رئيس تحرير صحيفة «ذي صن» يتهم الشرطة «بالتصيد» وتقويض حرية الصحافة

بعد اعتقال 5 من زملائه على خلفية قضية التنصت

TT

شن أمس رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «ذي صن»، الأوسع انتشارا في الصحافة المكتوبة البريطانية والتي يملكها إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، هجوما ضد الشرطة البريطانية والتحقيقات الجارية بخصوص فضيحة التنصت على خلفية الاعتقالات الأخيرة بحق مجموعة من الصحافيين العاملين في الصحيفة.

ووصف تريفر كفانا في مقال في الصحيفة ما قامت به الشرطة من اعتقالات بأنه «حملة تصيد» ضد العاملين في الصحيفة، وهو ما يهدد «الأسس التي بني عليها مفهوم حرية الصحافة». وجاء هجوم تريفر كفانا الصحافي المخضرم بعد الاعتقالات التي قامت بها الشرطة البريطانية يوم السبت الماضي بحق 5 من العاملين في صحيفة «ذي صن» إضافة إلى شرطي وعسكري وموظفة في وزارة الدفاع البريطانية وذلك في إطار التحقيق حول رشاوى دفعت إلى الشرطة ومسؤولين في الإدارة على هامش فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية. وأوقف 5 رجال تتراوح أعمارهم بين 45 و68 عاما من منازلهم في لندن وضواحيها للاشتباه في حصولهم على رشاوى كما أعلنت اسكوتلنديارد في بيان دون أن تحدد هوياتهم. كما اعتقل شرطي في التاسعة والثلاثين وموظفة في العمر نفسه تعمل في وزارة الدفاع.

وأعلنت مجموعة «نيوز كوربوريشن» التي يملكها رجل الإعلام روبرت مردوخ وتمتلك صحيفة «ذي صن» الشعبية أن 5 من هؤلاء الثمانية هم من «العاملين في الصحيفة».

واستنادا إلى قناة «سكاي نيوز» فإن الخمسة من كبار العاملين في إدارة تحرير الصحيفة ومن بينهم مساعد لمدير التحرير ورئيس قسم التحقيقات. ورفضت وزارة الدفاع الإدلاء بأي تعليق «بشأن التحريات الجارية».

وقامت الشرطة التي تحقق في «مدفوعات غير مشروعة لرجال شرطة وموظفين في الإدارة» من قبل صحافيين مقابل الحصول على معلومات، بتفتيش منازل المعتقلين ومكاتبهم استنادا إلى معلومات قدمتها مجموعة «نيوز كوربوريشن».

ومن هنا يرى بعض المعلقين بأن هجوم رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة لم يكن موجها فقط ضد الشرطة والمؤسسة السياسية وإنما ضد بعض التنفيذيين الكبار العاملين في الصحيفة وربما ضد مردوخ نفسه، الذي من المتوقع أن يحضر إلى بريطانيا قريبا. وهناك تكهنات بأن السبب وراء قدومه هو التداعيات الأخيرة والتي قد تطول الشركة الأم «نيوز كوربوريشن» في الولايات المتحدة والمدرجة على بورصة نيويورك. وجاءت اعتقالات السبت نتيجة معلومات من لجنة الإدارة والمعايير التابعة لـ«نيوزكورب» وهي مجموعة لتقصي الحقائق أنشأتها الشركة في محاولة لإنقاذ سمعتها المتضررة. وقد يؤدي عمل اللجنة إلى الكشف عن المزيد من الأشياء عن صحافيين قدموا رشى للشرطة وهو ما قد يدعو إلى نداءات لإغلاق الصحيفة.

وكانت قد ذكرت تقارير سابقة أن مردوخ قد يتخلص من صحيفة «ذي صن» مثلما عمل مع صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي أغلقت أبوابها وتوقفت عن الصدور بعد 168 سنة من النشر على خلفية فضيحة التنصت المتهم بها بعض العاملين.

الشرطة الأميركية قد تفتح تحقيقا في قضية الرشوة كون الصحيفة تملكها «نيوز كوربوريشن» من خلال ذراعها البريطانية «نيوز إنترناشيونال» التي تملك أيضا «ذي تايمز» و«صنداي تايمز». إلا أن «نيوز كوربوريشن» نفت أول من أمس أن قدوم مردوخ كان بسبب الاعتقالات الأخيرة، وأن رحلته إلى لندن كانت قد قررت سابقا.

