عبد الجليل: سيف الإسلام سينقل إلى سجن في طرابلس خلال شهرين

النيجر تضع الساعدي القذافي قيد الإقامة الجبرية وتمنعه من الاتصالات الهاتفية

مصطفى عبد الجليل
TT

قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل أمس، إن سيف الإسلام بن معمر القذافي سينقل إلى سجن في طرابلس خلال شهرين على أن يمثل بعد ذلك للمحاكمة. وبعد ثلاثة أشهر على اعتقاله في صحراء ليبيا متنكرا في ملابس بدوي لا يزال سيف الإسلام محتجزا في موقع سري في بلدة الزنتان بشمال غربي ليبيا، الأمر الذي يعكس مشكلة أوسع نطاقا في ليبيا تتمثل في وجود ميليشيات محلية قوية وحكومة مركزية ضعيفة.

وقال عبد الجليل في مقابلة أجرتها معه «رويترز» إن السلطات في ليبيا تكمل تشييد بناء سجن في وسط طرابلس، بدأ العمل فيه في عهد معمر القذافي، والذي سينقل إليه سيف الإسلام.

وقال عبد الجليل إن سيف الإسلام يخضع حاليا للاستجواب وإن محاكمته ستبدأ بمجرد تجهيز السجن. وأضاف رئيس المجلس الوطني الانتقالي أنه لا يستطيع أن يعطي موعدا محددا بخصوص أسابيع أو شهور، لكن الأمر لن يستغرق أكثر من شهرين لنقل سيف الإسلام للسجن.

ويقول قادة عسكريون في الزنتان إنهم يحتجزون سيف الإسلام في بلدتهم الجبلية النائية بدلا من تسليمه للمجلس الوطني الانتقالي في طرابلس حتى لا يتعرض لنفس مصير والده. وكان ينظر إلى سيف الإسلام الذي يتحدث الإنجليزية ودرس في كلية لندن للاقتصاد على أنه الوجه المقبول لدى الغرب في ليبيا قبل أن يتحول من إصلاحي ليبرالي إلى شخصية رئيسية في معركة والده ضد المعارضين الذين سعوا للإطاحة به.

ويواجه سيف الإسلام المحاكمة في طرابلس بتهم القتل والاغتصاب وقد يحكم عليه بالإعدام إذا أدين. وكانت المحكمة الجنائية الدولية اتهمت سيف الإسلام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لكن ليبيا تقول إنه سيحاكم في بلده. وقال عبد الجليل إن سيف الإسلام سيواجه محاكمة عادلة، وكذلك جميع المتهمين في هذا الشأن.

وتقود حكومة انتقالية عينت في نوفمبر (تشرين الثاني) البلاد حتى إجراء انتخابات في يونيو (حزيران)، لكنها تواجه صعوبات لاستعادة الخدمات وفرض النظام على عدد كبير من الجماعات المسلحة التي أطاحت بالقذافي بعد 42 عاما في السلطة. وما زال شبح أبناء القذافي يخيم على ليبيا.

وقال عبد الجليل إن النيجر صادرت جميع أجهزة الاتصال الخاصة بالساعدي شقيق سيف الإسلام بعد أن حذر من انتفاضة قادمة في ليبيا من قبل المعارضين للسلطات الحاكمة الآن في طرابلس.

وكان الساعدي الذي فر إلى النيجر في سبتمبر (أيلول)، قال لتلفزيون قناة «العربية» عبر الهاتف يوم الجمعة، إنه على اتصال دائم بأشخاص في ليبيا غير راضين عن السلطات التي تولت مقاليد الحكم في البلاد بعد الإطاحة بوالده وقتله.

ودفع ذلك ليبيا إلى مطالبة النيجر يوم السبت الماضي بتسليم الساعدي قائلة إن تصريحاته تهدد العلاقات الثنائية بين البلدين. لكن النيجر قالت إنها لن تسلم الساعدي لأنه سيواجه الإعدام في ليبيا.

وقال عبد الجليل إن وزير خارجية النيجر ورئيس وزرائها هما اللذان بادرا بالاتصال بنظيريهما في ليبيا وعبرا عن اعتذارهما لما حدث. وأضاف أنه يستطيع أن يؤكد أن حكوم النيجر اتخذت جميع الإجراءات والخطوات لمصادرة كل أجهزة الاتصال التي كانت بحوزة الساعدي. ووافقت حكومة ليبيا الانتقالية العام الماضي على طلب بفتح تحقيق حول دور الساعدي في مقتل لاعب كرة قدم لعب للفريق الوطني في الثمانينات.

وقال عبد الجليل إن المدعي العام أرسل بالفعل طلبا لتسليم الساعدي إلى ليبيا في ضوء الجريمة التي ارتكبها في مجال الرياضة في ليبيا. وأضاف أنه سيتم اتباع الإجراءات القانونية والجزائية في هذا الصدد.

وقال الدكتور محمد الحريزي الناطق باسم المجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة في ليبيا، إن الإجراءات التي اتخذتها حكومة النيجر جاءت استجابة للاتصال الهاتفي الذي أجراه قبل يومين المستشار مصطفى عبد الجليل مع محمد يوسف رئيس النيجر بهذا الشأن.

