إخوان مصر يتصدون لعراقيل تواجه عزمهم على تشكيل حكومة ائتلاف وطني

نوابهم قدموا للبرلمان مشروع قانون يمهد لتولي «الشاطر» رئاسة الوزراء

خيرت الشاطر
TT

تتشكل في مصر بوادر أزمة سياسية جديدة بين المجلس العسكري الحاكم في البلاد، وجماعة الإخوان المسلمين، على خلفية إصرار الإخوان على تذليل عقبات دستورية وسياسية تواجه عزمهم تشكيل حكومة ائتلاف وطني، تخلف وزارة الدكتور كمال الجنزوري التي تحوز ثقة المجلس العسكري.

وفور إعلان الإخوان العزم على «تشكيل حكومة» قبل يومين، بادر مصدر عسكري مسؤول بالرد في حسم، قائلا إن حكومة الجنزوري مستمرة في أداء عملها لحين تسليم السلطة، المقرر له نهاية يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما يثير علامات استفهام لدى المراقبين حول الطريقة التي يمكن أن تنتهجها جماعة الإخوان التي تحظى داخليا بدعم شعبي واسع، وسعت منذ قيام الثورة للانفتاح على القوى الرئيسية التي يعتقد أنها فاعلة في أي ترتيبات بمصر وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

وقام الجيش منذ توليه السلطة بتعليق العمل بدستور البلاد، ويعمل حاليا وفقا لمواد دستورية مؤقتة، لكن صلاحيات البرلمان فيها غير واضحة. ويشير المراقبون إلى أن غموض الإعلان الدستوري بشأن صلاحيات البرلمان في سحب الثقة من الحكومة أثار جدلا، خاصة بعد بدء عمل البرلمان الجديد منذ أسبوعين. ففي حين أكدت قيادات المجلس العسكري أن البرلمان لا يملك سحب الثقة من الحكومة، قال الدكتور وحيد عبد المجيد النائب في البرلمان المصري لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الناحية الدستورية يمكن للبرلمان الدخول في معركة إذا ما كانت هناك ضرورة، حيث ينص الإعلان الدستوري على أن المجلس (البرلمان) يملك الرقابة على الحكومة، والرقابة تبدأ من توجيه سؤال للوزير وحتى سحب الثقة منه قولا واحدا».

وتابع عبد المجيد: «أما عن رئيس الوزراء، فإن المجلس يملك حق إصدار (تقرير مسؤولية) عن أداء رئيس الحكومة ليقترع عليه النواب، ثم يرفع التقرير للمجلس العسكري الذي قد يرده للبرلمان وهو ما قد يدفعنا لطرح الأمر على الشعب.. وفي كل الأحوال ستصبح الحكومة مشلولة لو لم تحز ثقة المجلس (البرلمان)».

وأعربت عدة قيادات معارضة بارزة في البرلمان المصري لـ«الشرق الأوسط» عن «ترحيبها باستعداد الإخوان لتشكيل الحكومة»، لكن تصريحات نقلتها وكالة الأنباء المصرية الرسمية على لسان مصدر عسكري مسؤول لم تسمه عكست عدم ترحيب المجلس العسكري بالمبادرة الإخوانية.

وأكد المجلس العسكري أكثر من مرة أنه لن يتراجع عن خارطة الطريق التي سبق وأعلنها، وتقضي بأن يتسلم الرئيس المنتخب مهام عمله في مطلع يوليو (تموز) المقبل، وهو الأمر الذي ترفضه قوى سياسية، وتطالب بتبكير موعد تسليم السلطة للمدنيين، عبر مظاهرات ودعوات للإضراب والعصيان المدني. ويقول سياسيون إن تشكيل حكومة ائتلافية بقيادة الأكثرية البرلمانية (حزب الحرية والعدالة الإخواني) ربما يساهم في تهدئة الأجواء ويضمن «التخلص من قبضة المجلس العسكري على السلطة التنفيذية».

ورغم موقف المجلس العسكري المتمسك بحكومة الجنزوري، لا تزال هناك مؤشرات على تصميم الإخوان على وضع مبادرتهم بشأن تشكيلهم الحكومة موضع التنفيذ. ودفع نواب الإخوان بمشروع قانون إلغاء إحالة المدنيين للقضاء العسكري منذ الثلاثاء الماضي، ويتضمن القانون المقترح تعديل المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية بحيث يتم إلغاء الأحكام الصادرة بحق المدنيين، وهو ما فسره معلقون بأنه تمهيد الأرض قانونيا أمام نائب مرشد الإخوان، خيرت الشاطر، لتولي رئاسة الوزراء. و«الشاطر» رجل أعمال وله مكانة بارزة داخل الجماعة التي تقول إنه «عاكف على خطة للنهوض بمصر».

وأدين الشاطر في قضية نظرت أمام محكمة عسكرية، وعرفت إعلاميا بقضية «ميليشيات الأزهر»، وخرج بعفو صحي. ووفقا للقانون المصري يحول هذا الحكم دون توليه منصبا رسميا لست سنوات. وأوضح مصدر في الجماعة أن مشروع القانون الخاص بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري سيعرض على لجنة التشريع في البرلمان الأسبوع الحالي.

وقال محامي جماعة الإخوان عبد المنعم عبد المقصود لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مسارا آخر لتفادي الموقف القانوني لـ«الشاطر»، وهو أن يصدر قرار بالعفو من المجلس العسكري، الذي يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية.. «استنادا للمادة 74 من قانون العقوبات».

ويشكك مراقبون في قدرة الإخوان على تشكيل حكومة ائتلافية، قائلين إن الأزمة التي تبدت في تشكيل اللجان النوعية في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) مرشحة للتكرار في توزيع الحقائب الوزارية، وهو ما قد يعرقل فرص مبادرة الإخوان، خاصة في ظل عدم ترحيب المجلس العسكري بهذه الخطوة.