بورسعيد المصرية يضربها الكساد ويقاطعها القاهريون.. والجيش يرسل مساعدات غذائية

تقرير مبدئي لـ«تقصي الحقائق»: الأمن المسؤول الأول عن وقوع «مجزرة» المشجعين بالمدينة

حافلة نقل عمومي بالقاهرة ما بين منطقتي الدراسة وبولاق الدكرور وأمامها مواطن مصري يبيع قمصان مزدانة بشعارات الثورة المصرية في وسط العاصمة المصرية أمس (رويترز)
TT

تعيش محافظة بورسعيد المصرية حالة ركود تجاري وارتفاع لأسعار السلع، منذ الأحداث الدامية لمباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري بداية هذا الشهر، التي أسفرت عن مقتل 74 مشجعا للناديين ومئات المصابين. وأرسل الجيش مساعدات غذائية. وحمّلت لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في تقريرها المبدئي مسؤولية الأحداث لكل من جهاز الأمن، واتحاد كرة القدم والنادي المصري وهيئة استاد بورسعيد، بينما استمعت النيابة إلى رئيس اتحاد الكرة المصري السابق، سمير زاهر، ضمن التحقيقات في القضية التي أثارت جدلا كبيرا في مصر.

وتعبر مدينة بورسعيد الوحيدة التي تعامل كـ«مدينة حرة» بمصر ويحق لها استيراد السلع من دون تحصيل رسوم جمركية، إلا أن حالة الركود التجاري ازدادت فيها ووصلت إلى مرحلة الكساد. فالمدينة التي يقصدها الآلاف أسبوعيا من مختلف المحافظات، خاصة القاهرة، في شكل رحلات أسبوعية يومي الأحد والجمعة فقدت كل المشترين منذ أحداث المباراة خوفا من الحالة الأمنية، والبعض يرى أنها مقاطعة لبضائع المحافظة التي تقع عند المدخل الشمالي لقناة السويس.

ويقول السيد مختار الذي كان يقف أمام متجره لبيع الملابس الجاهزة «لم يدخل جيبي جنيه واحد منذ المباراة، البيع يكاد يكون متوقفا، جميع الزبائن من المحافظات الأخرى يخشون من القدوم إلى بورسعيد». ويعمل معظم أهالي بورسعيد في التجارة، خاصة السلع المستوردة القادمة من مختلف الدول وتباع في بورسعيد من دون رسوم جمركية، فيما التحق عدد آخر منهم بالعمل في عدد المشاريع من الصناعية الموجودة بالمدينة بعد صدور قرارات بتصفية المنطقة الحرة على عدة مراحل منذ سنوات.

وخلت أسواق المدينة بالشوارع التجارية الرئيسية التجاري والحميدي والثلاثيني من المشترين، وانشغلت معظم المتاجر بترتيب صفوف البضائع المكدسة. ويقول عادل محمد، وهو تاجر، إن المدينة تعاني من ركود منذ فترة، وزاد الركود عقب الثورة، ولكن الآن حركة البيع والشراء توقفت وأصبحت البضائع مكدسة، جميع التجار لديهم التزامات مالية لا يستطيعون الوفاء بها أو حتى تدابير مصاريفهم اليومية بعد توقف الحركة قبل نحو أسبوعين.

ويقول عاطف العطوي رئيس الجهاز التنفيذي ببورسعيد إن الحالة التجارية بالمدينة في تراجع مستمر بسبب عدم وجود الزائرين من المصريين، وأيضا تراجع أعداد السائحين الأجانب الذين كانوا يزورن المدينة عن طريق البواخر السياحية التي كانت ترسو بميناء بورسعيد والتي انخفضت أعدادها منذ ثورة «25 يناير».

ويضيف أن الآلاف من تجار بورسعيد مهددون بالإفلاس إذا استمر الوضع كما هو لعدة شهور مقبلة، مشيرا إلى أن الوضع الأمني ببورسعيد هادئ تماما ولا يوجد أي مبرر لمخاوف المواطنين. وتعاني المدينة أيضا من اختفاء عدد من السلع التموينية بعد إحجام التجار عن نقل البضائع إلى بورسعيد، وداخل الأسواق زادت بعض أسعار الخضر والفاكهة بسبب قلة المعروض عقب أحداث المباراة.

وتقول أماني إبراهيم، وهي ربة منزل، إن «الأسعار مرتفعة جدا داخل السوق، هناك إشاعات كثيرة حول قتل أي سائق من بورسعيد يتوجه لسوق العبور مما أدى إلى عدم وصول الخصر وقلتها». ووصلت إلى مطار بورسعيد أمس طائرة محملة بالمواد الغذائية صدق المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على إرسالها إلى المحافظة لتضرر الأهالي هناك اقتصاديا في أعقاب أحداث استاد بورسعيد الدامية.

ويقول اللواء سامح رضوان مدير أمن بورسعيد إن الأوضاع الأمنية طبيعية بالمدينة، وإن هناك بعض المخاوف لدى البعض عقب المباراة لها تأثير كبير على حركة البيع والشراء. ويقول سائقون ببورسعيد إنهم تلقوا معاملة سيئة من جانب السائقين في مواقف المحافظات واعتدوا على سياراتهم، مما أدى إلى توقفهم تماما عن السفر إلى بعض المحافظات.

وعلى صعيد متصل بالقضية بدأ المستشار مجدي الديب المحامي العام الأول لنيابات الإسماعيلية الاستماع لأقوال زاهر، حيث وصل إلى مجمع محاكم الإسماعيلية بعد ظهر أمس وسط حراسة أمنية مشددة لمنع الإعلاميين من الاقتراب منه.

وكانت نيابة استئناف الإسماعيلية استمعت على مدار الأيام الأربعة الماضية لأقوال 12 من الشهود، من بينهم فريق التحكيم لمباراة الأهلي والمصري، ومنهم الحكم الدولي فهيم عمر، إضافة إلى سيد عبد الحفيظ مدير الكرة بالنادي الأهلي و9 من مشجعي النادي الأهلي (الألتراس) في القضية.

وقالت مصادر في مجلس الشعب إن لجنة التقصي البرلمانية حملت المسؤولية الأكبر في تقريرها المبدئي بشأن أحداث بورسعيد لجهاز الأمن، ثم الاتحاد المصري لكرة القدم، ونادي المصري، وهيئة استاد بورسعيد، مشيرة إلى أن التقرير يقع في 17 صفحة، وجاء فيه أن مسؤولية الأمن تتمثل في تسهيل وتيسير وتمكين وقوع الأحداث بالشكل الذي أدى لسقوط قتلى وجرحى.