وأشاد الحريزي بإقدام السلطات النيجرية على اتخاذ هذه الخطوة، داعيا إياها إلى الاستجابة لطلب المجلس الانتقالي والثوار الليبيين، بتسليم الساعدي المتهم، على حد قوله، بجرائم قتل بحق الليبيين ومحاولة إجهاض ثورة 17 فبراير (شباط) من العام الماضي منذ بداياتها في مدينة بنغازي ثاني كبريات المدن الليبية.

واعتبر الحريزي أن نجل القذافي استغل أراضي النيجر التي منحته حق اللجوء الإنساني، «في القيام بأعمال عدوانية من أراضيها تجاه الشعب الليبي وثورته المجيدة».

وكان عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي قد اتصل هاتفيا برئيس النيجر الذي يزور فرنسا حاليا، حيث أبلغه، وفقا لمصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط»، احتجاج السلطات الجديدة في ليبيا على السماح للساعدي باستعمال الأراضي النيجرية لإثارة الفتن، وطلب منه العمل على تسليم الساعدي للسلطات حفاظا على العلاقات الودية بين البلديين. وقالت المصادر إن حكومة النيجر اعتذرت رسميا للجانب الليبي، فيما نقلت عن رئيس النيجر تأكيده لعبد الجليل أن هذا الموضوع لن يمر بسهولة وسوف تتخذ الإجراءات الصارمة والرادعة وستحاط وسائل الإعلام علما بها.

وكان وزير خارجية النيجر قد أعرب في اتصال هاتفي أجراه صباح السبت الماضي مع نظيره الليبي عاشور بن خيال عن أسفه واعتذاره للحكومة والشعب الليبي، مؤكدا أنه يود أن يطمئن الجانب الليبي بأن مطالبه سوف يستجاب لها وفق القوانين والأعراف المسموح بها، وأن الاتصالات سوف تكون مفتوحة بين الجانبين في هذا الخصوص.

وتظاهر عشرات الأشخاص أمام مقر سفارة النيجر في طرابلس وكتبوا على جدرانها شعارات تطالب بتسليم الساعدي القذافي، كما هتفوا مطالبين بقطع العلاقات مع النيجر وطرد رعاياها من ليبيا.

وكان الساعدي نجل القذافي قد توقع في تصريحات له عبر قناة «العربية» الفضائية اندلاع انتفاضة جديدة في ليبيا، مشيرا إلى أنه على اتصال من النيجر بالجيش والميليشيات والمجلس الوطني الانتقالي وأفراد آخرين من عائلة القذافي.

إلى ذلك، أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل بعد ترؤسه اجتماعا للمجلس الوطني الانتقالي في العاصمة الليبية طرابلس، عن تشكيل هيئة المصالحة والعدالة الانتقالية وإصدار قانون بها، مشيرا إلى أن الهيئة التي ستشرف على هذا القانون ضمت أحد عشر عضوا من صفوة رجال القضاء المتقاعدين.

وأوضح عبد الجليل أنه تم أيضا إصدار قانون العفو الذي يشمل بعض الجرائم التي ارتكبت قبل الثورة الشعبية ضد القذافي، عقب تحطيم السجون وإحراقها من قبل نظام ومسؤولي حكم القذافي وإطلاق كل المحكوم عليهم والموقوفين، لافتا إلى أن العفو سيشمل هؤلاء المحكوم عليهم والموقوفين الذين شاركوا في معركة التحرير. وأضاف عبد الجليل: «هذا العفو لن يشمل الجرائم المتعلقة بالقتل والإيذاء والخطف والتعذيب والاغتصاب وجرائم الأموال الخاصة والأموال العامة، كل ذلك لن يشمله هذا القانون، لأن هذا القانون سيكون شاملا للعفو في نطاق ضيق من الجرائم المرتكبة مثل جرائم المخدرات والخمر والجرائم التي ليست لها علاقة بالحقوق الشخصية».

كما أعرب عبد الجليل من جهة أخرى، عن أمله في أن تحقق المفوضية الوطنية العليا لانتخابات المؤتمر الوطني تطلعات الشعب الليبي المرجوة منها في إنجاح العملية الانتخابية المرتقبة قبل منتصف العام الحالي.

وقال عبد الجليل، وفقا لما بثته وكالة الأنباء الليبية، عقب أداء رئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا لانتخابات المؤتمر الوطني اليمين القانونية: «نود أن نطمئن الشعب الليبي بأننا حريصون جدا على إنجاح العملية الانتخابية التي نراها أساسا ركينا لمستقبل ليبيا».

وتابع: «أتوجه إلى إخوتي وزملائي رفاق هذا الدرب الصعب من المجلس بأن يكونوا في مستوى الحدث وأن يتنزهوا على أي نزاعات عرقية أو جهوية لأن هذه المرحلة مرحلة صعبة جدا».

واعتبر عبد الجليل أنه يجب أن تتكاتف جهود الجميع بما يحقق مصالح الشعب الليبي، متمنيا على أعضاء المجلس الوطني الانتقالي أن يكونوا على مستوى المسؤولية.

وأدى الدكتور عثمان أبو بكر قاجيجي رئيس المفوضية الوطنية العليا لانتخابات المؤتمر الوطني، وأعضاؤها، بطرابلس أمس اليمين القانونية أمام المستشار عبد الجليل وأعضاء المجلس قبل مباشرة مهام المفوضية.