حرب شوارع بالمولوتوف والأسلحة النارية بين قبيلتين بقنا

شلت الحياة بالمدينة واستدعت تدخل الجيش لعودة الهدوء إليها

TT

شهدت مدينة قنا بصعيد مصر اشتباكات عنيفة بين قبيلتي «الأشراف» و«الحميدات»، أدت إلى نشوب حرب شوارع بين أبناء القبيلتين بمختلف أنحاء المدينة، استخدمت فيها زجاجات المولوتوف والأسلحة النارية بكافة أشكالها وأنواعها، مما أدى إلى توقف الحياة تماما بالمدينة وإصابة 13 فردا بينهم إصابات خطيرة. وتم تحطيم 9 محلات تجارية وإشعال النيران فيها، ولم تهدأ الاشتباكات التي استمرت لأكثر من 7 ساعات إلا بعد تدخل الأمن وقوات الجيش وإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق أبناء القبيلتين.

وقام الجيش بنشر قواته في الكثير من الأماكن التي تربط بين أطراف النزاع، لحماية الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة وتأمين الطرق والمحاور الرئيسية، وخاصة بعد تزايد عمليات سرقة المحال التجارية بشوارع المدينة. كما قامت قوات من الشرطة والجيش بالفصل بين القبيلتين لمنع أي احتكاكات بينهم. وعلى الرغم من إحكام الأمن سيطرته على مدينة قنا في اليوم الثاني، فإن جميع البنوك والمحلات التجارية بالمدينة أغلقت أبوابها خوفا من تجدد الاشتباكات، واستغلال البلطجية واللصوص للأحداث وقيامهم بأعمال سلب ونهب لهذه المنشآت. كما قامت المدارس الواقعة بنطاق مدينة قنا بإغلاق أبوابها وتحذير الطلاب وأولياء أمورهم حرصا على حياة الطلاب من طلقات النيران التي تواصلت حتى صباح أمس. كما شهدت المؤسسات الحكومية بقنا غياب أعداد كبيرة من الموظفين عن أعمالهم خوفا من قيام أفراد القبائل الأخرى باختطافهم أو القيام بأعمال انتقامية ضدهم.

وتمكنت قوات الشرطة صباح أمس من إلقاء القبض على 12 شخصا من أبناء قبيلتي الحميدات والأشراف وبحوزتهم بنادق آلية وعدد من الطلقات. وقررت النيابة العامة بقنا حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد توجيه 3 اتهامات رئيسية لهم، تضمنت تهم مقاومة السلطات وإتلاف المال العام والشروع في قتل المصابين.

وبينما تجوب العربات المدرعة وناقلات الجند المدينة التي بدت خاوية على عروشها، استمرت محاولات الصلح التي ترعاها السلطات المحلية بالمحافظة بين العائلتين الكبيرتين، عن طريق الاجتماع مع قيادات ورموز العائلتين المتنازعتين من أجل إخماد الفتنة والسيطرة على الاشتباكات. وساد المدينة هدوء حذر، يتخلله سماع دوي إطلاق النيران التي يتردد صداها في جو المدينة المكتوم. ويقول طه محجوب، من قبيلة الحميدات، «السلاح ضروري لحماية أنفسنا.. وهذه الحوادث تقع وكل طرف يريد أن يأخذ حقه».

ومن جانبه، عقد محافظ قنا بمساعدة الأجهزة الأمنية والقيادات الشعبية بالمحافظة جلسة للاتفاق على الصلح وإنهاء حالة الاحتقان بين الطرفين.. وقد نشبت الاشتباكات بعد مشاجرة بين سائقي سيارات سرفيس لخلافهم على أسبقية المرور، ثم تطورت بعد انضمام عائلات كل طرف منهما إلى النزاع.

ويعتبر السلاح لدى أهالي الجنوب في مصر ذا قيمة معنوية كبيرة تعبر عن هيبة ومكانة العائلة، بالإضافة إلى المساعدة في حفظ الديار والأملاك، خاصة أن كثيرا من المناطق بجنوب مصر متطرفة ونائية تغل فيها يد الدولة، مما يظهر الحاجة الماسة للسلاح للدفاع عن النفس والأملاك.. إلا أن هذا الانتشار الذي يبدو حميدا في جزء منه لحماية الأرواح، يتحول بين ليلة وضحاها إلى مصدر للإزعاج وربما لإزهاق الأرواح، خاصة مع الخلافات التي تنشب بين العائلات المختلفة بسبب حوادث الثأر، فضلا عن حوادث بسيطة أخرى تندلع على أثرها حرب محدودة بين عائلتين أو أكثر ولا يكون للدولة دور فيها إلا محاولة التهدئة والصلح بين المتنازعين.

وعلى محطة السكك الحديدية تجمع فوج سياحي مستقلا أول قطار متجها للقاهرة؛ قاطعين في ما يبدو رحلتهم السياحية إلى المدينة التي تشتهر بالآثار الفرعونية القديمة، وقربها الشديد من مدينة الأقصر المقصد السياحي الشتوي في مصر.