وقال كفانا: «وبدلا من استدعاء الصحافيين للمساءلة من قبل الشرطة فقد تم مداهمة بيوت 30 صحافيا في الصباح الباكر وجرهم من فراشهم. وتم تفتيش بيوتهم خلال تواجدهم في محطات الشرطة».

وأضاف كفانا في مقاله مع عنوان بخط كبير «هذا التصيد جعل وضعنا أسوأ مما كان عليه الاتحاد السوفياتي بخصوص حرية الصحافة».

وأوضحت المجموعة في بيان أن «(نيوز كوربوريشن) عازمة على الحيلولة دون تكرار الممارسات غير المقبولة التي جرت في السابق من قبل بعض الأفراد للحصول على معلومات».

وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي اعتقلت الشرطة 4 صحافيين سابقين في صحيفة «ذي صن» ورجل شرطة في إطار التحقيق نفسه.

وتجرى هذه التحريات عن المتهمين في قضايا فساد تحت اسم «أوبريشن الفيدين» بالتوازي مع التحقيقات الخاصة بعمليات التنصت والتي أطلق عليها «أوبريشن ويتينغ». واستنادا إلى الشرطة فإن «نيوز أوف ذي وورلد» تنصتت على مكالمات آلاف من الناس في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بينهم شخصيات بارزة وأفراد في العائلة المالكة أو أشخاص في قلب الحدث.

وبعد الاعتقالات صرح رئيس تحرير صحيفة «ذي صن دومينيك موهان» في بيان «أنا مصدوم للغاية مثل أي شخص للاعتقالات التي جرت اليوم لكنني مصمم على قيادة الـ(صن) عبر هذه الظروف الصعبة. عندي طاقم رائع من العاملين ولدينا مهمة تتمثل في خدمة قرائنا وسنواصل القيام بها. تركيزنا الآن على إصدار عدد الاثنين من الصحيفة». وكانت قد أعلنت مجموعة «نيوز كورب» مؤخرا زيادة أرباحها في الربع الثاني من العام المالي الحالي بنسبة 65% عن الفترة نفسها من العام السابق بفضل الأداء القوي لقنواتها التلفزيونية وأفلامها السينمائية. وذكرت الشركة التي تملك شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية وشركة «فوكس القرن العشرين» للإنتاج السينمائي وصحيفة «وول ستريت جورنال» الاقتصادية أن إيراداتها خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي قد زادت بنسبة 2% إلى 98.‏8 مليار دولار. وقال مردوخ رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي للشركة: إن النمو القوي للأرباح في الربع الثاني وبخاصة في قطاعات البرامج التلفزيونية وإنتاج الأفلام يؤكد بوضوح نجاح الاستراتيجية الراهنة لإنتاج وتوزيع محتوى عالي المستوى وشديد التنوع.

كما استفادت أرباح الإمبراطورية الإعلامية من المبيعات القوية لأحدث أفلامها على أقراص الفيديو الرقمية (دي في دي) مثل الرجال إكس: الفئة الأولى، في الوقت الذي حققت فيه أيضا البرامج التلفزيونية مثل إكس فاكتور وذي نيو جيرل نجاحا كبيرا.

لكن فضيحة التنصت قد أثرت سلبا على إمبراطورية مردوخ الإعلامية، وإضافة إلى إغلاق «نيوز أوف ذي وورلد»، فقد خسر مردوخ صفقة تلفزيون «بي سكاي بي». وكان يحاول الاستحواذ على باقي أسهم الشركة. وكان يملك 61% من أسهمها وأراد شراء 31%، لكن اندلاع الفضيحة أجبرته على التخلي عن الصفقة. كما أن اللجنة التي شكلتها الحكومة للنظر بأخلاقيات الصحافة ما زالت تقوم باستجواب من له علاقة بالموضوع من صحافيين وسياسيين ورجال شرطة وضحايا التنصت أنفسهم وقد تزيد من متاعب إمبراطورية مردوخ والمؤسسة السياسة البريطانية التي انتقدت على تواطؤها من صحافة التابلويد لأسباب انتهازية انتخابية.