كان لا بد أن ينحاز البرلمان للشعب.. ولكن هذا لم يحدث على الإطلاق. ولحظة الحقيقة في انتهاء مقولة برلمان الثورة كانت في الجلسة التي تم فيها الإعلان عن نوايا الأغلبية، وهي الجلسة التي شهدت وصف أعضاء الحرية والعدالة الثوار بـ«البلطجية» على التعميم، ثم اعتبارهم وزارة الداخلية مظلومة ولا بد من الدفاع عنها، والإعلام سبب كل الاحتقان والتحريض ولا بد من وضع قيود عليه، ووضع قيود على التظاهر السلمي.. وهي حزمة من القيود على الثورة.

* حديثك يعني أن المجلس العسكري دفع التيارات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان للبرلمان؟

- نعم، المجلس العسكري دفعهم للبرلمان، ظنا منه أن الإخوان يمثلون الشارع وأعتقد أن بإمكانهم تحييد الشارع، وأن المطالب التي يريد المجلس العسكري تمريرها ستتحقق من خلال وجود الإخوان لكنني أعتقد أن الذكرى الأولى لـ25 يناير أثبتت عكس ذلك، لأن الإخوان نزلوا للاحتفال في الميدان، والقوى الثورية حشدت مئات الآلاف عبر المسيرات وهو ما نجحوا فيه تماما باعتقادي، وأعتقد أن ذلك سيتكرر مجددا.

* البعض يقول إن الإخوان ارتضوا بمقاعد المجلس ويرفضون المخاطرة بها.. هل تشتم رائحة صفقة ما في الأمر؟

- يبدو لي أن هناك اتفاقا تم بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين يقضي باقتسام السلطة، سيعطون الإخوان المجالس النيابية، والمحليات، والنقابات، والوزارات الخدمية، وكوتة ثابتة في معظم الكيانات الحكومية، وما شابه، في مقابل أن يأتي الرئيس له علاقة بالمجلس العسكري بشكل أو بآخر، وأن تترك الوزارات السيادية للرئيس أو للجيش، وأن يتم تخصيص وضع متميز للجيش في الدستور. والجزء الأول من الصفقة تم بنجاح بعد أن سيطر الإخوان على المجالس النيابية، وننتظر أن يرد الإخوان بدورهم في الجزء الثاني.

* هل تؤمن أن مجلس الشعب قادر على إدانة الحكومة في حادث استاد بورسعيد الذي سقط فيه 74 قتيلا بالإضافة لحقيقة اشتباكات المتظاهرين مع عناصر الشرطة أمام وزارة الداخلية؟

- أنا عضو في لجنة تقصي الحقائق ولا بد أن أوقع على تقريرها، ولو وجدت أنه يخفي أي حقيقة فلن أوقع عليه، وسأكشف عن ذلك في البرلمان، لكنني لا أعتقد أنه يمكن لأحد أن يخاطر أمام الشعب بعدم محاسبة المسؤول عن دماء شهداء بورسعيد.

* بوصفك عضوا في لجنة تقصي الحقائق في أحداث بورسعيد.. إلى أي مدى تورطت الداخلية؟

- الداخلية متورطة بنسبة 100 في المائة، وذلك واضح من خلال التحقيقات التي أجريناها، وكان واضحا من خلال التلفزيون أساسا، وتفسيري لذلك أنه لم يكتمل تطهير الداخلية بعد، الأطراف التي تضررت من الثورة تعمل ليلا ونهارا حتى تضمن أن مصالحها لن تتوقف، وهناك تراخ من المجلس العسكري في تطهير مؤسسات الدولة.

* البعض يقول إن حزب الحرية والعدالة يعيد تجربة الحزب الوطني من جديد في البرلمان.. إلى أي مدى توافق على هذا الطرح؟

- الجلسات الماضية تؤكد ذلك، وهو واضح من خلال التعامل مع المخالفين في الرأي، ومن خلال التصويت الميكانيكي بعضهم يرفعون أيديهم دون أن يقول دكتور الكتاتني على ماذا سيتم التصويت. ودون ذكر أسماء، هناك من يقوم بدور كمال الشاذلي، وهناك من يقوم بدور المدافع عن الحكومة مثل زكريا عزمي، نفس الأدوار التي قام بها قيادات الوطني ولكن بأسماء مختلفة.. كما أن التصفيق يذكرني كثيرا بالحزب الوطني.

* هل يعوق وجود قيادي إخواني على منصة مجلس الشعب عمل التيار الليبرالي؟

- كنت أرى أن يكون رئيس البرلمان شخصية مستقلة محايدة وذا خبرة قانونية إدارية لإدارة خلاف قوي مثل هذا، أنا أحترم الدكتور الكتاتني، لكن تحيزه الوجداني للإخوان المسلمين مستحيل ألا يكون موجودا، لأنه ابن الإخوان المسلمين وانحيازه للإخوان المسلمين تديّن أكثر منه سياسة. لا ألومه ولكن أتمنى منه أن يطرح أي بيان عاجل يوجه له على المجلس للتصويت، حتى يكون الشعب المصري مدركا من يتبنى أي نوع من القضايا.

* لديك خلفية دينية إسلامية قوية ورغم ذلك فضلت أن تكون ضمن حزب لا يعتمد على أي مرجعية دينية.. لماذا؟

- عندي خلفية دينية أتشرف بها، وأرى أن كل أفكار حزب المصريين الأحرار الليبرالي الذي أنتمى إليه لا يوجد بها ما يتعارض مع الدين من قريب أو بعيد، وكل ما في حزب المصريين الأحرار يتفق مع ثوابت الشريعة الإسلامية، ثانيا المدرسة الدينية التي أنتمي إليها ترى أن المقدسات الدينية شيء، وممارسة السياسة شيء آخر، فأنا أمارس سياسة ليس لها علاقة بمقدسات الدين لكن لها علاقة بالمواطنة، مصالح الوطن والتعايش.

* هناك اتهامات وجهت للكتلة المصرية (تحالف سياسي يضم المصريين الأحرار خاض الحزب عبره الانتخابات) بشأن دعم الكنيسة لمرشحيه.. ما حقيقة هذا الأمر؟

- مجرد إشاعات والتجربة أثبتت عدم صحتها.. التيار الديني طوال عمره غير قادر على المنافسة سياسيا إلا باستخدام الدين، غير قادر على مواجهة كادر بكادر أو برنامج ببرنامج.. الدين في الهوية المصرية مكون أساسي ولا يمكن فصله عن حياة الناس، لكن الدين الذي نتكلم عنه لا يقبل أن يُستغل لتحقيق مكاسب سياسية أو أن يُفرض على الناس.

* البعض يردد أنك كنت عضوا بجماعة الإخوان المسلمين في مقتبل عمرك.. هل هذا صحيح؟

- غير صحيح بالمرة.. أنا أدرس الأديان منذ كنت في الثانية عشرة من عمري وحتى الآن. وخلال هذه الفترة الطويلة تعرضت لدراسة وفهم كل المدارس الدينية الإسلامية بالنقد والتحليل، وحصلت علي إجازات متنوعة في فنون الشريعة الإسلامية المختلفة وأهمها إجازات في القراءات وعلوم القرآن والتفسير.. لكنه جرى العرف أن أي أحد له علاقة بالدين يكون إخوانيا أو سلفيا أو صوفيا.

* البعض تحدث عن مضايقات يتعرض لها الأعضاء غير المنتمين للأحزاب الإسلامية في البرلمان.. أي نوع من المضايقات تتعرضون لها؟

- نتعرض في المناقشات لحالة تهجم وتحفز شديدة، فعندما نصر على الحديث يعتبرون ذلك ندية، وفي الكواليس هناك إقصاء، كثير من أفكارنا يتم إجهاضها قبل أن تخرج للنور، الأمر ببساطة أنهم أغلبية مسيطرة وليست مشاركة.. هم معهم أغلبية وشرعية التصويت.

* بوصفك نائب رئيس حزب ليبرالي.. ما أبرز المشاكل التي يعاني منها التيار الليبرالي في مصر؟

- أبرزها أنه لم يأخذ وقتا كافيا للتعريف بنفسه، بالإضافة إلا أن عددا كبيرا من الليبراليين خطابهم فيما يخص الدين أحيانا يكون صادما وغير متناغم مع المجتمع المصري.. أعتقد أن البعض بحاجة إلى إعادة النظر في الخطاب السياسي فيما يخص الدين.

* وهل لعب نجيب ساويرس (مؤسس حزب المصريين الأحرار) دورا سلبيا في الأمر؟

- بعض أحاديثه أسيء استخدامها، ولعبت دورا في ذلك، ولكن لولا ساويرس وتدعيمه للحزب بتبرعات مباشرة منه لما كان هناك «المصريون الأحرار» ولما كان هناك الكتلة المصرية.

* لكن تلك النقطة تحديدا أثارت الكثير من المشاكل؟

- نجيب ساويرس رجل وطني، ويقول أفكاره علنية ليلا ونهارا، وماله وطني وخاضع للجهاز المركزي للمحاسبات ومصلحة الضرائب، المشكلة فيمن لا يعلن مصادر تمويله ويعمل بأموال غير مصرية.

* مثل من؟

- الإخوان والسلفيون.

* وضع الإخوان القانوني يثير مشاكل.. كيف ترى تلك المعضلة؟

- أنوي تقديم بيان عاجل قريبا فيما يخص تقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين.

* لكنك بذلك تفتح باب الحرب ضد الإخوان في البرلمان؟

- عليهم أن يفعلوا ما يريدون.. أعلم أنها ستكون حربا لكنها ستنتهي بأن يعرف الشعب أن الإخوان مصممون على أن يكونوا سريين ويعملوا تحت الأرض.

* بذكر الحروب والمعارك.. كيف ترى معترك الجمعية التأسيسية للدستور؟

- أراها جمعية تشمل كل المصريين دون التقيد بأغلبية البرلمان، تشمل كل المصريين من حيث الدين والإقليم والمهنة والنقابات بل حتى الأميين.. أرفض تماما أن يسيطر عليها فصيل واحد.

* هل تؤمن بأن المجلس العسكري سيسلم السلطة فعلا في شهر يونيو (حزيران) المقبل؟

- لا بد أن يسلم السلطة لأن الشعب يريد ذلك.. ولو قاوم الجيش ذلك أعتقد أن الشعب سينزل بالملايين مثلما فعل من قبل.